جهاد الحداد إسماعيل – القاهرة – حرية برس:
تمتلك المؤسسة العسكرية في مصر القدرة على استخدام المجنّدين في الجيش المصري أيدي عاملة للعمل في المشاريع الاقتصادية التي يستثمرها، من دون تقديم مقابل أو عائد لهم ولأسرهم، علاوة على أن أرباحها معفاة من الضرائب ومتطلّبات الترخيص التجاري.
وتلعب ثلاث مؤسسات وشركات متخصّصة، دوراً مباشراً في المشاريع الاقتصادية للقوات المسلحة التي يستحوذ عليها قادة المجلس العسكري وتنال ثناءه، لكنها تساهم في زيادة معدل الفقر وعدد الفقراء في مصر، إذ تصبح كياناً اقتصادياً مستقلاً بحد ذاته خارج حدود الاقتصاد المصري العام، لتكون دولة مصغرة في قلب الدولة المصرية.
وفي حديث خاص لـ”حرية برس” يصرح المجند في صفوف الجيش المصري ” م ع ” طالباً عدم ذكر اسمه، أن الجيش المصري يقبل على الاستثمار في هذه المشاريع بهدف عسكرة الدولة، وقد اتبع هذه السياسة منذ انقلاب يوليو / تموز، ويعمل على استخدامنا في أي مجال دون عائد مادي لنا.
ويضيف المجند المصري ” أنّ عوائد الأرباح تكون في حوزتهم من دون التفكير في المواطن أو الجندي الذي يعمل بهدف زيادة الأرباح، بصرف النظر عن الهدف الأساسي للخدمة العسكرية الإلزامية التي يلتحق بها.
وتصل نسبة ما تسيطر عليه القوات المسلحة من الاقتصاد في مصر وفقاً للتقارير الواردة إلى قرابة 60%، إذ كان الجيش المصري يستثمر على مدى عقود المشاريع الاقتصادية التي تقوم بتصنيع الخضروات والفاكهة، ثم زاد من حجم مشاريعه لتدور الشبهات حول استحواذه على شركة “دابسي” الشركة البديلة ”لأوبر وكريم” التي تضم المتحدث العسكري السابق ”محمد سمير” بين أعضاء مجلس إدارتها، كما تضم عاملين سابقين في مشروعات اقتصادية تابعة للجيش المصري.
وقد سارعت شركة “دابسي” إلى إصدار بيان نفت فيه عائدية ملكيتها إلى القوات المسلحة، ومشيرة في الوقت نفسه إلى أن تعيين المتحدث العسكري السابق جاء كونه خبيراً في التنمية البشرية، متهماً “أهل الشر” في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين، على حد وصف البيان في إشاعة هذه المعلومات المغلوطة.
وعلى الرغم من نفي الشركة علاقتها بالجيش، استمر الحديث عن النشاطات الاقتصادية للمؤسسة العسكرية، خاصة أن “مؤسسات سيادية” أخرى أسست شركات بشكل غير مباشر، عبر انتداب موظفين سابقين للعمل فيها، مثل جهاز المخابرات العامة الذي سيطر على شركات الإنتاج التلفزيوني والقنوات الفضائية والإذاعات وبعض الصحف الورقية والإلكترونية، التي أصبح من أذرعها الإعلامية “فاروق الباز” و”أحمد موسى” و”خيري رمضان” و”إبراهيم عيسى” و”توفيق عكاشة”.
وفي السياق نفسه أيّدت محكمة الاستئناف في القاهرة في أيار / مايو الماضي، شطب سلسلة صيدليات “العزبي” و”رشدي” من جدول النقابة نهائياً، وإيقاف 14 صيدلياً آخرين مدة عام.
وأخطرت الإدارة المركزية للعلاج في وزارة الصحة نقابة صيادلة القاهرة بشطب الدكتور حاتم رشدي، صاحب صيدليات ” رشدي ” والدكتور ” أحمد العزبي” صاحب صيدليات ” العزبي” من سجلات الصيادلة في وزارة الصحة والسكّان بشكل نهائي، وذلك وفقاً لما أدلى به عضو مجلس نقابة الصيادلة الدكتور “أحمد فاروق” في تصريحات ” صحفية ”، مضيفاً أن جميع سلاسل الصيدليات قيد التحقيق في اللجان النقابية.
وأكدت مصادر قانونية لـ”حرية برس” ”أنّ قرار لجنة التأديب في النقابة العامة، الذي قرر شطب وإيقاف هؤلاء الصيادلة، بمثابة حكم محكمة ابتدائية، وتأييده في حكم الاستئناف مع تخفيف العقوبة على 14 صيدلي آخرين، بالإيقاف سنة بدلًا من الشطب النهائي، يؤكّد قانونيته وسلامة تنفيذه”.
من جهته أعلن الدكتور ”أحمد العزبي” في تصريحات عبر وسائل أعلام مصرية، ” أن قرار الشطب ليس من اختصاص الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص في وزارة الصحة”، في لهجة بدا فيها واثقاً من استمرار مشروعه، فيما أكّدت وكيل لجنة الصحة في برلمان حكومة الانقلاب المصرية، الدكتورة ” إيناس عبد الحليم” أن “الصيدليات التي تحمل اسمي العزبي ورشدي لن تغلق، بل سيتغيّر اسمها لتعمل تحت الاسم الأصلي لها”.
وتداولت المصادر المحلية بحسب مراسلة “حرية برس” أن هذا الإجراء ما هو إلا محاولة لسيطرة المؤسسة العسكرية على القطاع الطبي والتجاري، شأنها بذلك شأن ما آلت إليه بقية القطاعات من بناء (إسمنت وحديد) ودعاية وإعلان، منذ تثبيت أقدامها في السلطة بعد الانقلاب العسكري في عام 2013، الأمر الذي نفته القوات المسلحة المصرية عبر متحدثها الإعلامي بقوله: إنّ ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعى من افتتاح القوات المسلحة سلسلة صيدليات في مختلف أنحاء الجمهورية عارٍ عن الصحة”.
من الجدير بالذكر أن المخالفات في قطاع الصحة قد تزايدت بحسب التقارير الموثقة في مصر، حيث بلغ إجمالي عدد قضايا الفساد المتعلقة بقطاع الصحة 15 ألفاً و81 قضية، من ضمنهم وقائع إهمال طبي تسببت في وفاة مواطنين بلغ عددهم 493 قضية، وقد احتلت محافظة القاهرة المركز الأول في المخالفات تليها الدقهلية والشرقية وبني سويف والفيوم.
عذراً التعليقات مغلقة