وتخلص الورقة إلى أن إيران اليوم قد تعني شريكًا استراتيجيًّا لروسيا، تقدم لها الدعم في الشرق الأوسط فيما تتلقى منها دعمًا مقابلًا في القوقاز وآسيا الوسطى، وهو الهدف الذي وضعه صانع السياسة الإيراني عندما قرر رفع مستوى العلاقات مع روسيا. لكن الحديث عن حلف استراتيجي بالمعنى السياسي يصطدم بمعوقات جيوسياسة، ويحول دونه عقبات كثيرة في الاقتصاد والسياسة، فضلًا عن الإرث التاريخي وحالة طويلة من انعدام الثقة.
وأيًّا يكن من شأن هذه الشراكة فإن حدوثها في هذا المقطع الزمني يعني أن شكل ومستقبل المنطقة لن يكون بعيدًا عن مقتضيات هذه الشراكة.
هل سيأتي هذا التغيير ليصنع حلفًا استراتيجيًّا أم أن العلاقات لن تتجاوز مستوى الشراكة الاستراتيجية المحدودة في أحسن الأحوال أو ربما هي أدنى من ذلك، بمعنى أنها لم ولن تغادر إطار التكتيك والاستجابة للتحديات الآنية؟
تبحث هذه الورقة تاريخ العلاقات الإيرانية-الروسية، وواقعها الحالي، والآفاق التي من الممكن أن تصلها، وكيف ينظر الإيرانيون إلى هذه العلاقات، خاصة على ضوء التدخل الروسي في سوريا، التي باتت تعتبر من أبرز ساحات النفوذ الإيرانية.
التاريخ: إرث الصدام وانعدام الثقة
شهدت العلاقات الإيرانية-الروسية بعض اللحظات التاريخية الفارقة، منها على سبيل المثال، 1962-1979، تاريخ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وكذلك بعد نهاية الحرب العراقية-الإيرانية؛ إذ تحسنت العلاقات لتأخذ شكل سلام بارد، كما يصفها الباحث الإيراني المتخصص في هذا المجال، إبراهيم متقي، في كثير من كتاباته. ومع أهمية التغيير الذي شهدته هذه المراحل إلا أن العلاقات لم تتطور لتصبح عميقة واستراتيجية. وفي معظم المراحل التاريخية تشاركت الدولتان في حالة من التردد والتوجس بشأن علاقتهما، ورغم قِدم هذه العلاقات، كثيرًا ما كشف السلوك السياسي لدى الجانبين عن وجود التوتر وعدم الثقة، ويرجع ذلك إلى عوامل كثيرة، أهمها: الوضع الجيوسياسي الذي يحكم علاقة البلدين.
في السرد التاريخي للعلاقة، يتحدث المؤرخون الإيرانيون عن “البُعد الاستعماري” في السياسة الخارجية لروسيا القيصرية، ويرون أن هذه المطامع كانت مسؤولة عن حروب عديدة مع إيران، لكن أكثر هذه الحروب تأثيرًا من حيث نتائجها المأساوية بالنسبة لإيران، جاءت في فترة ضعف الدولة المركزية الإيرانية عقب سقوط الصفويين، وفي هذه الحرب خسرت إيران شمالًا مساحات واسعة قامت روسا بضمِّها، بموجب اتفاقية جلستان 1813، وتركمان تشاي 1828(1). وفي العهد القاجاري الذي شهد تدخلًا روسيًّا في الشؤون الإيرانية، لعب الروس دورًا بارزًا في محاربة الثورة الدستورية بين عامي 1905 و1911، وأخذ هذا الدور شكلًا مسلحًا حيث دخلت القوات الروسية لمحاربة الثوار، وفي عام 1919 قام العقيد لياخوف باستهداف مجلس الشورى بالمدفعية(2)، وخلال الحرب العالمية الثانية تعاون الاتحاد السوفيتي مع بريطانيا لاحتلال إيران بحجة منع ألمانيا النازية من السيطرة على حقول النفط الإيرانية(3).
أخذت العلاقات الإيرانية-الروسية، شكلها عبر مراحل تاريخية مختلفة، ويمكن تحليل طبيعتها، برصد عدد من أنماط السلوك السياسي التي جاءت على أسس ذات أبعاد تاريخية، فضلًا عن التعاون والوضع الجيوسياسي لإيران وروسيا.
تعود الموجة الأولى من المنافسة بين إيران وروسيا إلى أوائل القرن التاسع عشر. خلال هذه الفترة، نجحت روسيا في كسب الحرب ضد إيران في الأعوام 1813 و1828، وهو ما مهَّد المجال لتوسيع النفوذ الإقليمي لروسيا. واستمر هذا النسق في العلاقة خلال السنوات 1907-1917. ساد لدى الروس اعتقاد بأن ميزان القوة وإعمال السيطرة على إيران، يتحقق من خلال التعاون مع الإنجليز، وبناء عليه جاءت الموجة الثانية من علاقات إيران وروسيا محكومة بـ”اللعبة الكبرى” مع الإنجليز، والتي استمرت حتى الثورة البلشفية(4).
جاءت سياسة إيران العامة تجاه الاتحاد السوفيتي في سنوات 1917-1962، ملخَّصة على النحو التالي: التعاون في المجالين التجاري والتقني والإحجام في المجال السياسي، فشهدت العلاقات تحسنًا ملحوظًا في جميع مجالات تجارة الترانزيت والتعاون الاقتصادي والفني، أمَّا في السياسة، فبقي الصراع قائمًا بين البلدين، واستمرت إيران في مقاومة الضغط السوفيتي لقطع اعتمادها على الغرب، ورأت في هذه المقاومة ضرورة في علاقاتها مع الاتحاد السوفيتي. كان لمقاومة هذه الضغوطات تأثيره على تأميم النفط إذ لم ينجح تأميم نفط الجنوب على غرار نفط الشمال، ولعبت مقاومة إيران لتعزيز النفوذ السوفيتي في منطقة الخليج دورًا في تعزيز الدور الإيراني خاصة بالنسبة للمعسكر الغربي(5).
الاتحاد السوفيتي والمعسكر الغربي
أوجد انتصار الثورة البلشفية عام 1917، ظروفًا تحتم على روسيا تغيير سياستها تجاه إيران، لكن الوقائع تُظهر أن التغيير بدأ بعد عقد من الزمن وبدءًا من 1930 فصاعدًا، وجاء نمط السياسة الروسية في مواجهة إيران في إطار سياسات الاتحاد السوفيتي. تركز الجهد السوفيتي الأكبر لفصل إيران عن المعسكر الغربي عندما قرر بيع إيران أسلحة روسية، ونشر أول تقرير عن بيع أسلحة لإيران في أغسطس/آب من العام 1966، لكن الضغوط الأميركية أجبرت إيران على وقف صفقات السلاح الروسي(6).
توطدت العلاقات بين إيران والاتحاد السوفيتي في عقد 1960؛ الأمر الذي يعكس التغيرات التدريجية في السياسة الخارجية والنظرة إلى العلاقات بين البلدين، وفي عام 1962 نجح الساسة الإيرانيون في ترميم العلاقات مع الاتحاد السوفيتي وتقليل نقاط التناقض، وهو ما أوجد تغييرًا مشهودًا في فضاء الحرب الباردة. خلال السنوات 1962-1979 شهدت العلاقات بين إيران والاتحاد السوفيتي تحسنًا استطاع تجاوز الضغوطات، وبدأت ملامح الحرب الباردة بالتراجع، مفسحة المجال لظهور بوادر “السلام البارد”(7).
بعد أزمة الصواريخ الكوبية، شهد مجال العلاقات الدولية فيما يتعلق بالعلاقات بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة نموذجًا جديدًا، وتجسد ذلك في سعي الاتحاد السوفيتي لتعزيز التعاون مع حلفاء الولايات المتحدة الأميركية، بما في ذلك إيران، وبعد فترة تجريبية من قِبل إيران، حلَّ التعايش السلمي بين البلدين لفترة استمرت أكثر من خمسة عشر عامًا، برغبة مشتركة من كلا الجانبين. جاء هذا التغيير الأساسي في العلاقات بين إيران والاتحاد السوفيتي بسبب التغيرات التي شهدتها العلاقات الدولية وتحول الحرب الباردة إلى مرحلة جديدة شعارها الانفراج و”نزع التوتر”.
أعراض السلام البارد
في هذا الوقت، أبدت إيران أيضًا رغبة كبيرة لتوسيع نطاق التعاون الدولي مع الكتلة الاشتراكية وميلًا واضحًا إلى تحقيق التوازن والتعاون في العلاقات الدولية. وجاء التزام إيران بعدم منح قاعدة صواريخ إلى دولة ثالثة استجابة للرغبة السوفيتية القديمة واستجابة للضغوط التي مورست عليها. في مقابل هذا الالتزام، قامت موسكو بدعم “الثورة البيضاء”(8) التي أطلقها الشاه. وبسبب الدعم الذي تلقاه الشاه من الاتحاد السوفيتي فَقَدَ حزب توده “الجماهير” ذو التوجهات اليسارية مصداقيته بين المثقفين الإيرانيين. عبَّر العديد من المنظِّرين السوفيتيين عن دعمهم نظام الشاه، بهدف تطوير التعاون الصناعي والاقتصادي والعسكري والأمني مع دول المنطقة، بما في ذلك نظام الشاه. في المقابل، بقيت إيران حريصة على حصر العلاقات في التعاون الفني والاقتصادي، وأبقت الطريق مسدودة أمام التعاون السياسي.
ربما يفسر هذا انخفاض مستوى التبادل الثقافي بين البلدين، فرغم توسيع الاتحاد السوفيتي لعلاقاته الثقافية مع العالم الثالث وإنشائه جامعات خاصة لتأهيل الكوادر من هذه الدول، إلا أن إيران لم تمنح الإذن لطالب إيراني واحد بالالتحاق بتلك الجامعات(9). لقد أظهر ذلك نتيجة مفادها أنه بموازاة التعاون الاقتصادي كان هناك إجراءات تمارَس على نطاق واسع تتضمن تنافسًا سياسيًّا وتفرض قيودًا استراتيجية على العلاقة مع الاتحاد السوفيتي(10). لم يكن ذلك رغبة إيرانية من طرف واحد، إذ إن كليهما لم يرغبا في تحسين مستوى التعاون العسكري والسياسي. وبشكل عام، كانت أعراض السلام البارد بين البلدين بادية بوضوح على مُحيَّا علاقة البلدين.
في السنوات الخمس عشرة الأخيرة من حُكم الشاه كانت العلاقات بين إيران والنظام السوفيتي في مختلف المجالات، باستثناء المجال السياسي، جيدة جدًّا، وبلغت قيمة آخر صفقة سلاح اشترته إيران من الاتحاد السوفيتي 550 مليون دولار، وكان معظم وسائل النقل العسكرية تستوردها إيران من الاتحاد السوفيتي، على شكل مبادلات، يأخذ الاتحاد السوفيتي الغاز الإيراني في المقابل(11).
ومن الملاحظ أن جميع المشتريات بين البلدين لم يكن ذا ماهية استراتيجية، ولم تُبْدِ موسكو رغبة في إعادة بناء التعاون مع إيران التي لم ترغب في المقابل بتعزيز علاقاتها استراتيجيًّا مع موسكو، ومن الملاحظ في تلك الفترة إحجام موسكو عن دعم المجموعات الماركسية في إيران، ومنها حزب توده “الجماهير” وذلك رضوخًا لشروط التعاون الاقتصادي والإقليمي مع إيران(12).
وقد انعكست استراتيجية الاتحاد السوفيتي في مواقف وطروحات حزب توده “الجماهير” الإيراني، فكانت مواقف الحزب تتصاعد ضد الشاه وتتراجع وفقًا لموقف قادة موسكو، وبعد أن كان الحزب يهاجم “برنامج الإصلاحات” الذي أطلقه الشاه، أصبح يصفه بأنه “أفضل تدبير” وأن “سياسة الشاه تعزِّز من الاستقلال السياسي والاكتفاء الاقتصادي لإيران”(13). كان الاتحاد السوفيتي يأمل أن يُوجِد تعاونه مع إيران في المجالات الاقتصادية الأرضية اللازمة لتحقيق تحول نوعي في بنية النظام السياسي الإيراني، وأن الشرط المسبق لمثل هذا التغيير هو تطوير الصناعة والاقتصاد في إيران، وفق قناعة بأن هذا التحول سيعود بنتائج استراتيجية لصالح الاتحاد السوفيتي.
ترك التعاون بين إيران وروسيا، في تلك الفترة تأثيره على العلاقات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط والخليج، وجاءت السياسة الخارجية الإيرانية محافظة، وفي إطار مبدأ نيكسون(14). كان النشاط المصري مع مجيء ثورة الضباط الأحرار في مصر مبعث قلق بالنسبة لإيران، وهذا القلق هو الذي جعلها تتعاون مع الاتحاد السوفيتي، ولم تكن تهدف من ذلك إلى إضعاف علاقتها مع واشنطن بقدر ما كانت تريد توظيف صفقة الأسلحة مع الاتحاد السوفيتي للحصول على منظومة أسلحة أحدث من الولايات المتحدة الأميركية(15). لكن التعاون في المجال الدفاعي مع موسكو لم يترك سوى تأثير ضئيل على الموقع الاستراتيجي لإيران، ويبدو أن سعي موسكو لإضعاف علاقات طهران مع الغرب من خلال صفقات السلاح قد جاء بنتيجة معاكسة؛ إذ دفع واشنطن إلى الموافقة على بيع أسلحة متطورة لإيران(16).
الثورة: “لا شرقية ولا غربية”
عندما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران، اتخذت السياسة الخارجية الإيرانية شعار “لا شرقية ولا غربية”، في تعبير عن نمط جديد من التعامل الإيراني مع البيئة الدولية، يغادر ثنائية المعسكرين الشرقي والغربي(17). أمَّا من الجانب الروسي، فقد انصرفت أدوات السياسة السوفيتية لتحقيق الأهداف التالية:
- منع أي تقارب بين إيران والولايات المتحدة.
- إقامة علاقات جيدة مع النظام السياسي الجديد في إيران والسعي لبناء نظرة إيجابية تجاه الاتحاد السوفيتي.
- تشجيع التطورات التي تشهدها الساحة الإيرانية، وخاصة تلك التي من شأنها في نهاية المطاف أن تجذب إيران لتكون متفقة أيديولوجيًّا مع الشيوعية(18).
لم يكن تحقيق هذه الرغبة ممكنًا في المدى القصير؛ فالاتحاد السوفيتي سعى إلى بناء علاقاته مع إيران وفق سياسة تعزِّز من جهود مناهضة الولايات المتحدة، في حين أنه كان قلقًا في الوقت ذاته من طبيعة الحكومة الجديدة في طهران.
على الرغم من توقيعه معاهدة صداقة مع العراق، أحجم الاتحاد السوفيتي في بداية الحرب العراقية-الإيرانية عن دعم بغداد، ورفض إرسال الأسلحة إلى العراق لتحتفظ موسكو لنفسها الحق في الاختيار، لكن السلاح الروسي كان يصل إلى إيران بواسطة كوريا الشمالية وليبيا وأوروبا الشرقية(19).
لكن الاتحاد السوفيتي ما لبث أن رفع مستوى علاقاته مع العراق؛ واعتُبر هذا بمثابة تعزيز لتعاونه مع البلد الذي يخوض حربًا ضد إيران، وأظهر أنه غير مبال بالأهداف والتوقعات الاستراتيجية الإيرانية.
وفي حين وضع العديد من الدول الغربية بقيادة أميركا، حظرًا على توريد الأسلحة إلى إيران كان الاتحاد السوفيتي يستثمر ذلك علنيًّا لصالحه بالسماح لبعض الأسلحة من الكتلة الشرقية لتصل إيران بشكل غير مباشر، وبالتالي ضمان بقاء الطريق مفتوحةً للتأثير في مستقبل إيران(20). جاءت “إيران غيت” عام 1986 في غفلة من الاتحاد السوفيتي، لتكشف مدى الحاجة الإيرانية للتسلح في فترة كانت الحرب تشتد مع العراق.
كان البُعد التعاوني بين إيران والاتحاد السوفيتي في عقد الثمانينات من القرن العشرين محدودًا. في هذه المرحلة من التاريخ، تم طرد العديد من الدبلوماسيين السوفيتيين من طهران. تراجعت العلاقات بشكل كبير، مع طهران التي سعت لمستوى من التعاون لا يُجبرها على تقديم تعهدات تجاه التنسيق مع موسكو، وفي المقابل، حافظ الأخيرة على نوع من الدعم يحول دون ميل إيران نحو الغرب، وقادت هذه السياسة إلى تقوية السلام البارد بين الجانبين. ويمكن تصور أن ذلك حدث انعكاسًا لسياسة غورباتشوف الخارجية.
على الرغم من أن تغييرات ثورية أصابت السياسات الداخلية والخارجية للاتحاد السوفييتي تحت حكم غورباتشوف، والتبشير بإمكانية إقامة علاقة ودية بين إيران وروسيا في المستقبل، إلا أن ذلك كان مشروطًا بالقدرة على نزع القلق لدى الإيرانيين بشأن الأهداف الإقليمية والسياسية لروسيا، بصورة تكون فيها السياسة الروسية قادرة بشكل عميق واستراتيجي على تجاوز إرث الغَلَبة التاريخي(21). بشكل عام، بقي غياب الثقة يحكم علاقات إيران والاتحاد السوفيتي، وفق الاعتقاد السائد بأن التعاون المتبادل يمكن أن يحسِّن العلاقات بين البلدين، دون أن يجعل لها أي طابع استراتيجي.
ما بعد الحرب العراقية-الإيرانية
في السنوات التي أعقبت الحرب بين إيران والعراق، كرَّست إيران جهودًا كبيرة لتعزيز وضعها العسكري لردع العراق وإحكام سلطتها في الخليج وخارجه. وكان من شبه المؤكد أن روسيا مستعدة لتلبية احتياجات إيران على هذا الصعيد بمجرد أن تُبدي رغبتها بذلك، وبطبيعة الحال، كان على موسكو أن تكون حذرة من تزايد القلق لدى دول الخليج العربية تجاه النوايا الإيرانية، ولذلك كانت حريصة أن لا تظهر بصورة المصدر الرئيسي للتسلح الإيراني دون أن تترك الساحة خالية لشركات السلاح الأميركية.
في عام 1989 كشفت زيارة هاشمي رفسنجاني لموسكو، عن وجود وجهات نظر مشتركة بين البلدين في الشؤون الإقليمية والدولية على مستوى القضايا الرئيسية(22). وفي عام 1989، تم توقيع اتفاقية بقيمة 15 مليار دولار بين إيران والاتحاد السوفيتي، تضمَّنت الاتفاقية تنمية الاستثمارات وتعزيز التعاون التجاري. وخصَّصت الاتفاقية ما قيمته اثنان إلى أربعة مليارات دولار للتعاون العسكري والتسليح. تشير هذه القيمة إلى أن السياسة السوفيتية تجاه إيران قد اتخذت نمطًا غير أيديولوجي يرتكز بصورة أساسية على عوامل الجذب الاقتصادي. إن القضية الأكثر أهمية التي كشفتها العلاقات بين إيران والاتحاد السوفيتي، أن صفقة الأسلحة الضخمة أظهرت أن إيران فشلت في إقناع الدول الغربية بالمساهمة في تطوير منظومتها العسكرية. وهو ما قاد إلى توقيع هذه الاتفاقية التي تضمنت مكاسب لإيران والاتحاد السوفيتي على حدٍّ سواء(23).
كان من أبرز التطورات التي شهدتها علاقات إيران والاتحاد السوفيتي على صعيد شراء وبيع الأسلحة، هو شراء إيران لغواصتين روسيتين من نوع “كيلو-كلاس”. وتعد هذه الغواصة من حيث الحجم والقدرات العسكرية من أكبر السفن في المنطقة وتبلغ حمولتها 2500 رجل. جاء بيع الغواصات إلى إيران كجزء من صفقة الأسلحة مع الاتحاد السوفيتي عام 1989، وجرى تسليم هاتين الغواصتين منتصف التسعينات.
مع وصول هذه الغواصة، شهدت المنطقة اتساعًا نوعيًّا في سباق التسلح(24)؛ فأدى ذلك إلى وصول أسلحة جديدة إلى دول الخليج. بشكل عام، كان تعزيز القدرات البحرية من الطموحات الجيوسياسية لإيران بعد الحرب الباردة(25). وقد زاد امتلاك إيران لهذه الغواصات من النفوذ الإيراني في الحدود الجنوبية للخليج وشرق إفريقيا ومنطقة المحيط الهندي(26). من خلال هذا التعاون العسكري والتسليحي، تمكن قادة الاتحاد السوفيتي من تنظيم مستوى جديد من التعاون الإقليمي مع إيران. وفي المقابل، استطاعت إيران إعادة بناء وترميم مقدراتها العسكرية. جاءت هذه العلاقات العسكرية الجديدة، واستمرت بعد الحرب الباردة. وهو ما أوجد رابطًا بين قطبين من الأقطاب الجيوسياسية الرئيسية في غرب آسيا. علمًا بأن الاتحاد السوفيتي أقام في الماضي، واستجابة لضرورات جيوسياسية علاقات من هذا النوع مع الهند لفترة محدودة. وفي أعقاب الحرب الباردة، انتهج هذا الشكل من العلاقة مع إيران(27).
لم تُبدِ الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا معارضةً تُذكَر لبيع معدات عسكرية إلى إيران من قبل الاتحاد السوفيتي. وفي عام 1990 تسلَّم سلاح الجو الإيراني طائرات عسكرية ومقاتلات روسية الصنع، وتواصلت الصفقات على هذا الصعيد في سنوات لاحقة(28).
بين الأعوام 1982 و1998، وهي الفترة التي شكَّلت أوج الحاجة الإيرانية لمعدات وأسلحة حديثة، لم تُلَبِّ موسكو سوى 1% فقط من احتياجات إيران التسليحية. وخلال نفس الفترة، كان 33% من الأسلحة التي استوردتها إيران مصدرها حلف وارسو، و25 في المئة من الصين، والباقي 41 في المئة من دول أخرى في أوروبا، ومن آسيا ودول في العالم الثالث(29).
انهيار الاتحاد السوفيتي
عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، وانفصال عدد من الجمهوريات التي كانت تتبع له في آسيا والقوقاز، واجهت المنطقة تغييرات جيوسياسية كان على إيران أن تتعامل معها بأدوات جديدة. فمع مجيء بوريس يلتسين، كأول رئيس لروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كانت العلاقات بين البلدين تتجه نحو الفتور، فيلتسين كان ميَّالًا للتقارب مع الغرب؛ والابتعاد عن إيران. غاب الاستقرار عن روسيا في مطلع التسعينات، ومنذ العام 1992-1999، كانت مسيرة التعاون بين البلدين تتراوح ما بين صعود وهبوط، واستمر غياب الثقة ملازمًا لها على الرغم من الحاجة الاستراتيجية لهذه العلاقات بالنسبة للطرفين، غير أن أبرز تطوراتها حدث عام 1992 بتوقيع البلدين اتفاقية تعاون مشترك لبناء مفاعل بوشهر النووي كجزء من اتفاقية تجارية واقتصادية طويلة الأمد(30).
بوتين: استعادة دور القوة الدولية العظمى
منذ عام 2000، تشکَّل الأساس لصعود بوتين إلى السلطة في روسيا. وكانت سياسة بوتين تقول بتنظيم العلاقات بين إيران وروسيا على أساس الاحتياجات الأمنية لكلا البلدين. كان بوتين مدركًا، لأن خلق توازن في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، سيُوجِد الكثير من المنافع لإيران والمنطقة. كانت مقاربة بوتين للعلاقة مع إيران في تلك الفترة مقاربة أمنية. وبناء عليه، فإن أي نشاط لروسيا في مجال الأمن سيخلق تأثيرات وعواقب على صعيد العلاقات مع إيران. أوجدت سياسة بوتين حالة من التقارب مع إيران، ودعم هذا التقارب مجموعة من العوامل الجيوسياسية، أهمها: المصالح المشتركة والتنافس الإقليمي.
جاء مستوى العلاقات بين إيران وروسيا في السنوات التي أعقبت العام 2000 استنادًا إلى استراتيجية الحرب الوقائية لمكافحة الإرهاب التي أطلقتها واشنطن(31)، وتشاركت إيران وروسيا الترحيب بسقوط نظام طالبان، وتراجع تأثير الجماعات الأصولية في آسيا الوسطى، ونظرتا إليه كتطور إيجابي بالنسبة للأمن القومي الروسي والإيراني.
وإذا كان من المنطقي أن تندفع طهران نحو تعزيز علاقاتها بموسكو كلما ازداد العداء بينها وبين واشنطن، ولاسيما بعد أزمة البرنامج النووي التي بدأت عام 2002، وتشديد العقوبات الغربية مع الوقت على إيران، إلا أن روسيا وبسبب ظروفها الداخلية، ترددت طويلًا قبل تطوير علاقات الشراكة مع طهران.
رافق الصعود والهبوط العلاقات الإيرانية-الروسية في العقد الأخير من القرن العشرين، وجاء التبدل وعدم الاستقرار لأسباب مختلفة داخلية وخارجية؛ لكن وفي ذات الوقت تم تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتوقيع إيران عقود شراء الأسلحة الروسية، وقد لعبت الأزمات الاقتصادية الروسية آنذاك دورًا مهمًّا في تشجيع الشركات والمجمعات الصناعية والعسكرية الروسية على التوجه نحو السوق الإيرانية، لكن الضغوط الأميركية والعقوبات التي فُرضت على الشركات الروسية أدَّت في النهاية إلى تراجع موسكو عن تنفيذ عقودها العسكرية والتكنولوجية مع إيران وهو ما عزَّز من حالة غياب الثقة، وذلك بعد توقيع مذكرة غور-تشيرنوميردين عام 1995، كما أوقفت موسكو عقدًا لتزويد إيران بمفاعل أبحاث عام 1998(32).
مع الرئاسة الثالثة لبوتين تصاعدت المساعي الروسية لاستعادة دور القوة الدولية العظمى والعودة لرُوح التنافس مع الولايات المتحدة، وترك ذلك بصمة واضحة على الوضع الإقليمي؛ إذ سعت روسيا إلى تعزيز مكانتها في آسيا الوسطى والعودة إلى الشرق الأوسط؛ لتعيد قراءة ووزن دور إيران من الناحية الجيوسياسية، وما يمكن أن يتركه هذا الوزن من حضور وتأثير في منطقة القوقاز وبحر قزوين وآسيا الوسطى والشرق الأوسط. ولعل المخاوف الروسية، والتي تلتقي في الكثير من جوانبها مع المخاوف الإيرانية رغم التنافس، قادت لتطوير العلاقات، ومن ذلك تشكيل تكتل معارض لسياسة للولايات المتحدة يضم الصين وإيران والهند والبرازيل، لإعادة خلق نوع من التوازن في العلاقات الدولية لإنهاء سياسة القطب الواحد الأميركية(33).
بحر قزوين: يجمع ويفرِّق
يعد الاختلاف على تقسيم بحر قزوين، بين الدول المطلة عليه، وهي: (روسيا، وكازاخستان، وأذربيجان، وتركمانستان، وإيران) أحد أهم المؤثِّرات والمحددات في العلاقات الإيرانية-الروسية(34).
أعطت معاهدتا العامين 1921 و1940، بين إيران والاتحاد السوفيتي السابق، حقوقًا متكافئة لكلا الجانبين للملاحة في بحر قزوين واستغلال موارده، كما منعت المعاهدتان السفن الأجنبية من الإبحار فيه باعتباره بحرًا مغلقًا. لكن تفكك الاتحاد السوفيتي أدَّى إلى تغيير الخارطة السياسية للمنطقة ونشوء عدد من الدول الجديدة المستقلة، فعاد موضوع تقسيم البحر ليُطرح من جديد. ورغم المحادثات التي طالت لعشرين عامًا، لم تصل هذه الدول إلى اتفاق مُرضٍ لها جميعًا. وتم بالمقابل تنظيم معاهدات ثنائية وثلاثية لتقسيم الجزء الشمالي من البحر بين روسيا وكازاخستان وأذربيجان، فيما لا يزال القسم الجنوبي والذي يشمل كلًّا من إيران وأذربيجان وتركمانستان موضع اختلاف. وتسعى روسيا لمد نفوذها على بقعة جغرافية عالية الثراء والأهمية، وكانت إلى وقت قريب جزءًا من حدودها الطبيعية، وتبقى روسيا منافسًا قويًّا لإيران على الطاقة في بحر قزوين وخطوط تصديرها.
إن أكثر ما يقلق موسكو وطهران هو تقسيم بحر قزوين وفق القانون المتعلق بالبحار(35)، وهذا يعني تقسيمه بمسافة واحدة ومتساوية للقاع، ما يعني أنَّ معظم الثروات والتي تقع في القطاعين الشمالي والأوسط من البحر، ستكون من نصيب كازاخستان وأذربيجان، ويعني ذلك حرمان إيران من الاستفادة من ثروات الغاز والنفط التي كانت تمتلكها قبل تفكُّك الاتحاد السوفيتي؛ إذ كانت تتقاسم البحر مناصفة مع الاتحاد السوفيتي فقط. وتفضِّل طهران سيناريو الاتفاق على استغلال مشترك للبحر، وفق القانون الدولي الذي يعمل بمبدأ السيادة المشتركة، ويعطي الدول نِسَبًا متساوية تبلغ 20 في المئة من مساحة البحر، على أن يحصلوا معًا على عائد استغلال جماعي ومشترك لثرواته(36).
الاتفاق النووي..التجارة..الاقتصاد والتسلح
تحدَّث بعض التكهنات عن أن إيران بعد الاتفاق النووي، يمكن أن تقايض الصداقة مع موسكو، مقابل معاملة تفضيلية من واشنطن؛ وهو ما سنشهد تجلياته في ملفات الشرق الأوسط(37). لكن هذه التكهنات سريعًا ما ناقضتها حالة من التنسيق والتعاون الروسي-الإيراني شهدته ملفات عدَّة في مقدمتها الملف السوري.
اتسمت مقاربة روسيا للملف النووي الإيراني، بالخصائص التالية:
- ليس من مصلحة روسيا امتلاك إيران أسلحة نووية أو قدرات تطوير سلاح نووي، والاتفاق النووي من شأنه أن يعزِّز من الأمن الروسي.
- عارضت روسيا بشكل قاطع استخدام القوة في حلِّ المشكلة النووية الإيرانية(38)، سواء من خلال الضربات الصاروخية أو الجوية أو التخريب والهجمات على مواقع الإنترنت، أو أية وسيلة أخرى.
- لا تؤيد روسيا فرض عقوبات أحادية أو متعددة الأطراف ضد إيران، وتطالب برفعها(39).
ورغم التردد؛ إذ أدَّت الضغوط الأميركية وقتها إلى حصر هذا التعاون في إطار استكمال مفاعل بوشهر، الذي أخَّرت موسكو تسليمه أكثر من مرة، إلا أن روسيا لعبت دورًا كبيرًا في برنامج إيران النووي جاء أساسًا من كون امتلاك موسكو لتكنولوجيا الطاقة النووية وبناء المفاعلات هو أحد أهم مقومات الاقتصاد الروسي(40).
ومنذ تفعيل أزمة البرنامج النووي الإيراني، عام 2002، سعت روسيا لتعزيز دورها كوسيط يساعد على حلِّ هذه الأزمة بالطرق السلمية، وبعد التهديدات الأميركية والإسرائيلية عام 2005 بشنِّ هجوم عسكري على إيران، تقدمت موسكو باقتراح لتخصيب اليورانيوم الإيراني على الأراضي الروسية، رفضته طهران.
لم يَرُق الرفض الإيراني، لروسيا فدعمت بعد ذلك عقوبات مجلس الأمن على إيران في الأعوام 2006، 2007، 2008، 2011؛ وهو ما أثَّر على علاقات البلدين وصولًا إلى تباطؤ موسكو في استكمال مراحل مفاعل بوشهر لأكثر من سبع سنوات، فضلًا عن رفض تزويد إيران بالوقود النووي، وتعطيلها إلى اليوم طلب انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي. وقد أضاف ذلك أسبابًا جديدة إلى قائمة المعوقات التي تحول دون بناء علاقات استراتيجية بين إيران وروسيا(41).
بعد مفاوضات طويلة وصعبة توصَّلت إيران إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي مع مجموعة 5+1، في يوليو/تموز 2015، وإذا اختار الغرب عدم الانخراط مع إيران في مشاريع اقتصادية بعد الاتفاق النووي، فستكون هذه فرصة كبيرة لروسيا التي ستستفيد من نفوذها السياسي والاقتصادي، في بناء مزيد من الشراكة مع إيران(42)، وبدأت ملامح هذه الشراكة بالظهور ولعل أبرزها تسليم روسيا إيرانَ المنظومة الدفاعية (إس 300) التي كانت تُحجِم عن تسليمها بفعل العقوبات الدولية المفروضة على إيران، وسيكون ذلك فاتحة للكثير من صفقات السلاح بمجرد رفع العقوبات خاصة مع حاجة إيران الكبيرة لأسلحة حديثة.
تنوي روسيا بناء علاقات عسكرية طويلة المدى مع إيران، ووصل حجم المشتريات الإيرانية من السلاح الروسي في الفترة (1991-2015) إلى 304 مليارات دولار(43). وعلى صعيد التبادل التجاري، تقول التصريحات بنيَّة الجانبين زيادة حجم التبادل التجاري بينهما من 5 مليارات إلى 70 مليار دولار سنويًّا. وفي العام 2014 وقَّعت روسيا وإيران اتفاقًا لبناء مرحلة جديدة في مفاعل بوشهر، وسيستمر التعاون في مجال التقنية النووية بين إيران وروسيا(44).
وفي المجمل، فإنَّ الكثير من المزايا الأمنية والاقتصادية والعسكرية من الممكن أن تحققها روسيا نتيجة الاتفاق النووي، ولن يكون الاتفاق مانعًا أمام مزيد من التعاون الروسي-الإيراني في الشرق الأوسط، وكذلك الحال في منطقة القوقاز ووسط آسيا رغم التنافس الدولي في تلك المنطقة. وبدون تحول سياسي كبير في العلاقة بين الغرب وإيران، فإن العلاقات الروسية-الإيرانية ستكون الأقوى وسيحدث تنسيق روسي-إيراني كبير في عدد من ملفات الشرق الأوسط، خاصة وأن إيران تتحدث عن أن الكثير من العقبات التي كانت تعترض العلاقة قد جرى التخلص منها، وأن المرحلة الثانية من بناء مفاعل بوشهر من قِبَل الروس ستبدأ قريبًا بكلفة تصل إلى 10 مليارات دولار، فضلًا عن تأسيس بنك مشترك، ورغبة روسيا بمد خط جلفا للسكك الحديدية الكهربائية(45).
إيران وروسيا في سوريا
“التعاون والتنسيق” وصفان يناسبان العلاقة الإيرانية-الروسية في الساحة السورية، وعقب زيارة بوتين إلى طهران، في 2015، واجتماعه مع مرشد الثورة الإسلامية، آية الله علي خامنئي، بدأت بعض التحليلات تغادر موقفها المتحفظ بشأن العلاقة مع روسيا لتبدأ الحديث عن علاقات استراتيجية(46)، ومع ذلك، فإن وجهات النظر داخل إيران تجاه الدور الروسي في سوريا لا تبدو متطابقة في غالب الأحيان، تبعًا لما يقدمه كل فريق من إجابات على الأسئلة التالية(47):
- ما أهداف روسيا ودوافعها من التدخل العسكري في سوريا؟
- ما التأثيرات التي سيُحدثها هذا التدخل على المعادلات السياسية والأمنية إقليميًّا ودوليًّا؟
- ما التأثيرات التي سيتركها هذا التدخل على مصالح وأمن الجمهورية الإسلامية في المنطقة والعالم؟
تغصُّ الساحة السياسية الإيرانية بروايات مختلفة لتحليل دوافع روسيا في سوريا، يأخذ بعضها بُعدًا تآمريًّا، مدلِّلين على ذلك بتزايد أعداد القتلى من الحرس الثوري منذ التدخل الروسي، فيما يصنِّفها البعض بصورة منهجية إلى وجهات نظر متشائمة من هذا التدخل، وأخرى متفائلة به، وتبعًا لذلك تختلف زاوية النظر التي يجري من خلالها تحديد الأهداف والدوافع الروسية، ومن أهمها:
- دعم شريكها الاستراتيجي في الشرق الأوسط، وهي حكومة الأسد في سوريا.
- منع صعود قوة تُشكِّل حكومة حليفة للغرب في سوريا في حال سقوط الأسد.
- مكافحة التيارات الجهادية؛ إذ ترى روسيا أن حضور هذه الجماعات في شمال القوقاز وآسيا الوسطى يشكِّل تهديدًا لها. وتقول: إن 5000-7000 مقاتل من هذه المناطق التحقوا بصفوف القاعدة وتنظيم الدولة في العراق وسوريا .وترى روسيا أن مواجهتهم بشكل جادٍّ في هاتين الساحتين، يقدِّم ضمانات على الأمن القومي الروسي.
- المحافظة على موقعها في ميناء طرطوس الاستراتيجي في سوريا، لاسيما في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط. وهو الطموح الروسي المطروح من أكثر من خمسين عامًا أثناء الحقبة السوفيتية، وتتصاعد أهميته اليوم أكثر من ذي قبل(48).
- مقارعة الولايات المتحدة في “فنائها الخلفي” وهو من وجهة نظر موسكو منطقة الشرق الأوسط، كما أن الأميركيين يزاحمونها في شرق أوروبا، إلى أوكرانيا، وصولًا إلى كييف ذات الأهمية الكبرى بالنسبة لموسكو، لأنها شكَّلت دائمًا جسرًا بين روسيا والغرب. ولذلك، فإن سيطرة الغرب على كييف مسألة حساسة بالنسبة لروسيا التي سارعت إلى ضمِّ القرم في البحر الأسود كخطوة أولى ألحقتها بخطوة ثانية تمثَّلت في التدخل في سوريا.
- سوريا هي بوابة الشرق الأوسط بالنسبة لروسيا، وشكَّلت على الدوام سواء في فترة الاتحاد السوفيتي أو اليوم شريكًا استراتيجيًّا لموسكو(49).
متفائلون ومتشائمون
تترواح المواقف الإيرانية من التدخل الروسي في سوريا ضمن عنوانين، أحدهما يبني تحليله على اعتبار أن السياسة الروسية، سياسة هجومية ذات أهداف توسعية تصبُّ في مصلحة روسيا، والآخر يبني تحليله على اعتبارها سياسة دفاعية هدفها الأول محاربة الإرهاب ومنع وصوله إلى الأراضي الروسية.
تستند وجهة النظر المتشائمة حيال التدخل الروسي في تحديد الأهداف والدوافع الروسية على ثلاثة أمور، هي:
- النهج القائم على أساس الجغرافيا والمصالح الجيوسياسية لروسيا، وتتجلَّى هذه المصالح في السعي للحفاظ على مكانتها في البحر الأبيض المتوسط حيث إنها طريق الوصول إلى الموانئ الروسية على البحر الأسود، ودخل ميناء طرطوس على معادلة الموقف في سوريا كميناء مؤثِّر في التزود بالوقود والصيانة والخدمات اللوجستية وأيضًا، للحفاظ على القاعدة الجوية في اللاذقية.
- تعزيز المكانة العالمية لروسيا، وهذا النهج يتركز على قناعة بأن روسيا تريد تعزيز موقعها العالمي، لتحقيق التوازن في القوة مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأميركية؛ مما سينعكس إيجابيًّا على موقع روسيا في عدد من الأزمات من أبرزها الأزمة في أوكرانيا.
- شخصية بوتين، والنظر إليها كونها أسيرة التراث التاريخي والسعي لعودة الإمبراطورية الروسية كإمبراطورية عالمية.
لا تجد هذه الدوافع ترحيبًا لدى صانع القرار الإيراني، فهي في هذا الاتجاه تصطدم ومنافع إيران وسعيها لتعزيز أمنها القومي، ودورها الإقليمي، ونفوذها في سوريا. وفي مقابل هذا الرأي هناك رأي آخر يقول بالجانب الدفاعي للتدخل الروسي ويأتي محكومًا بصبغة تفاؤلية، ويأتي مناقضًا للرأي الأول ويرى أن روسيا تدخلت في سوريا فعلًا لحماية مصالحها الوطنية وأمنها من التهديدات الإرهابية. وبناء عليه يضع أصحاب هذا التوجه، التدخل الروسي ضمن الحدود التالية:
- مشاركة روسيا في الحرب ضد الإرهاب، هي حقيقة واقعية، لأنها تخشى نقلها إلى روسيا، ويدعم هذا التوجه وجود عدد كبير من المقاتلين من الأصول الشيشانية والقوقازية ومن دول آسيا الوسطى يقاتلون في سوريا ولديهم عداء كبير مع روسيا؛ مما يجعل انتقالهم للقتال في الأراضي الروسية مسألة وقت، وهذه حُجَّة تراها الأوساط الإيرانية مقنعة ومنطقية.
- تريد روسيا بالفعل أن تجعل من مكافحة الإرهاب قضية عالمية ذات أولوية للمجتمع الدولي. وتركز هذه الزاوية على التهديدات الأمنية الإقليمية بوصفها مدخلًا لتهديد الأمن العالمي.
- روسيا تدافع بصورة طبيعية عن حلفائها في سوريا، وبشكل آخر تدافع عن إيران.
تداعيات التدخل الروسي
في تقييم تداعيات التدخل الروسي على المعادلات السياسية وتأثيرات ذلك على الأمن الإقليمي والعالمي، يجري النظر إلى هذه المسألة من زاويتين إحداهما متشائمة، والأخرى متفائلة، وترى الأولى أن التدخل الروسي سيترك تأثيرات مدمِّرة على هذا الصعيد، للأسباب التالية:
- هذا التدخل سيكون سببًا في تصاعد الإرهاب في سوريا وإضعاف المعارضين المعتدلين للأسد، وسيؤدي استهدافهم إلى انضمام الكثير من أعضائهم إلى تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة.
- سيوسِّع التدخل الروسي من الفجوة في العلاقات بين السعودية وتركيا من جهة وإيران من جهة أخرى، خاصة أن هذا التدخل يصب في صالح إيران على حساب جيرانها ويأتي مناوئًا للمصالح التركية والسعودية.
- توسيع تنافس الحرب الباردة عالميًّا، ومن ذلك التنافس الروسي-الأميركي-الأوروبي، وفي المجموع فإن التدخل الروسي في المنطقة لن يكون في صالح إيران سياسيّا وأمنيًّا.
وتقابلها وجهة النظر المتفائلة مستندة إلى ثلاث أرضيات:
- التدخل الروسي سيكون سببًا مساعدًا على تسريع الحل السياسي في سوريا، وسيفرض على اللاعبين المختلفين السعي لتحقيق ذلك، بالنظر إلى أن هذا التدخل أوجد فضاء سياسيًّا جديدًا في المنطقة.
- سيعزِّز هذا التدخل من قوة النظام في سوريا وسيمنع تجزئة البلد.
- سيعزز من التعددية وهو ما سيقود إلى مشاركة الفاعلين الإقليميين وخاصة إيران في محادثات الحل السياسي.
التدخل الروسي والأمن الإيراني
يبدو تقييم التدخل الروسي وتأثيراته على المصالح والأمن الإيراني محكومًا بالأبعاد السابقة جميعها، ويأخذ بُعدًا متشائمًا في بعض الجوانب وآخر متفائلًا في جوانب أخرى.
ويحكم البُعد المتشائم في التقييم ثلاث قضايا، هي:
- أن روسيا تسعى إلى تحجيم القوة الإيرانية في المنطقة.
- أن روسيا تاريخيًّا لا تُعد حليفًا يمكن الوثوق به، وقد تضحِّي بإيران في صفقة مصالح مع واشنطن.
- أن التدخل الروسي القوي والمؤثِّر في سوريا من شأنه أن يبهت الدور السياسي لإيران، ولذلك فلن يصب الانتقال السياسي في سوريا لاحقًا في مصلحة الجمهورية الإسلامية، ومن الممكن أن تتوافق موسكو وواشنطن على مصير الأسد دون الرجوع إلى إيران.
أمَّا البعد المتفائل داخل إيران بشأن هذه المسألة فيعدد نقاط تفاؤله بالآتي:
- سيعزِّز الوجود الروسي الحل السياسي، وهذا سيخفف من العبء الكبير الذي تتحمله إيران في الأزمة السورية.
- بواسطة الروس، يتعاظم القبول الدولي للدور الإيراني في الأزمة السورية، ويتجه البُعد الدولي لصالح إيران من خلال إعطاء الأولوية لمكافحة الإرهاب في المنطقة ودورها على هذا الصعيد. ويصبح دور إيران أكثر بروزًا مع إصرار الروس على وجود إيران في المفاوضات حول سوريا.
- سيرفع ذلك من قيمة الشراكة الغربية مع إيران، خاصة مع تصاعد القلق الغربي تجاه الدور الإقليمي لروسيا مفضِّلين التقارب مع إيران.
ينظر بعض المحللين في إيران بقلق إلى التدخل الروسي وما يمكن أن يتركه من تأثيرات على الأمن الإيراني، وممن يحملون هذا الرأي د. حسين علايي، القائد السابق للبحرية في الحرس الثوري، والأستاذ في جامعة الإمام الحسين؛ إذ يعتقد أن التدخل العسكري من حيث المبدأ هو تهديد للأمن القومي لجميع الدول وأن الترحيب بهذا التدخل يضع أمن الدول موضع التهديد(50)، ويدلِّل على ذلك بالقول: منذ احتلال العراق للكويت والمنطقة تشهد حالة من انعدام الأمن(51). ويرى أن ذلك سيوسِّع من نشاط القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، ولمواجهة معضلة الأمن، ينبغي لجميع الدول أن تضع ثلاث خطوات في جدول أعمالها:
- إدانة ومعارضة التدخل العسكري من قِبل أي بلد.
- مكافحة الإرهاب بشكل شامل من قِبل جميع البلدان، بالنظر إلى الإرهاب كآفةٍ تهدد الأمن الإنساني.
- القبول بسيادة الدول واحترام إرادة الشعوب في جميع البلدان، بصورة ترمي إلى العدل لا التدخل.
ويمكن لهذه الخطوات مع الحوار والدبلوماسية أن تضمن مسارًا يوصل نحو السلام والأمن(52).
نتيجة.. إلى أين تسير العلاقات؟
إن العلاقات السياسية وعلاقات القوة بين روسيا وإيران اليوم، ومع بروز الأزمة السورية، تشهد حالة من التغيير، وبالنظر إلى هذه القضية متجاوزين الأبعاد السلبية المرتكزة على جوانب تاريخية في العلاقة، تبدو العلاقات بين البلدين اليوم تحمل بعض ملامح المساواة السياسية، وتقوم على المصالح الجيوسياسية والاستراتيجية المشتركة للبلدين، وهو ما يصب في مصلحة إيران إقليميًّا ودوليًّا. لكن السؤال يتعلق بالمدى الذي يمكِّن من المناورة خارج البُعد التاريخي للعلاقة، الذي يحمل محطات من الصراع وعدم الثقة، بصورة تعطي أدوات مؤشرات دقيقة لشكل العلاقات اليوم وما يمكن أن تكون عليه مستقبلًا.
مما لا شك فيه أن إيران تنساق إلى مستويات غير مسبوقة من التعاون والتنسيق على الرغم من أن روسيا شكَّلت على الدوام لغزًا محيرًا لسياسة إيران الخارجية، وعلى الرغم أيضًا من أن تقييم السياسية الروسية في بؤرة صناعة القرار الإيرانية حملت دائمًا نظرة مزدوجة لهذه السياسة.
من اللافت أن واحدًا من صُنَّاع السياسة الخارجية الإيرانية، ممن يعُون هذه الأبعاد جيدًا، هو وزير الخارجية السابق د. علي ولايتي، يرى أن “العلاقات بين إيران وروسيا وسوريا، هي علاقات استراتيجية.. وأن مستقبل المنطقة بيد هذا المثلث”(53).
وإذا ما جرى الإقرار بأن المكونات الجيوسياسية تلعب على الدوام الدور المؤثِّر والمحدِّد الفعَّال في مجال السياسة الخارجية، فإن الواقع يقول بأن الحالة الجيوسياسية لم تتغير كثيرًا بالنسبة للبلدين، فالثقافة السياسية الروسية مستمرة بنسقها السابق والوضع الجغرافي والجيوسياسي لإيران لم يشهد تغييرًا يُذكَر. وهذا الثبات يجعلنا نصل إلى نتيجة تقول: إن روسيا لا تثق بالطرف الإيراني على الصعيد الأمني؛ إذ مثَّلت إيران في مراحل تاريخية مختلفة عَقَبَة أمنية بالنسبة لروسيا، وهي الفكرة التي تأخذ حضورًا في مقاربات المنظِّرين والمحلِّلين الروس في قضايا الأمن والدفاع. وفيما تحاول إيران تبنِّي نهج يمكِّنها من لعب دور فعَّال في فضاء المنطقة، لا يزال بُعد الهيمنة حاضرًا في العلاقة.
ولعل هذه الهواجس، هي التي تجعل أصواتًا في إيران، تتجاوز الترحيب الشعبوي بتدخل بوتين في سوريا والدعاء له على منابر الجمعة في طهران، وتقرأ بقلق أن ما تقوم به روسيا وما تذهب في اتجاهه إيران اليوم، مشابه لمثال “اللعبة الكبرى” بين الروس والبريطانيين أواخر القرن الـ19 وأوائل القرن العشرين، وهو انعكاس للعبة نفسها التي وفرت أرضية لاحتلال إيران في 1941 وهي اللعبة التي صدمت الشاه رضا بهلوي الذي لم يكن يتوقع أن تجتمع، وبشكل استراتيجي، مصالح الشيوعيين في روسيا مع الرأسماليين في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية(54).
وبما تمتلكه وجهة النظر هذه من معطيات تدعمها بقوة، فلن يمر وقت طويل قبل أن تبدأ روسيا بالنظر إلى الدور الإيراني كدور باعث على الاضطراب، ويتحرك خارج قواعد النظام الدولي. إن الفضاء الحاكم في المنطقة فرض على روسيا أن تتعامل تكتيكيًّا مع إيران(55)، دون أن تتخلى عن النموذج الروسي في التعاون التكتيكي. وبالتزامن مع القوة العسكرية المتصاعدة لروسيا، تتسع حرية عملها في السياسة الخارجية، في حين يتراجع هامش الحرية على صعيد السياسة الخارجية بالنسبة للإيرانيين، وبعد أن كانت إيران الدولة رقم (1) من حيث التأثير في سوريا، تراجعت عقب التدخل الروسي، فيما تعاظمت خسائرها وتزايدت أعداد من يُقتَل من نخبة الحرس الثوري في سوريا.
قد تمثِّل إيران اليوم بالنسبة لروسيا شريكا استراتيجيًّا، تقدِّم لها الدعم في الشرق الأوسط فيما تتلقى منها دعمًا مقابلًا في القوقاز وآسيا الوسطى، وهو الهدف الذي وضعه صانع السياسة الإيراني عندما قرر رفع مستوى العلاقات مع روسيا(56).لكن الحديث عن حلف استراتيجي بالمعنى السياسي لذلك يصادم الواقعية الجيوسياسية، ويحول دونه عقبات كثيرة في الاقتصاد والسياسة، وإذا ما توفرت النيَّة لدى صناَّع القرار في البلدين (وهي غير متوفرة إلى اليوم) لبناء مثل هذا التحالف فتذليل العقبات الماثلة يحتاج في الحد الأدنى ووفق مايعلنه المسؤولون الإيرانيون إلى خمس سنوات(57).
خلال السنوات الأخيرة أظهرت موسكو في أكثر من مناسبة، أنها صديق يمكن لإيران أن تثق فيه، لكن ذلك لا يعني أنهما تحوَّلا إلى حليفين استراتيجيين، وأن المسافة ما زالت طويلة ليتحول الشريك إلى حليف.
__________________________________
د. فاطمة الصمادي – باحث أول في مركز الجزيرة للدراسات، متخصصة في الشأن الإيراني
مراجع
1- متن کامل عهدنامه ترکمنچای با روسیه، (النص الكامل لمعاهدة تركمنجاي مع روسية)، مشرق، ۰2 ارديبهشت 1393 (تاریخ الدخول 9 مايو/أيار 2016):
2- مجلس به توپ بسته شد (إغلاق المجلس بالمدفعية)، تاريخ إيران، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2016):
http://www.tarikhirani.ir/fa/events/3/EventsList?Page=&Lang=fa&EventsId=210&Action=EventsDetail
3- محمد حسين عادلي، بي اعتمادى بازيگري ورقابت (عدم الثقة، التمثيل والتنافس)، موقع إيران ديبلماسي، 5 ابان 1386، 27 أكتوبر/تشرين الأول 2007لا(تاريخ الدخول: 9 مايو/ أيار 2016) : إضغط هنا.
4- ابراهيم متقي، صلح سرد در روابط ایران و روسیه، مجلة زمانه، شهریور 1387 – العدد 72. (ص 83 تا 88):
5- عبدالرضا هوشنگ مهدوی، سیاست خارجی ایران در دوران پهلوی (السياسة الخارجية لإيران في العهد البهلوي)، تهران: البرز، ۱۳۷۳، ص 326.
8-يُطلَق هذا المسمي على حركة “التحديث” التي أطلقها الشاه محمد رضا بهلوي في يناير/كانون الثاني 1963، و”الثورة البيضاء” وهي برنامج لإصلاح نظام توزيع الأراضي، ولتحديث الاقتصاد وتطوير المجتمع، وهو البرنامج الذي أثار حفيظة رجال الدين بسبب جوانبه الاجتماعية، وفي مقدمتهم آية الله الخميني.
10- پیتر ایوانف، تاریخ نوین ایران، (تاريخ إيران المعاصر)، تهران، نشر مردم، (1978)(1979)۱۳۵۷، ص 134.
13- الهه کولایی، ریشه یابی مواضع حزب توده در قیام 15 خرداد (منطلقات مواقف حزب توده من انتفاضة 15 خرداد)، نقلًا عن كتاب نقل اتحاد جماهیر شوروی و انقلاب اسلامی (الاتحاد السوفيتي والثورة الإسلامية)، تهران، مركز اسناد انقلاب اسلامی، 1379(تاريخ الدخول 9 مايو/أيار 2016):
http://15khordad42.ir/show.php?page=article&id=74
14- يقوم مبدأ نيكسون (نسبة إلى الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون) أو مبدأ غوام، على تركيز الديبلوماسية الأميركية في آسيا على الأدوات الاقتصادية كبديل عن الأدوات العسكرية، وجعل الدول الآسيوية أكثر اعتمادًا على نفسها في حلِّ نزاعاتها، وتقييد التدخل الأميركي وحصره في ردع التهديدات التي تمارسها إحدى القوى النووية، مع إمكانية ردع التهديدات التقليدية التي تحدث على نطاق ضخم لا قبل لحلفاء أميركا بمواجهتها.
17- شعار«نه شرقی نه غربی»نظام بین المللی را تغییر داد/(شعار لا شرقي ولا غربي غيَّر النظام الدولي)، سايت جماران، 17/5/1394 (تاريخ الدخول: 8 مايو/أيار 2016): إضغط هنا.
18- ریچارد هرمان، نقش ایران در ادراکات و سیاستهای اتحاد شوروی 1966-88 (دور إيران في تصور وسياسات الاتحاد السوفيتي) ترجمة الهه کولایی، تهران: میزان، (2007)۱۳۸۶، ص 76.
21- Cottom, Richard, The United States and Revolationary Iran, New York: Simon and Schuster, 1987, P. 65
22- Broxup, Mary, The End of Islamic Threat to The Soriet Union, New York: ST. Martin’s Press, 1990, P. 66
23- Roberts, Charls, the sorief union and The Middle East, New York: outom. 1989, P. 26
25- گراهام فولر، ایران قبله عالم: ژئوپلیتیک ایران (إيران قِبلة العالم، إيران جيوسياسيًّا)، ترجمۀ عباس مخبر، تهران: نشر مرکز، 1363 ص 218.
26- Teicher,Howard, Strategy and Politics after cold war, New York: Alfred knopf, 1992, P. 16
28- انوشیروان احتشامی، سیاست خارجی ایران در دوران سازندگی، ترجمۀ ابراهیم متّقی و زهرۀ پوستین چی، تهران: انتشارات مرکز اسناد انقلاب اسلامی، (1999)۱۳۷۸، ص 185.
30- محمود شوري، إيران وروسيه واكاوى گفتمان ها ونقش غرب، (إيران وروسيا: تحليل للخطاب ودور الغرب)، 1388/2009، مركز الأبحاث التابع لمجمع تشخيص مصلحة النظام، (تاريخ الدخول 10 مايو/أيار 2016):
http://www.csr.ir/departments.aspx?lng=fa&abtid=08&depid=44&semid=181
32– فرح الزمان أبو شعير، العلاقات الإيرانية-الروسية: شراكة حَذِرة تميز حلف الضرورة، مركز الجزيرة للدراسات, 7 أكتوبر/تشرين الأول 2013 (تاريخ الدخول 10 مايو/أيار 2016):
http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2013/10/201310710612251555.html
33- روابط إيران وروسيه چالش ها وفرصت ها، (العلاقات الإيرانية-الروسية: التحديات والفرص)، مركز مطالعات صلح، المركز الدولي لدراسات السلام ،20 بهمن 1391، 8 فبراير/شباط 2013 (تاريخ الدخول 10 مايو/أيار 2016):
34- فرح الزمان أبو شعير، إيران وبحر قزوين: معادلة للصراع وتقسيم النفوذ، مركز الجزيرة للدراسات، 3 فبراير/شباط 2013 (تاريخ الدخول 10 مايو/أيار 2016):
http://studies.aljazeera.net/reports/2013/01/2013131113627251370.htm
35– تطلُّ كل من إيران على بحر قزوين من الجنوب، وروسيا من الشمال الغربي، وكازاخستان شمالًا وشرقًا، وتركمانستان من الشرق، فيما تتموضع أذربيجان، غرب البحر الذي يسمى أيضًا ببحر الخزر أو كاسبيان. تبلغ مساحة البحر 438 ألف كيلومتر مربع، وعلى الرغم من أنَّ اليابسة تحدُّه من كل الجهات، لكنَّ كِبر مساحته يجعله بحرًا مغلقًا وليس بحيرة. ويقدِّر الخبراء ثرواته بـ 79 مليار برميل نفط، و7 تريليونات متر مكعب من الغاز الطبيعي، فضلًا عن كميات هائلة من الكافيار والأسماك. ومع مرور الوقت، أصبحت هذه المنطقة صلة وصل تمتد إلى شرق آسيا وآسيا المركزية والهند وباكستان.
36- فرح الزمان شوقي، هواجس إيران القزوينية: الوجود الأجنبي والتفرُّد بالموارد، العربي الجديد، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2014، (تاريخ الدخول 10 مايو/أيار 2016):
37- Petr Topychkanov, What Does Russia Really Want in Iran?,Carnegie, December 19, 2014:
http://carnegie.ru/eurasiaoutlook/?fa=57571
38- مساعد الرئيس الروسي: لا حلَّ عسكريًّا للقضية النووية الإيرانية، موقع روسيا اليوم، 12 سبتمبر/أيلول 2013 (تاريخ الدخول: 10 مايو/أيار 2016):
http://arabic.rt.com/news/627165
39- Petr Topychkanov, What Does Russia Really Want in Iran?,Ibid
40 – فرح الزمان أبو شعير، العلاقات الإيرانية-الروسية: شراكة حذرة تميز حلف الضرورة، مركز الجزيرة للدراسات, 07 أكتوبر/تشرين الأول 2013 (تاريخ الدخول 10 مايو/أيار 2016):
http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2013/10/201310710612251555.html
42– Elena Holodny, Business Insider , Russia is ready to jump on the ‘new opening’ in Iran
http://www.businessinsider.com/iran-russia-us-relations-after-nuclear-deal-2015-6#ixzz3dP0zpwBh
43-فاطمة الصمادي، ماذا بعد الاتفاق النووي الإيراني؟.. الرابحون والخاسرون، مركز الجزيرة للدراسات، 25 يونيو/حزيران 2015 (تاريخ الدخول: 10مايو/أيار 2016):
http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2015/06/20156259435992376.html
44- توافق هستهاي إيران چه معنايي براي روسيه دارد؟ (ماذا يعني الاتفاق النووي بالنسبة لروسيا؟)، مشرق نيوز، 19 خرداد 1394(تاريخ الدخول 10مايو/ أيار 2016):
45- سفیر ایران در روسیه:موانع بسیاری از مسیر توسعه روابط دو جانبه برداشته شده است (سفير إيران في روسيا: عقبات كثيرة تعترض تنمية العلاقات جرى رفعها)، ديدبان روسيه، ۱۲ ارديبهشت ۱۳۹۵ (تاريخ الدخول: 10 مايو/أيار 2016)::
46– هماهنگی استراتژیک ایران و روسیه درسوریه/نگرانی غرب از گسترش روابط (التنسيق الاستراتيجي الإيراني-الروسي في سوريا: الغرب يخشى من توسيع العلاقات)، مهر نيوز ۴ آذر ۱۳۹۴، (تاريخ الدخول:25 نوفمبر/تشرين الثاني 2015): إضغط هنا.
47- گزارش نشست حضور روسیه در سوریه و تاثیر آن بر منافع و امنیت ملی ایران (تقرير جلسة حول التدخل الروسي في سوريا وتأثيره على المصالح الإيرانية)، مؤسسة العلوم السياسية الإيرانية، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، (تاريخ الدخول 20 يناير/كانون الثاني 2016):
48- گزارش نشست حضور روسيه در سوريه و تاثير آن بر منافع و امنيت ملي ايران (تقرير جلسة حول التدخل الروسي في سوريا وتأثيره على المصالح الإيرانية)، مؤسسة العلوم السياسية الإيرانية، مرجع سابق.
49- گزارش نشست حضور روسيه در سوريه و تاثير آن بر منافع و امنيت ملي ايران (تقرير جلسة حول التدخل الروسي في سوريا وتأثيره على المصالح الإيرانية)، مؤسسة العلوم السياسية الإيرانية، مرجع سابق.
50- جاءت مداخلة الدكتور علايي في : گزارش نشست حضور روسيه در سوريه و تاثير آن بر منافع و امنيت ملي ايران (تقرير جلسة حول التدخل الروسي في سوريا وتأثيره على المصالح الإيرانية)، مؤسسة العلوم السياسية الإيرانية، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، (تاريخ الدخول 20 يناير/كانون الثاني 2016):
53- ولایتی:آینده منطقه در دست مثلث ایران، روسیه و سوریه است(ولايتي: مستقبل المنطقة في يد مثلث إيران وروسيا وسوريا)، وكالة ايلنا، ۱۳۹۴/۰۹/۰۹(تاريخ الدخول 12 مايو/أيار 2016):
54- انظر مداخلة د. إبراهيم متقي، الأستاذ المتخصص في العلاقات-الإيرانية الروسية، گزارش نشست حضور روسيه در سوريه و تاثير آن بر منافع و امنيت ملي ايران (تقرير جلسة حول التدخل الروسي في سوريا وتأثيره على المصالح الإيرانية)، مؤسسة العلوم السياسية الإيرانية، مرجع سابق.
55- بازی روسیه در سوریه؛ تاکتیکی برای کسب منافع ملی (اللعبة الروسية في سوريا تكتيكية لكسب منافع وطنية)، ديدبان روسيه، ۲۷ اسفند ۱۳۹۴(تاريخ الدخول 20 مارس/آذار 2016):
56- جاء ذلك من خلال خطة معدَّة من قِبل مجمع تشخيص مصلحة النظام، وهناك من يورد اسم رئيس مجلس الشورى، علي لاريجاني، بوصفه أول من قدَّم توصية بتعميق العلاقة مع روسيا.
57- نتایج دوجانبه و منطقهای سفر پوتین به تهران (النتائج الثنائية والإقليمية لسفر بوتين إلى طهران)، موقع ديده بان روسيه، ۸ آذر ۱۳۹۴(تاريخ الدخول 11 مايو/أيار 2016):
* تقرير صادر عن مركز الجزيرة للدراسات – إعداد: د .فاطمة الصمادي
عذراً التعليقات مغلقة