يصنع من جسده باباً للحياة
تقفله الخيباتُ بدبابيسها الدبقة
يظن جرحه “الخريف” المتساقط بين النسيان
يُلبس قلبه ثياب العمل
تعود عيونُه من جولة السماء
ثم توقع في الدفتر اليومي لصيانة الشر:
كانوا يحبون الشمس حتى تبنّاهم الجحيم.
بهذا المقطع الشعري الآسر، يوقع الشاعر غلاف كتابه الشعري الأخير في صفحته الأخيرة، وكأنه يرسم بريشة الروح مآلات عشاق الشمس.
كتاب “قبل أن تمتلك الأرض”، للشاعر السوري عمر الشيخ، صدر حديثاً عن دار نينوى للنشر والتوزيع ، في نحو 138 صفحة من القطع المتوسط، وهو عبارة عن مجموعة شعرية مقسمة إلى “قصائد” و”نصوص”، حيث اختار لها الشاعر تبويباً مشتركاً تصدر غلاف المجموعة تحت اسم “يوميات شعرية”.
وقد كُتبت القصائد في فترات متفاوتة من أيام وجود الشاعر في مدينة دمشق، حيث كان يعيش منذ ولادته في العام 1987 إلى حين خروجه إلى قبرص نهاية العام 2015، وكانت النصوص مؤرخة بين عامي 2011 و2013، إذ يتابع “الشيخ” اشتغاله الإنساني من خلال صور شعرية يومية يلتقطها من حياته في ظل الأحداث السورية، ليصل حلقات كتبه الثلاث السابقة التي أصدرها بين عامي 2008 و2014، عن الحب والحصار والوحشة والعابرين والأمكنة والأصدقاء وتفاصيله الشخصية وتجاربه، محاولاً إكمال تجربته الشعرية في صناعة مناخ خاص به على خارطة الشعر السوري.
تتميز قصيدة “الشيخ” في هذه التجربة ببساطة الصورة الحسية وصداميتها القادمة من قاموس طفولي، إذ اشتغل ما يقارب أربع سنوات على النصوص لتكون بمثابة خلاصة مكثفة عن الألم والمدن المغلقة بالرعب والأسلحة والحواجز.
في قسم “قصائد” هناك ما يشبه “الضربات” الشعرية التي كتبها الشاعر في مختبره اللغوي البصري، محاولاً الابتعاد عن الشكل والمحتوى المتعارف عليه لقصيدة النثر، ليترك بعض القصائد بلا عناوين، ربما يدعها برسم العالم ليكونوا شركاءً في هذه التجربة.
أمّا في قسم “نصوص” الذي اختار له الشاعر عنوان “يدور رأسي كزمور إسعاف” كناية عن الترقب اليومي لتداعيات الأحداث الدمية التي عايشها في الداخل السوري، فقد ذهب نحو سردية شعرية، يقارب عبرها تفاصيله الشديدة الخصوصية لتكون بمثابة لوحات صاخبة عن شوارع المدينة وأحداثها وعن ألوان الحبيبة بساتين الأرياف الدمشقية المغدورة وصرخات بيوت العتمة السورية.
الشاعر السوري عمر الشيخ في سطور:
– شاعر وكاتب صحفي سوري، مقيم في جمهورية قبرص اليونانية، يعمل مع عدد من الصحف العربية مثل العربي الجديد وموقع المدن وموقع حرية برس، ويكتب في الصحافة القبرصية مع جريدة (hours 24).
– يرأس حالياً تحرير موقع أضواء المدينة للشعر.
– صدر له عن دار التكوين السورية المجموعات الشعرية التالية: “سم بارد/ 2008” و “متى أصبح خبراً عاجلاً / 2009” و “مباشر من جزيرة المونتاج / 2014”.
عذراً التعليقات مغلقة