حرية برس- وكالات:
ناقش مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة تطورات الوضع في ايران، على وقع مظاهرات مؤيدة للنظام نقلها التلفزيون الإيراني، وبينما حذرت واشنطن طهران من أن “العالم يراقب” أفعالها بعد قمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة. رأى سفير فرنسا لدى المجلس أن احتجاجات إيران لا تهدد السلام العالمي، وقال السفير الروسي “دعوا ايران تتعامل مع مشاكلها الخاصة”.
وعقد مجلس الأمن الدولي أمس الجمعة جلسة طارئة بناء على طلب أمريكي لبحث الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران على الرغم من مقاومة إيران وبوليفيا وفرنسا ودول أعضاء أخرى لعقد مثل هذه الجلسة.
وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي إن “الحرية والكرامة الإنسانية لا يمكن فصلها عن السلام والأمن”. وأضافت أن النظام الإيراني “تحت الملاحظة” وأن “العالم سيراقب ما تفعلون”، وقالت أن “الشعب الإيراني ينتفض في أكثر من 79 موقعا في ارجاء البلاد”، مضيفة أنه “عرض قوي للناس الشجعان الذي سئموا حكومتهم الظالمة، ولا يبالون في المخاطرة بحياتهم للاحتجاج” ضدها.
واتهمت “هايلي” النظام الإيراني بدعم حملة عسكرية مؤيدة لنظام الأسد في سوريا ودعم ميلشيات شيعية في العراق فيما الشعب الإيراني يعاني. وقالت إن “النظام الإيراني دفع ستة مليارات دولار سنويا لنظام الأسد”، من أجل الحفاظ على استمراره. مضيفة أن “طهران تدفع ملايين الدولارات سنويا للميليشيات العراقية وللحوثيين في اليمن”
وأشارت “هايلي” أن الشعب الإيراني يقول لحكومته “توقفي عن دعم الإرهاب، توقفي عن إعطاء مليارات الأموال للقتلة والديكتاتوريين، توقفي عن أخذ ثروتنا وانفاقها على مقاتلين أجانب وحروب بالوكالة”.
من جهته أعرب السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرانسوا ديلاتر عن “قلقه” من أعمال العنف في شوارع إيران، مضيفاً أن الاحتجاجات ليست تهديداً دولياً على السلم والأمن الدوليين. وأضاف ديلاتر أن المجتمع الدولي يجب أن يكون يقظا لكن في الوقت ذاته “يجب أن نكون حذرين من أي محاولة لاستغلال هذه الأزمة لمصالح شخصية”.
وحذرت روسيا من التدخل في الشأن الداخلي الإيراني، وقال السفير الروسي فاسيلي نيبنزيا “نأسف للخسائر بالأرواح نتيجة للتظاهرات التي لم تكن سلمية جدا”. مضيفاً “مع ذلك، دعوا ايران تتعامل مع مشاكلها الخاصة”.
من جهته وصف محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني في تغريدة على حسابه على تويتر مساعي الولايات المتحدة الأمريكية لعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي لبحث الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران بأنه خطأ فادح آخر لإدارة ترامب في مجال السياسة الخارجية، مضيفاً إن “مجلس الأمن الدولي رفض محاولة الولايات المتحدة المكشوفة لخطف تفويضه”.
فيما قال غلام علي خوشرو سفير إيران لدى الأمم المتحدة إن لدى حكومته “أدلة دامغة” على أن الاحتجاجات التي وقعت في إيران في الآونة الأخيرة “موجهة بشكل واضح من الخارج”. وقال خوشرو أيضاً إن الولايات تجاوزت سلطاتها بوصفها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي بدعوتها لعقد اجتماع لمناقشة الاحتجاجات. وأضاف “للأسف فعلى الرغم من اعتراض بعض من أعضائه فإن هذا المجلس سمح لنفسه بأن تتعدى الإدارة الأمريكية الحالية عليه بعقد اجتماع بشأن قضية تقع خارج نطاق تفويضه”.
مظاهرات مؤيدة لنظام الملالي في إيران:
خرجت بعد صلاة الجمعة تظاهرات مؤيدة للنظام الإيراني في أنحاء طهران في محاولة من السلطة الحاكمة لاخماد حركة الاحتجاج التي انطلقت آخر الشهر الماضي.
ووصف مسؤولون إيرانيون المظاهرات التي انطلقت منذ 28 كانون الأول/ديسمبر بأنها “مؤامرة” متهمين وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) واسرائيل والسعودية بالضلوع فيها، وهو ما ردده الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
ولليوم الثالث على التوالي، خرجت تظاهرات مؤيدة للنظام بعد صلاة الجمعة في محافظة طهران، والعديد من المدن، بينما أعلنت السلطات انتهاء الاحتجاجات المناهضة للنظام.
وقال التلفزيون الرسمي الإيراني أن عشرات الآلاف من أنصار الحكومة شاركوا في مسيرات يوم الجمعة في أنحاء البلاد لتأكيد الولاء للمؤسسة الدينية الحاكمة في إيران متهمين الولايات المتحدة، بالوقوف وراء أكبر احتجاجات مناوئة للحكومة منذ نحو عشرة أعوام.
وفي إيران يشارك الشعب في انتخابات الرئاسة والبرلمان، لكن مجالس رجال دين غير منتخبين يفرزون المترشحين ويمنعون من لا يوافقون عليه من الترشح. والرأي الأخير في كل شؤون الدولة يرجع إلى المرشد الأعلى.
وطالب خطيب الجمعة في طهران السلطات بالتعامل “بصرامة” مع المسؤولين عن تأجيج الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من أسبوع والتي قتل فيها 22 شخصاً فضلاً عن اعتقال أكثر من ألف شخص وفقاً لمسؤولين إيرانيين. وأضاف رجل الدين أحمد خاتمي في خطبته للمصلين في جامعة طهران حسبما نقل عنه التلفزيون الرسمي ”لكن الإيرانيين العاديين الذين خدعهم مثيرو الشغب المدعومون من أمريكا يجب التعامل معهم بروح التسامح الإسلامي“. مطالباً الحكومة ”بأن تولي اهتماما أكبر للمشاكل الاقتصادية للناس“.
وقال التلفزيون الرسمي نقلاً عن وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي قوله إن نحو 42 ألفا هم من شاركوا في الاضطرابات في أنحاء البلاد.
وأظهرت مقاطع فيديو للمظاهرات المؤيدة ترديد المتظاهرون هتافات ”الموت لأمريكا“ و”الموت لإسرائيل“ وحملوا صوراً للزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي ولوحوا بالأعلام الإيرانية، وهم يهتفون ”ندعم الإمام خامنئي… لن نتركه وحيداً في حربه على الأعداء“.
وعلقت الحكومة خطط خفض الأموال التي تمنحها لمحدودي الدخل ورفع أسعار الوقود بهدف تهدئة التوتر. وذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء يوم الجمعة أن علي ربيعي وزير التعاون والعمل والشؤون الاجتماعية قال إن الحكومة لديها خطط لتوفير 900 ألف فرصة عمل بحلول مارس آذار 2019.
وخرجت تظاهرات احتجاجية محدودة في بعض المحافظات مساء الخميس، بحسب مقاطع فيديو نشرت على شبكات التواصل الإجتماعي، بينما شوهد تواجد كثيف للشرطة في شوارع طهران.
وكانت المظاهرات المعارضة لنظام رجال الدين الإيرانيين قد بدأت صبيحة يوم 28 كانون الأول/ديسمبر في مدينة مشهد شمال شرق البلاد، – والتي قتل فيها 22 متظاهراً حتى اليوم واعتقل المئات – احتجاجاً على إفلاس شركات مالية ومصارف غير مرخصة تابعة للحرس الثوري الإيراني، وطالب المتظاهرون بإستعادة أموالهم، واحتجوا على ارتفاع أسعار الغذاء، وركزو في البداية على القضايا الإقتصادية، لتنتشر تلك المظاهرات فيما بعد لعدة مدن وبلدات إيرانية منها العاصمة طهران، مطالبين بوقف تبديد أموال الشعب على المليشيات التي يدعمونها في عدد من البلاد كلبنان العراق وسوريا واليمن، ثم تحولت لمطالب سياسية تمثلت في المطالبة بإسقاط نظام الملالي الديني، هاتفين ضد الخامنئي وحرقوا ومزقوا صوره، وتحولت التظاهرات السلمية في بعض الأماكن لاحتجاجات عنيفة، حيث هاجم المتظاهرون مراكز أمنية لقوات الباسيج “مليشيا عقائدية مسلحة إيرانية، لحماية النظام بالدرجة الأولى، وقمع أي اضطرابات شعبية تهدد النظام”، كما أحرق المتظاهرون مراكز اقتصادية تتبع للحرس الثوري الإيراني.
عذراً التعليقات مغلقة