في أول ظهور تلفزيوني لـ”الشيخ” نواف راغب البشير على قناة العالم الإيرانية بعد التسجيل الصوتي المسرب والمنسوب لـ ” الشيخ ” والذي قال فيه أنه سيعود إلى حضن الوطن” الدافئ ” بتنا متأكدين أنه قد عاد فعلاً لحضن النظام وهذا قرار يخصه وهو حرّ في قراراته, وليس هو آخر العائدين، لكن ما يثير التساؤل لماذا اختار الظهور على قناة إيرانية؟
لماذا لم يكن الظهور على قناة سما أو التلفزيون السوري؟ أو حتى القناة الروسية الناطقة بالعربية؟
قد يظن البعض أنه مجرد حدث عابر لكن بالحقيقة هذا الظهور له دلائل لا يعلمها إلا أبناء المنطقة أو أبناء القبائل إن صح التعبير، وقبل البدء بذكر ما وراء هذا اللقاء ودلالاته يجب ذكر بعض التفاصيل عن القبيلة التي ادعى البشير أنه يمثلها، لأنه ليس كل من في سوريا يعلم طبيعة وتركيبة المجتمع بحكم أن النظام الاستبدادي المتمثل بالأسد الأب والإبن قد تعمد جعل أبناء القبائل منغلقين على أنفسهم وعلى بقية السوريين على عكس ما كان يدّعي أنه ألغى العشائرية والقبائلية.
قبيلة البكارة والتي ينحدر منها “الشيخ” إحدى أكبر القبائل في سوريا ويصل تعداد أفرادها إلى أكثر من مليون نسمة، يتوزعون في عدة محافظات ودول مختلفة (سوريا – العراق – تركيا)، ولطالما كانت هذه القبيلة مستهدفة من قبل النظام الإيراني لتكون البوابة وعتبة الدخول بشكل مباشر واختراق بنية المجتمع السوري، وجميع أبناء المنطقة الشرقية يتذكرون قبل الثورة كيف بدأت إيران باستقطاب أبناء هذه القبيلة بحجة أنهم ينتسبون إلى آل البيت وأن جدهم هو الإمام الباقر، فبدأت ببناء الحسينيات في المدن والبلدات التي يقطنها أبناء هذه القبيلة بالإضافة إلى الحوزات والجمعيات وأذكر منها جمعية الإمام المرتضى والتي كانت تعطي مبلغ 5000 ل.س شهرياً مقابل أن تأتي إلى الحوزات والحسينيات بالإضافة إلى امتيازات أخرى كالسفر إلى إيران مثلاً.
وهنالك أمثلة أخرى تدل على محاولات إيرانية متكررة لاختراق هذه القبيلة، كقيام إيران بتجنيد مليشيات من أبناء هذه القبيلة كـ مليشيا حراس الإمام الباقر التي يتزعمها شخص يدعى عمر عاشور في حلب وتقاتل إلى جانب المليشيات الإيرانية.
ونكاد نجزم أن ظهور الشيخ البشير في هذا الوقت بالتحديد على القناة الإيرانية ليعلن عودته إلى حضن “وطن بشار” ما هو إلا دعم للخطط و للسياسة الإيرانية، التي لا تفوت فرصة وجود مرقد أو قبر في منطقة ما لتدعي أنها لها الحق بالسيطرة على هذه المنطقة، فما بالك بصيد ثمين كمحاولة كسب قبيلة كاملة يتجاوز عديد أفرادها المليون نسمة؟!
ويبدو أن تنظيم ” داعش ” قد سهل على إيران هذه المهمة عندما بدأ بنشر الحساسيات القبلية وعبث بكل مفاهيم السلم الأهلي والتوازن داخل هذه العشائر والقبائل، فبمجرد ظهور “الشيخ” وهو في حضن “وطن بشار” انهالت الشتائم ليس عليه فقط بل على أبناء قبيلة البكارة بشكل عام متناسين الكثير من أبنائها الذين ضحوا بأنفسهم من أجل ثورة الحرية والكرامة وهذا ما تريده إيران ويريده نظام الأسد، عبر خلق مشاكل قبائلية وتفتيت ما بقي من النسيج الاجتماعي السوري ليثبت للعالم أنه هو الضامن الوحيد للاستقرار.
ولا بد من العودة إلى بعض النقاط التي تكلم بها عمنا “الشيخ” في اللقاء، لأن فيها الكثير من التظليل والتزوير للحقائق:
أولاً: قال “الشيخ” أنه كان ضد التسليح والسلاح وأن كل من حمل السلاح هو إرهابي متناسياً أن ابنه البكر أسعد هو أحد قادة الكتائب والمسلحين بل هو أحد اللصوص وقطاع الطرق.
ثانياً: قال “الشيخ” إن النظام كان يقدم حلولاً سياسية إلا أن المعارضة كانت ترفض تلك الحلول! والسؤال ما هي هذه الحلول يا عمي “الشيخ”؟ هل تقصد مجزرة الكيماوي؟! أم تقصد مجازر بانياس والحولة و الجورة؟! أم تصفية المعتقلين داخل أقبية أجهزة الأمن والمخابرات؟!
هل هذه هي الحلول التي تقصدها ؟!
ثالثاً: عن أي مؤسسات دولة تتحدث؟ عن مشفى الأسد؟ مدينة باسل الأسد الجامعية؟ عن دوار الباسل؟ عن كشك الحافظ؟ عن صور بشار الأسد التي لا يخلو حائط في أي مدرسة منها؟ وتفقأ العيون في كل مكان، من مداخل المدن حتى دورات المياه العامة؟! انت أكبر قدر يا عمي الشيخ!
رابعاً : لماذا تثمّن الدور الإيراني والروسي في الحل السياسي وأنت قلت لي شخصياً في أحد مقاهي إسطنبول أنه من المستحيل أن يكون الروس والإيرانيون رعاة سلام! ماذا تغير لماذا غررت بي يا عمي الشيخ!!
خامساً: ذكر الشيخ أن لجان تنسيق الثورة هم جزء من الإرهاب! هل لأنهم طالبوا بإطلاق سراحك وحريتك؟! غريب تفكيرك يا عمي الشيخ!!
سادساً: كيف تعتقد أنه يحق لبشار الأسد الترشح لفترة رئاسية جديدة وأنه لا بديل إلا النصرة وداعش وكأن سوريا لم تنجب إلا بشار وأنت.. يا عمي الشيخ!!
سابعاً: ليس أنا من سيرد عليك يا عمنا الشيخ وإنما الشرفاء من أبناء قبيلتك الذين سيردون عليك وهم كثر، ولن يحتفظوا بحق الرد كمن عدت إليهم وجلست في أحضانهم.
عذراً التعليقات مغلقة