البعض فهم الثورة على أنها وسيلة للإطاحة بنظام حاكم، ولم يدركوا بأن الهدف من الثورة هو تغيير الواقع بمختلف تسمياته إلى ما هو أفضل حالا. وفي زحام المشاهد المتناقلة بين سوريا والعراق ولبنان لا يستطيع المتابع إلا أن يفاضل ويقارن بين تلك الأحداث التي تمر أمامه، لكن في كثير من الأحيان وتنوع الأمكنة والأزمنة لا يجدر بنا أن نقارن بين الثورات في مختلف البلدان والسبب في ذلك أن الثورات كما قلنا لم تخلق لهدف واحد فقط.
تخصيص الثورة بنوع واحد هو الثورة المسلحة قد يكون الأكثر شيوعا بين الناس لارتباط هذا المفهوم بأحداث كثيرة وقعت على مر التاريخ، لكن ربما يجهل الكثير أن هناك ثورات حصلت دون إراقة الدماء وحققت أهدافها بشكل كامل.
وما يحصل في لبنان يكشف بكل بساطة سذاجة البعض ممن شبه ما يجري في لبنان بما يجري في سوريا وهذا خطأ كبير، إذ أنه ورغم قرب الدولتين من بعضهما إلا أن لكل منها نسيج خاص سواء التركيب المجتمعي أو بنية الحكومة والنظام القائم فيها.
وبغض النظر عن الشعارات والهتافات والمظاهر التي شابت ساحات لبنان إلا أننا لا يمكن أن ننكر أن هذا الحراك الشعبي هو ثورة ضد الواقع الاقتصادي الذي تشتكي منه غالبية فئات الشعب.
ويأتي أحد المغفلين ويقول بأن ثورتكم في سوريا هي ثورة همجية دموية طائفية يقودها المتعاطون والعملاء هدفها التخريب والسرقة والنهب والقتل متناسين أن شعب سوريا خرج في بداية الثورة لتغيير الواقع المزري الذي وصل إليه، وأن الشعارات كانت عفوية وأن من حرف المسار السلمي لها هم زبانية النظام وأزلامه، لذلك فإن مقارنة لبنان بسوريا ضرب من الجنون فلا الرئيس كالرئيس ولا الجيش كالجيش فضلا عن ذلك فلا مطمع في لبنان لأي دولة أجنبية أو عربية ما يجعلها بمنأى عن التدخلات الخارجية المباشرة.
أما ميليشيا حزب الله وتسلطها على الحكومة اللبنانية فيبقى محدودا طالما أنه لن يحظى بدعم خارجي وسيخضع لمطالب الشعب حتى لو أتى بحكومة أخرى، فالظاهر أن قوة الحزب باتت في أدنى مستوياتها وتراجع كثيرا خطاباته الرنانة في السنوات الأخيرة بعد أن غرق في المستنقع الذي جرته إليه إيران في سوريا لذا فإن الصدام مع الشعب في الوقت الحالي لن يكون في صالحه وهو يدرك تماما أن التأثير السياسي للبنان أكبر بكثير من التأثير العسكري، وأن أي خطوة سيقوم بها ستكون إسفينا في نعشه.
نستطيع القول أن مجرد الرفض للواقع والنية في تغييره لا يمكن أن نسميها ثورة بل لابد لها من الخروج إلى أرض الواقع والتحول إلى أفعال إيجابية تثير ضمائر المسؤولين أو غضبهم وهذا حق لا يمكن إنكاره لأي شعب مهما كانت طريقة التعبير عنه.
عذراً التعليقات مغلقة