زينب سمارة – القدس المحتلة – حرية برس :
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خطاب ألقاه في البيت الأبيض مساء الأربعاء، اعتراف بلاده رسمياً بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المحتلة.
وقال ترامب “إن قراره قد تأخر كثيراً ” وأن من سبقوه من الرؤساء “لم يمتلكوا الشجاعة الكافية لاتخاذه”، مؤكداً أن اعترافه لن يغير شيئاً، فهو مجرد اعتراف بالأمر الواقع، على حد وصفه. كما قال “إن بلاده ستقف دوماً مع عملية السلام، وأنها ستدعم حل الدولتين” . وأضاف أن القدس عاصمة دينية يجب أن يسود فيها جو من حرية العبادة لكل من المسلمين والمسيحيين واليهود، مشيرا إلى أن قراره ليس سوى تصريح، وأن على المسلمين والفلسطينيين التروي في فهمه، وعدم اتخاذ أية ردود فعل متهورة، وحاول ترامب طمأنة المسلمين والمسيحيين، واعداً بعدم المساس بحرية العبادة في المدينة المقدسة.
ووجه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، خطاباً للشعب الفلسطيني، تلا خطاب ترامب زمنياً، اعتبر فيه أن أمريكا خالفت كل القرارات الدولية، وأنها بذلك قد أقصت نفسها من عملية السلام التي لطالما كانت من روادها. وطمئن الرئيس في خطابه أبناء الشعب الفلسطيني إلى أن هذا القرار لا يغير شيئاً على الأرض، فالقدس أكبر من أن يحدد قرار أو اعتراف كهذا مصيرها، واعتبر “عباس” القرار مكافأة لدولة الاحتلال على خرقها المواثيق الدولية، واستمرارها بالاستيطان والأبارتايد، كما وصفه بأنه يصب في مصلحة الجماعات الدينية المتطرفة، التي تريد تحويل الصراع الفلسطيني- الصهيوني إلى صراع ديني. وأنهى خطابه بالتأكيد على أن القدس عاصمة عربية حرة وأبدية لفلسطين.
ودعت الحكومة الفلسطينية جامعة الدول العربية لاجتماع طارئ لمناقشة أزمة القدس، وبحث التحركات العربية الواجبة إزاء هذا التغير المحتمل في الموقف الأمريكي الذي يمس بمكانة القدس ووضعها القانوني والتاريخي.
من جهته، صرح الأب مانويل مسلم، في مقابلة له على قناة الجزيرة أن “هذا القرار لن يزيد شيئاً على الاحتلال ولن ينقص شيئاً “، المهم أن نسأل الدول الكبرى، ما هي الشرعية الدولية؟ هل باتت أمريكا ممثلة لها؟ معتبراً أن النظام الدولي يجب أن يغير من خلال سقوط مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة، حتى يمتنع أمثال ترامب من اتخاذ قرارات كهذه. وأضاف بأنه يدعو الشعب الفلسطيني “ليغني ويفرح ويوزع الحلوى ويرقص في الساحات” لأن قراراه ما هو إلا إيضاح لكل ممارسات الكذب والخيانة التي مارسها ساسة فلسطينيون وعرب. وأكد الأب مانويل في لقاءه التلفزيوني “أن الأمهات الفلسطينيات غير عقيمات، الحكام هم الذين يفنون، لا الشعوب” وأن أهم حل على الشعب الفلسطيني استخدامه هو “العصيان المدني”. وأنهى الأب لقاءه بالتأكيد على قدرة الشعب الفلسطيني على هزيمة أمريكا ودولة الاحتلال، التي ما هي إلا جماعة إرهابية متطرفة ليس إلا، على حد تعبيره.
وقالت حركة حماس بأن هذا الاعتراف “عدوان صارخ على الشعب الفلسطيني” ودعت العرب والمسلمين إلى اتخاذ قرارات لتقويض المصالح الأمريكية في المنطقة، داعية حكومة السلطة الوطنية الفلسطينية بإلغاء اعترافها بدولة الاحتلال، وإلغاء اتفاقية أوسلو، كرد على قرار ترامب.
واعتبر رئيس وزراء كيان الاحتلال، بنيامين نتنياهو قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس حدثاً تاريخياً يتصف بالعدل والشجاعة، وقال أن القرار سترك آثارا هامة على مستقبل دولته، مضيفاً : “نشكركم على قراركم العادل والشجاع بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والبدء في الاستعداد لافتتاح السفارة الأمريكية هنا” . وأناشد الدول الأخرى أن تحذو حذو الولايات المتحدة. مؤكداً أن لا سلام دون أخذ خطوة كهذه، وأن القدس ستكون عاصمة لدولته في أي اتفاق مستقبلي لحل الوضع القائم.
وفي سياق متصل اجتاحت دول الوطن العربي والدولي عاصفة من البيانات الاحتجاجية على قرار ترامب الذي صدر مساء اليوم الأربعاء، فقد طلبت ثمانية بلدان عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن بشأن القدس، فيما اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة القدس إحدى قضايا الوضع النهائي في فلسطين، والتي يجب أن تحل بالمفاوضات ذات المرجعية القانونية، وأظهر تعاطفاً مع كل من يكنّون مكانة خاصة للقدس، مؤكداً على أن لا خطة بديلة عن حل الدولتين.
ووصف الرئيس الفرنسي ماكرون قرار “ترامب” بال”مؤسف”، ودعى الأمة العربية والإسلامية إلى حقن الدماء، مؤكداً أن فرنسا ستظل داعمة لحل الدولتين كحل جذري للقضية.
وأبدى وزير خارجية إيطاليا جيم أوزديميز، قلقه إزاء هذا القرار، ومعلناً معارضة بلاده لهذا القرار.
بينما وصفته الحكومة التركية – في بيان صادر عن الخارجية التركية – بأنه قرار غير مسؤول، مطالبة الحكومة الأمريكية بإعادة النظر فيه، نظراً لإضراره بالهوية المتنوعة، والإرث التاريخي المقدسي.
كما أبدت كل من إيران والصين وروسيا وغيرها من الجهات الرسمية تخوفها من خطورة هذا القرار، وما سيترتب عليه من نتائج قد تخل بالأمن والأمان في المنطقة.
ودعت جامعة الدول العربية في ختام اجتماعها الطارئ أمس الثلاثاء الولايات المتحدة الأمريكية للعب دور حيادي وعادل في عملية السلام.
وفي اتصال هاتفي أبلغ السيسي نظيره الفلسطيني رفض بلاده لقرار ترامب، كما ناقش الرئيسان آثار هذا القرار، وخطورة تجاوزه لكل المواثيق الدولية التي تؤكد على مكانة القدس، وأهمية عدم المساس بها.
واعتبرت الأردن قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية للقدس خرقاً للشرعية الدولية، وأدان وزير الإعلام الأردني، محمد المومني، القرار معتبراً أنه خرق لقرارات الشرعية الدولية ومواثيق الأمم المتحدة.
وفي تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، علق الدكتور محمد البرادعي نائب الرئيس المصري الأسبق والمدير الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، على القرار بقوله “هانت علينا أنفسنا فهنّا على الغير”.
وعلى المستوي الشعبي، دعت الفصائل الفلسطينية إلى إضراب عام احتجاجاً على اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، كما خرجت عدة مظاهرات في فلسطين اعتراضاً على القرار، تم فيها إحراق صور ترامب، ورجم جنود الاحتلال بالحجارة، وقوبلت تلك المظاهرات بالرصاص وقنابل الغاز، ما أدى إلى وقوع عدة إصابات وحالات اختناق بين شبان فلسطينيين. وتداعى عدد من النشطاء في اسطنبول التركية للتظاهر أمام القنصلية الأمريكية تعبيراً عن رفضهم وادانتهم لقرار ترامب التعسفي بحق القضية الفلسطينية، وخرجت عدة مظاهرات أخرى في بلدان ودول أخرى مؤيدة لفلسطين وداعمة للقدس.
وقام ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، بتداول هاشتاغ #القدس_عاصمة_فلسطين_الأبدية ليحتل في فترة قصيرة أهم الهاشتاغات المتداولة، حيث عبر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي من خلاله عن مكانة القدس في قلوبهم، وعدم تنازلهم عنها، حتى وإن تنازلت الحكومات والسلطات الرسمية.
عذراً التعليقات مغلقة