“عدت تواً من عطلتي في سوريا. من الجيد أن يروح المرء عن نفسه. كانت أياماً جميلة. وها أنا هنا الآن من جديد لأكافح ضد الحقد والكراهية. لا لحزب البديل”، هكذا كتب داود نبيل في تغريدة على تويتر. نبيل يعرف عن نفسه بأنه لاجئ سوري مقيم في برلين.
في نفس اليوم الذي كتب فيه نبيل تغريدته، رد عليه الحساب الرسمي للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (بامف) ببيان مطول قال فيه: “السفر إلى البلد الأصلي يمكن أن يمثل سبباً قوياً لإلغاء حق اللجوء. وهنا يتم أخذ وضع اللجوء أو الحماية بعين الاعتبار. يمكن سحب الاعتراف بالشخص كلاجئ عندما لا تعود أسباب منح حق اللجوء متوفرة”.
وأضاف المكتب: “لكن هناك أسباب تجعل السفر لمدة قصيرة إلى البلد الأصلي ممكناً. ويرى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، بشكل أساسي وبالانسجام مع القوانين، أن رحلة سفر قصيرة (إلى البلد الأصلي) من أجل الإيفاء بالتزامات أخلاقية، مثل المشاركة في جنازة أو زيارة فرد من العائلة يعاني من مرض خطير، ليس سبباً من أجل إلغاء حق اللجوء”، وتابع المكتب في بيانه “ومع ذلك، ليس من الممكن، إعطاء تصريح عام، لأنه يجب التحقق من أوضاع كل حالة على حده”.
— BAMF (@BAMF_Dialog) July 8, 2019
فقبل تغريدة اللاجئ داود نبيل بعشرة أيام، كتب لاجئ آخر عن نيته زيارة بلده ونشر اللاجئ السوري آراس باجو المقيم في مدينة كولونيا تغريدة على تويتر قال فيها: “سآخذ إجازة من يوم إلى خمسة أيام، قد أسافر خلالها إلى سوريا لكي أريح رأسي”، ليجيب عليه المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بنفس الجواب السابق.
https://twitter.com/ArasBacho/status/1144614230500544512?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1144614230500544512&ref_url=https%3A%2F%2Fwww.infomigrants.net%2Far%2Fpost%2F18715%2F%25D8%25A3%25D9%2584%25D9%2585%25D8%25A7%25D9%2586%25D9%258A%25D8%25A7-%25D9%2587%25D9%2583%25D8%25B0%25D8%25A7-%25D9%258A%25D8%25AA%25D9%2585-%25D8%25B3%25D8%25AD%25D8%25A8-%25D8%25A5%25D9%2582%25D8%25A7%25D9%2585%25D8%25A7%25D8%25AA-%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2584%25D8%25A7%25D8%25AC%25D8%25A6%25D9%258A%25D9%2586-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B0%25D9%258A%25D9%2586-%25D9%258A%25D8%25B2%25D9%2588%25D8%25B1%25D9%2588%25D9%2586-%25D8%25A8%25D9%2584%25D8%25AF%25D8%25A7%25D9%2586%25D9%2587%25D9%2585
وتحذر المحامية الألمانية المختصة بشؤون الهجرة واللجوء، نهلة عثمان، اللاجئين من تداعيات نشر تغريدات أو منشورات أو صور تظهر أنهم كانوا في بلدهم الأصلي.
“المصدر الأول”
وتقول المحامية، ذات الأصول السورية، في حديث مع مهاجر نيوز: “رغم أن المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي لوحدها ليست كافية من أجل إلغاء حق اللجوء، إلا أنها تكون المصدر الأول للمعلومات المتعلقة بهذا الخصوص”.
فالمنشور الذي ينشره اللاجئ، بحسب عثمان، قد يكون بداية الخيط في تحقيقات تقوم بها الدوائر الألمانية من أجل إلغاء حق لجوئه، وتضيف: “عندما تكتمل الأدلة لدى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بأن اللاجئ كان في بلده الأصلي، تقوم بعملية تحقق من إمكانية إلغاء حق اللجوء، وترسل رسالة إلى اللاجئ ليبرر أسباب سفره إلى بلده الأصلي”.
وتتابع المحامية: “في المرحلة الأولى يمكن للاجئ أن يرسل جواباً مكتوباً، فإن كان كافياً، يتم إغلاق قضية سحب اللجوء”. لكن إن لم تكن الأسباب كافية، والكلام للمحامية، يطلب المكتب من اللاجئ أن يخضع لمقابلة شفهية من أجل تقديم المزيد من المعلومات. لكن إذا لم يقتنع المكتب بالأسباب التي يقدمها اللاجئ، يتم سحب حق اللجوء منه.
“مصيبة”؟
لكن “المصيبة” بالنسبة للاجئ، كما تقول نهلة عثمان، هي أن تعلم دائرة الأجانب بسفره إلى بلده الأصلي، وتقوم بإلغاء إقامته. وتوضح بأنه “عندما تقوم دائرة الأجانب بإلغاء الإقامة، وهذا من صلاحياتها، لا يبقى للاجئ مجال للاعتراض، وبذلك يضطر إلى تقديم طلب لجوء جديد”، مشيرة إلى أن هذا الطلب قد يتم رفضه أيضاً.
ورغم أن (بامف) يقول إن القيام برحلة قصيرة إلى البلد الأصلي من أجل الإيفاء بـ “التزامات أخلاقية”، مثل المشاركة في عزاء، أو زيارة فرد من العائلة يعاني من مرض خطير، ليست أسباباً لإلغاء اللجوء، إلا أن المحامية تشير إلى وجود حالات مهددة بسحب الإقامة رغم توفر هذه الأسباب لديها.
متى يسمح للاجئ بزيارة بلده الأصلي؟
في هذا السياق تذكر نهلة عثمان مثالا عن لاجئ سوري ذهب إلى سوريا لمدة أسبوع لزيارة والدته المريضة، التي توفيت فيما بعد، إلا أنه مهدد بإلغاء لجوئه الآن، ومازال منذ سنة ونصف ينتظر انتهاء القضية. وتضيف “رغم أنني أيضاً وضّحت للمكتب (بامف) الأسباب التي دفعته لذلك، إلا أن الطلب قد يُرفض ويتم سحب لجوئه بالفعل”. وتقول إن هناك حالات طارئة يتم فيها قبول سفر اللاجئ إلى بلده الأصلي، وتضيف: “بشرط أن تكون الزيارة قصيرة جداً، لا تتجاوز ثلاثة أيام مثلاً، وأن يكون هناك سبب مقنع للزيارة”.
لكن وبشكل عام، كما توضّح عثمان، لا يجب أن يبقى اللاجئ لفترة طويلة تحت رعاية الدولة التي من المفروض أنه كان قد هرب منها.
“دعاية للنظام أم خدمة لليمين الشعبوي؟”
ورغم أن المحامية تعرف حالات يزور فيها لاجئون بلدانهم الأصلية، وخصوصاً سوريا، لأسباب طارئة، ترى أنه ليس هناك أي مبرر لنشر منشورات أو تغريدات أو صور تظهر أنهم كانوا هناك. وتعتقد أن اللاجئين السوريين الذين يقولون من خلال منشوراتهم إنهم ذهبوا وأتوا ولم تكن هناك أي مشكلة، يقومون بنشر دعاية للنظام السوري، وتضيف: “لا يمكن تصور أن شخصاً هارباً من دولة معينة قد يقوم بهذا الشيء”.
ولا تستبعد المحامية أن يحاول اليمين الشعبوي في ألمانيا مثل حزب البديل، استغلال اللاجئين من أجل الدعاية للعودة إلى سوريا، وتختم حديثها مع مهاجر نيوز بالقول إن “اليمين الشعبوي يقوم بالدعاية لهذا الغرض، ولديه هدف واضح وهو أن يعود اللاجئون إلى بلدانهم”.
عذراً التعليقات مغلقة