شكلت استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري من منصبه مفاجأة لحلفائه وخصومه في لبنان والخارج. وتوالت ردود الفعل عقب إعلانه الاستقالة في خطاب هاجم فيه كلا من إيران و”حزب الله”.
وبعد عام على تكليف الحريري رئاسة الحكومة، تأتي استقالته وسط حالة من التوتر الشديد بين السعودية وإيران. وتتحول الحكومة في هذه الحالة لحكومة تصريف أعمال فور موافقة رئيس الجمهورية على الاستقالة.
وفي أول رد فعل لحليفة لبنان الأوروبية الأساسية، دعت فرنسا يوم السبت المسؤولين في لبنان إلى العمل على التوصل إلى حل وسط بعد الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري. وقالت متحدثة باسم الخارجية الفرنسية إن “من مصلحة الجميع” ألا يدخل لبنان في مرحلة من عدم الاستقرار.
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو فقال إن استقالة الحريري والأسباب التي أعلنها يجب أن تشكل “جرس إنذار” للعالم بمواجهة ما وصفها بـ “الأطماع الإيرانية”. وقال نتانياهو إن إيران “تسعى إلى تحويل سوريا إلى لبنان ثان”. وتابع أن “هذا العدوان يهدد ليس إسرائيل فحسب بل الشرق الأوسط برمته”. وأضاف نتانياهو “على المجتمع الدولي إن يتحد وان يقف بوجه هذا العدوان”.
وكان الحريري اتهم إيران في خطاب الاستقالة بزرع الفتن في لبنان و”إنشاء دولة داخل الدولة وانتهى بها الأمر أن سيطرت على مفاصلها وأصبح لها الكلمة العليا والقول الفصل في شؤون لبنان واللبنانيين”. وقال الحريري إن إيران “ما تحل في مكان إلا وتزرع فيه الفتن والدمار والخراب، ويشهد على ذلك تدخلاتها في الشؤون الداخلية للبلدان العربية في لبنان وسوريا والعراق واليمن”.
إيران: استقالة الحريري سيناريو لإثارة التوتر
إيران ردت على الفور وعبر المتحدث باسم خارجيتها بهرام قاسمي عن أسفه لاستقالة الحريري رافضا توجيهه لإيران “اتهامات لا أساس لها”، بحسب موقع الوزارة. ليس هذا فحسب بل اتهم قاسمي الحريري بتكرار “اتهامات غير حقيقية وبلا أساس” ضد إيران. كما وصف الاستقالة بأنها “سيناريو جديد لإثارة التوتر في لبنان والمنطقة، لكننا نؤمن أن الشعب اللبناني سيتجاوز هذه المرحلة بسهولة”.
“المواجهة باتت وشيكة”
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصا موقع تويتر، ردود فعل متباينة على هذه الاستقالة وأسبابها ورأى بعض المغردين أن المنطقة مقبلة على مواجهة أكيدة بين محوري إيران والسعودية. الباحث الكويتي وأستاذ العلوم السياسة عبد الله الشايجي غرد قائلا إن من تداعيات الاستقالة “قلق عارم في لبنان وتأجيل زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى الكويت غدا.
أما الكاتب والمحلل السياسي الأردني ياسر الزعاترة فرأى أن استقالة الحريري ستضفي مزيدا من التعقيد على مشهد المنطقة المعقد أصلا. الزعاترة اعتبر أن لبنان “دولة مختطفة من قوة إيرانية الولاء”، وذلك في إشارة إلى حزب الله اللبناني الشيعي. بيد أن الكاتب ذا التوجهات الإسلامية رأى أن مواجهة حزب الله تحتاج “إلى رؤية أعمق”.
الكاتب والأكاديمي السعودي تركي الحمد رأى أن “المواجهة باتت وشيكة” في المنطقة بعد استقالة الحريري والتصريحات الأمريكية، وذلك في إشارة إلى موقف إدارة الرئيس دونالد ترامب من إيران واتهامه لها بالإرهاب.
بيد أن الكاتب اللبناني وأستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا أسعد أبو خليل، المعروف بانتقاداته للسعودية، اعتبر في تغريدة أن استقالة الحريري كانت “قراراً سعوديّا بتنفيذ لبناني بقدر ما كانت قراراً إسرائيليّاً بتنفيذ سعودي”.
ويشار إلى أن الحريري قدم استقالته اليوم بشكل مفاجئ من العاصمة السعودية الرياض قائلا إنه يعتقد أن مؤامرة كانت تحاك لاستهداف حياته متهما إيران وحليفتها جماعة حزب الله اللبنانية ببث الفتنة في العالم العربي.
عذراً التعليقات مغلقة