موسكو – الأناضول:
صادف أمس السبت 21 أيار/ مايو، الذكرى السنوية لتهجير الشركس عن موطنهم الأصلي في شمال القوقاز، على يد روسيا القيصرية، قبل نحو قرن ونصف القرن.
وبحسب أرقام غير رسمية تم تهجير مليون ونصف المليون شركسي في تلك الفترة، قضى منهم مئات الالآف، بسبب الجوع والأوبئة.
وبعد مرور أكثر من 150 عامًا على تهجير الشركس، بسبب سياسة التغيير الديمغرافي التي كانت تتبعها روسيا القيصرية تجاه منطقة شمال القوقاز. لم تُقدم موسكو في وقتنا الحالي على أيِّ خطوة تجاه إعادة الاعتبار للشركس، أو للتخفيف من ألم الجرح الغائر في ذاكرتهم.
ويطالب الشركس حول العالم روسيا، التي تعد وريثة روسيا القيصرية، بالاعتذار والاعتراف بـ 21 أيار/ مايو كيوم يرمز لـ “الإبادة الجماعية والتهجير بحق الشركس”.
تهجير الشركس
بين عامي 1763-1864، شهد شمال القوقاز حربًا استمرت 101 عام بين الروس وشعوب المنطقة المسلمة، صنفت على أنها من أكثر الحروب دموية على مر التاريخ، حيث أسفرت المعارك عن مقتل أكثر من 500 ألف من سكان القوقاز، وتهجير مئات آلاف الشركس وغيرهم من شعوب المنطقة.
في 21 أيار/ مايو 1864، بعد انتصار روسيا القيصرية على شعوب القوقاز في وادي “كبادا” قرب مدينة “سوتشي” الشهيرة، المطلة على البحر الأسود، كان هذا التاريخ بمثابة “بداية النهاية” للشركس، وشعوب شمال القوقاز المسلمة.
اتبعت روسيا القيصرية سياسة التغيير الديموغرافي، فقامت بتهجير 1.5 مليون شركسي من مدن “سوتشي” و”توابسي” و”سخومي” الساحلية، إلى مناطق سيطرة الدولة العثمانية، وعلى رأسها مدينة “فارنا” (مدينة بلغارية مطلة على البحر الأسود) وصامسون وسينوب وطرابزون (ولايات تركية مطلة على البحر الأسود).
وقضى خلال عمليات التهجير القسري بحسب أرقام غير رسمية ما بين 400-500 ألف شركسي، بسبب الأوبئة والجوع، ونُفي معظم الشركس إلى منطقة الأناضول والأجزاء الأوروبية الخاضعة لسيطرة العثمانيين، ثم هاجر قسم منهم من تلك المناطق إلى سوريا والأردن.
الشعوب التي تعرضت للتهجير على يد الروس
لم يكن الشركس وحدهم ضحية سياسات التغيير الديموغرافي التي اتبعها الروس.
التتار وهم السكان الأصليون لشبه جزيرة القرم، تعرضوا أيضًا لعمليات تهجير قسرية، اعتبارًا من 18 أيار/ مايو 1944، حيث تم تهجيرهم باتجاه وسط روسيا، وسيبيريا، ودول آسيا الوسطى الناطقة بالتركية، التي كانت تحت الحكم السوفييتي آنذاك، كما صودرت منازلهم، وأراضيهم في عهد الزعيم السوفييتي، “جوزيف ستالين”، بتهمة “الخيانة” عام (1944)، لتوزع على العمال الروس، الذين جُلبوا، ووُطِّنوا في شبه الجزيرة، ذات الموقع الاستراتيجي الهام شمال البحر الأسود.
وبحسب مصادر تتار القرم، فإنَّ 250 ألف تتاري تم تهجيرهم خلال ثلاثة أيام بواسطة قطارات تستخدم لنقل الحيوانات، وقضى خلال عملية التهجير تلك 46.2 بالمئة منهم، نتيجة المرض والجوع والظروف المعيشية والمعاملة السيئة.
كما شهدت الحقبة السوفيتية، وبقرار من ستالين، تهجير أتراك الأهيسكا من جورجيا إلى جمهوريات وسط آسيا، في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 1944، وبحسب مصادر محايدة فإن 20 ألفًا منهم قضوا لأسباب مختلفة.
عذراً التعليقات مغلقة