لجين المليحان – حرية برس:
لم تقتصر الحرب في سوريا على القتل والدمار والتشريد، فنتائجها تتجاوز ذلك مع طول فترة الحرب هناك، حيث أنتجت من الصعوبات والعوائق السلبية في المجتمع السوري الكثير، مما دمر أبسط حقوق الإنسان الطبيعي كالحصول على أبسط مقومات العيش الكريم، والحلم بتكوين عائلة.
لم تعد كلمة “عقبال مانفرح فيك” كلمة محببة لدى الشباب السوري، فهي كلمة أصبحت تدل على عدم قدرته على الزواج وسط ظروف مأساوية وصعبة للغاية، حيث يعاني المجتمع السوري في الآونة الأخيرة من ارتفاع نسبة “العنوسة” لدى النساء -على حد تعبير المجتمع- وعزوف الكثير من الشباب عن فكرة الزواج، التي أصبحت من الثانويات بسبب نتائج الحرب في سوريا، لتأتي تصريحات حكومة النظام بأرقام ونسب صادمة لهذه الظاهرة التي فاقت ال70 بالمئة، مما يؤدي لآثار اجتماعية أخلاقية سلبية على المجتمع.
وفي هذا الخصوص يرجع “أمير القاسم” وهو من سكان ريف دمشق، إلى “العامل المادي وعدم توفر إمكانيات العيش هو أهم سبب في عدم الإقبال على الزواج، فالشاب يحتاج بضعة ملايين من الليرات السورية حتى يتم زواجه فقط دون استمرار معيشته، وغالب الشعب حالياً يفتقر لأدنى مقومات العيش”.
ويضيف القاسم في حديث لحرية برس أن “غرام الذهب الواحد ١٥٠ ألف ليرة سورية، فالدولار اليوم يعادل ٣٥٠٠ ليرة فعلياً بالأسواق، وعدم استقرار الحياة لدى الشباب فهم منقسمون بين عسكري ضمن النظام لا يعرف متى يتم تسريحه أو متخلف لا يجد وظيفة أو عمل أو منشق مطارد أو مطلوب يخشاه الجميع، هذا واقع أكثر من ٨٠% من الشباب السوري”.
ويذكر أن الشاب إذا أراد الزواج ستكون تكاليف الزفاف تتجاوز ال3 ألاف دولار بمقابل دخله الزهيد، فالشباب اليوم جل تفكيره كيف يجمع مبلغ من المال يساعده بالخروج من سوريا.
وتقول الصحفية حنين السيد لحرية برس إنه “في مناطق الشمال السوري لم يعد هناك سكن بسبب النزوح فمعظم الناس تسكن في الخيام والمخيمات فاصبح هناك رده فعل عكسيه عند الشباب ورفضهم الزواج والسكن في المخيمات “.
ونوهت السيد لنقطة أخرى أن المهر اليوم أصبح بالدولار ومهر الفتاة لا يقل عن 3000 دولار، وأغلب الشباب عمال يعملون بأجور بسيطة و زهيدة جدا وهذا المبلغ يستحيل أن يستطيع الشاب جمعة في سنوات عدة، كما أن الارتفاع الفاحش بسعر الذهب أدى إلى عزوف الشباب عن الزواج فمثلا المحبس والحلق يحتاج العامل إلى سنة كاملة حتى يستطيع شرائها.
كما تحدث لنا “سليمان القرفان” نقيب المحامين الاحرار بدرعا عن هذه الظاهرة قائلا: إن” العنوسة في سورية باتت إحدى الظواهر الإجتماعية التي أصبحت كابوساً يؤرق المجتمع السوري حيث أن مديرية السجل المدني في سورية صرحت منذ أيام أن عدد الفتيات اللواتي بلغن الثلاثين من العمر ولم تتاح لهم فرصة للزواج في سورية هو ثلاثة ملايين فتاة نتيجة للظروف التي تمر بها البلد والهجرة الكبيرة لمن هم في سن الزواج من الشباب السوري”.
ويضيف” القرفان” أن للوضع الاقتصادي المتردي الذي يجعل من الصعب على الشاب السوري مجرد التفكير بالزواج وفتح بيت خاص به، ولا يخفى على أحد أن انتشار ظاهرة العنوسة سيؤدي الى خطر شديد على المجمتع إذ سيؤدي ذلك إلى التفكك والتحلل في المجتمع وانتشار الأحقاد بين أفراده كما سيكون سببًا لانتشار الفساد والرذيلة والانحراف التي ستنجر اليها الفتيات نتيجة للدوافع النفسية التي يعانين منها”.
ويشير إلى أنه ذلك سيؤدي الى انتشار لبعض عادات الجاهلية كلجوء الفتاة أو ذويها إلى السحر والدجل والشعوذة ظناً منهم بأن هذا سيؤدي الى زواج بناتهم .
ويختم القرفان حديثه بأننا سنشاهد تزايد في معدل الجريمة في مجتمعنا السوري نتيجة لانتشار ظاهرة العنوسة، بالإضافة إلى أن الفتاة التي لم تحظى بفرصة لزواج ستصاب بالآلام نفسية وستشعر بالحزن والإكئتاب والنفور من الناس خشية من السخرية والتلميح الجارح.
عذراً التعليقات مغلقة