لجين مليحان – حرية برس:
نظر إلينا وهو غير مدرك ما يدور حوله، وكأني به يتساءل، لماذا تنظرون لي كلكم؟ أنا بخير وأريد اللعب. لكن كان الوجع يعتصر قلوبنا جميعاً نحن الواعون لخطورة وضعه في المستقبل.
لازال طفلاً لم يفهم ما هو الألم، لا يعرف ماذا ينتظره أو ما مصير قدمه الصغيرة؟
ربيع طفل سوري من محافظة درعا في الرابعة من عمره ولد في النزوح والتهجير، بسبب الحرب المجرمة التي يقودها نظام عائلة الأسد ضد الشعب السوري، ولد بين عائلته في خيمة النزوح الصغيرة، التي تغيب عنها مظاهر الحياة والرعاية، ولا تقي من حر ولا برد، ذلك البرد الذي كان أحد أسباب مرض ربيع الصغير.
الخيمة التي ولد فيها ربيع ما كانت لتكون، والمرض الذي أصابه ما كان ليكون، لو كان ضمير العالم حياً، لو كان ضمير قادة الدول صاحياً، لكن هذا الضمير غائباً وفقدوا الاحساس كما فقد ربيع الاحساس بقدمه الصغيرة حين كان الطبيب يضربه عليها أثناء فحصه.
ولد ربيع وولد معه مرض ” قيلة سحائية” في ظهره، وفي ظل غياب الرعاية الصحية والمشافي في المناطق المحررة في درعا، اضطر الأهل لإجراء العملية في مشفى ضعيف الامكانيات. ظنوا أن العملية ستنقذ ربيع وستكون الأمور بخير، لكن بعد فترة ظهرت مشكلة صحية أخرى، وكانت المشكلة الأولى من أسبابها. لقد أصيب الطفل الصغير بنقص التروية في قدمه اليسرى، ليصبح مهددا بقطع قدمه، إن لم يتمكن الطبيب من علاجه.
ماتزال قدم الطفل الصغير مهددة بالبتر إن لم يعالج، وأهل الطفل لا يملكون ثمن علاجه، فوالده مقاتلاً في إحدى الفصائل العسكرية التي يمص قادتها دماء عناصرهم كالعلقة، ويجمعون الأموال على حسابهم، ويتضاقى الوالد راتباً وقدره 20 ألف ليرة سورية كل 50 يوم، وهي لا تكاد تكفي احتاجاتهم المعاشية اليومية. أما الوالدة فتعمل مدرسة متطوعة دون أجر في إحدى المدارس الخيمية، تنتظر اليوم الذي تأتي فيه منظمة ما، لتكفل هذه المدرسة وتؤمن لها احتاجاتها التعليمية وتدفع للام مرتباً يعينها على تأمين الدواء لربيع واللباس والحطب والطعام لأن حالته تحتاج إلى الدفء والغذاء لكي يتحسن.
آلام الأم زادت حين أخبرها الطبيب أنه سيحاول علاج قدم ابنها، لكن في النهاية سيضطر لبتر قدم طفلها إن لم يستجب للعلاج.
ربيع لازال لاهياً لا يحس بالألم الذي عشعش في قلب والدته ولا يعلم حال قدمه، وضمير قادة العالم لازال نائماً لا يحس بوجع أطفال وشعب سوريا ولا بمعاناتهم، ولا زال يبحث عن طرق ليعين القاتل على معاقبتنا لأننا طالبنا بالحرية.
عذراً التعليقات مغلقة