نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤولين أمريكيين أن البيت الأبيض يدرس تحركاً عسكرياً جديداً ضد نظام الأسد، وذلك رداً على التقارير التي تفيد باستخدام الأخير الجاري للأسلحة الكيماوية، مما يزيد احتمال شن ضربة عسكرية جديدة ضد الأسد خلال أقل من سنة.
وقد طلب الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” طرح خيارات لمعاقبة نظام الأسد على هجمات الكلور 7 هجمات على الأقل في هذا العام وربما مواد كيماوية أخرى تؤذي المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
حيث وصف المدنيون والطواقم الطبية في الغوطة الشرقية الأعراض المرتبطة باستخدام غاز الكلور في الهجمة التي حدثت بتاريخ 25 شباط/فبراير، والتي أسفرت عن مقتل طفل بحسب ما ذكرته الطواقم الطبية.
وقد بحث الرئيس الأمريكي الإجراءات المحتملة في بداية الاسبوع الماضي في اجتماع للبيت الأبيض ضم كل من رئيس الأركان “جون ف. كيلي”، ومستشار الأمن القومي “ماكماستر”، ووزير الدفاع “جيم ماتيس”.
إلا أن المتحدثة باسم البنتاغون “دانا وايت” نفت مشاركة “ماتيس” في مناقشات حول العمل العسكري في سوريا قائلة: “إن المحادثات لم تحدث”.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أن “ماتيس” كان معارضاً بشدة للعمل العسكري رداً على هجمات الكلور الأخيرة.
وقال أحد المسؤولين الذي فضّل كغيره عدم الكشف عن هويته إن ترامب لم يصادق على أي عمل عسكري، وأن المسؤولين قرروا مواصلة رصد الوضع.
إن احتمال تجدد العمل العسكري، حتى لو وُضع على جدول الأعمال في الوقت الراهن، يؤكد تفجر الصراع الذي أصبح ساحة معركة بين روسيا وإيران من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى.
وتأتي مناقشات البيت الأبيض وسط حملة الاتهامات الواسعة من قبل مسؤولي إدارة ترامب الذين سعوا إلى حشد الضغوط الدولية بشأن سوريا، بسبب الهجمات الكيماوية المتكررة على نطاق صغير، وسط تصعيد الهجمات الجوية والبرية التقليدية الواسعة النطاق التي قتلت مئات المدنيين في الأسابيع الأخيرة.
وقد سمح نظام الأسد يوم الاثنين لقافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة بتسليم المواد الغذائية وغيرها من المساعدات في الغوطة الشرقية، إلا أنه امتنع عن السماح بدخول بعض الإمدادات الطبية، وذلك حتى مع استمرار القصف والغارات الجوية.
وكانت إدارة ترامب قد أدانت نشر إيران للسلاح والمقاتلين التي حولت كفة الحرب لصالح الأسد، كما ألقت الإدارة باللوم على روسيا بسبب فشلها بتنفيذ اقتراح وقف إطلاق النار المدعوم من الأمم المتحدة، وأيضاً لسماحها بالاستمرار في استخدام الأسلحة الكيماوية.
وقالت الناطقة باسم البيت الابيض “سارة هوكابي ساندرز” في بيان يوم الثلاثاء “إن العالم المتحضر يجب ألا يتسامح مع استمرار استخدام الاسد للأسلحة الكيمياوية”.
ومن جهتهم رفض المسؤولون الروس والسوريون التقارير المطروحة عن استخدام الحكومة للأسلحة الكيميائية.
ويبدو أن صور المدنيين الذين يعانون من آثار التعرض للمواد الكيماوية قد حفّزت ترامب لدراسة شن ضربة عسكرية جديدة، كما فعل الهجوم الكيماوي السابق في نيسان/أبريل الماضي.
ويقول مسؤولون في الإدارة الأمريكية أن سوريا استمرت في صنع وتوظيف الأسلحة الكيميائية على الرغم من اتفاق مدعوم دولياً لإزالة مخزوناتها بعد حادث 2013.
وبحسب الجمعية الطبية الأمريكية السورية (سامز)، التي تتتبّع تقارير العاملين في المجال الطبي، فقد أُبلغ أن المرضى يعانون من أعراض مرتبطة بالتعرض للكلور سبع مرات هذا العام.
وخلافاً للحوادث القاتلة السابقة، يقول مسؤولون أمريكيون إن نظام الأسد لا يقوم حالياً سوى بشن هجمات صغيرة، ويعتمد بشكل أساسي على الكلور المصنوع من مواد متاحة، ويصعب تقفّي أثره أكثر من العوامل العصبية مثل السارين.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية للصحافيين “إنهم يعتقدون بلا شك بأنهم يستطيعون الهروب بفعلتهم في حال أبقوا الهجمات تحت مستوى معين”. كما يشتبه المسؤولون بأن سوريا استخدمت الأنظمة الأرضية بدلاً من الجوية لتنفيذ الهجمات الكيميائية، وذلك لصعوبة تتبعها.
وقد أعرب بعض المسؤولون عن قلقهم بشأن تحديد هوية المسؤول عن هجمات الكلور بشكل قاطع، بينما عبّر آخرون عن شكوكهم في أن ضربة أخرى ستردع الأسد في الوقت الذي لم تردعه الضربة الأولى.
لكن مسؤولين آخرين ولاسيما في البيت الأبيض ووزارة الخارجية، بدوا أكثر انفتاحاً حول تجديد العمل العسكري ضد الأسد. ويقولون إن الرد الأمريكي قد يثني نظام الأسد عن إعادة بناء ترسانته الكيميائية بطريقة قد تهدد الولايات المتحدة في نهاية المطاف، وربما يؤكد هذا العمل أن الولايات المتحدة لن يردعها الوجود الروسي في سوريا.
وتسلط المناقشات الضوء على المكانة الرمادية التي احتلها الكلور في استجابة الغرب لاستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. ففي حين أن الكلور ليس مادة محظورة، إلا أن استخدامه كعامل اختناق محظور بموجب القواعد الدولية للأسلحة الكيميائية.
وقال “فريد هوف” المسؤول السابق في إدارة أوباما إن الولايات المتحدة ستبعث برسالة “قاتلة” إذا ما تكشّف وجود هجمات كيميائية، لكنها لا تفعل شيئاً عندما يقتل المدنيون بالأسلحة التقليدية.
وفي الواقع حتى لو أذن ترامب بشن هجوم آخر، فمن المحتمل أن يدعو البنتاغون إلى الحد من تورط الولايات المتحدة في سوريا. وكان الهجوم الذي وقع في نيسان/أبريل الماضي والذي شمل 59 صاروخ كروز، يستهدف بشكل ضيق مطار معزول، مما يقلل من احتمالات التصعيد.
وتقوم منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بالتحقيق فيما إذا كان الكلور قد استخدم في الهجمات الأخيرة في الغوطة الشرقية.
عذراً التعليقات مغلقة