حنين السيد – إدلب – حرية برس:
تعد أبراج الحمام أحد المظاهر التراثية التي بناها الإقطاعيون في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث اشتهر فيها عدد قليل من القرى الريفية مثل قرية “قسطون” في ريف حماة الشمالي وقرية “ترملا” في ريف إدلب الجنوبي.
ويتألف البرج من بناء يبلغ ارتفاعه عشرة أمتار بطول يتراوح عشرين متراً يوجد في داخله ممرات تتخللها أبواب بأشكال مقوّسة تشبه أبواب القلاع التراثية، فيما تتكون جدران الممرات الداخلية من خلايا حجرية منتظمة تؤوي في داخلها زوجاً من طيور الحمام مع البيض والفراخ إن وجدت.
ويقول الحاج ’’جمعة الحنون‘‘ أحد كبار القرية البالغ من العمر 75 عاماً، في حديثه لحرية برس، إن “الاستفادة من هذه الأبراج قديماً كان له أهمية اقتصادية وصحية كبيرة في زمن قلّت فيه الأطعمة الغذائية والصحية”.
وأشار الحاج “جمعة” إلى أن هذه الأبراج كانت تقدم وجبة غنية بالفائدة للنساء بعد ولادتهن، لما يحتويه لحم الحمام من فوائد صحية كالحديد والزنك والفيتامينات والكالسيوم.
كما لفت الحاج إلى مردوده الاقتصادي الجيد سابقاً، حيث كانت تباع أعداد كبيرة من الطيور في الأسواق التجارية مثل سوق مدينة معرة النعمان وسوق مدينة حلب، ولذلك لكثرة الطلب عليه في تلك المدن والرغبة في شرائه.
وأكد الحنون أن هذه الأبراج تأثرت حالياً بعوامل ساعدت على تهالكها مثل قصف قوات نظام الأسد والطيران الروسي على القرى الذي طال قسماً منها، بالإضافة إلى عدم رعاية مالكي هذه الأبراج وترميمهم لما هدم منها، وهجرة أعداد كبيرة من الحمام بسبب القصف الذي طال قسماً منها وموت قسم آخر بسبب العوامل الجوية وقلة توفير الأغذية المناسبة كالقمح والعدس والبقوليات التي كانت متواجدة بكثرة لاعتماد أهالي القرى على الزراعة آنذاك.
وذكر الحاج جمعة قائلاً: ’’إن الحمام يعتمد في غذائه على القمح والعدس والذرة والبقوليات في فصل الصيف والربيع لوجود المحاصيل، أما في الشتاء فتقدم له مخلفات أجران المواشي، بالإضافة إلى توفير بعض الحبوب التي ادخرها مالكي البرج من مخلفات المحاصيل في فصل الصيف‘‘.
من جهته، قال ’’محمد زيدان‘‘ أحد سكان القرية، إن ’’هذه الأبراج بنيت بشكل هندسي منظم، حيث جاء الإقطاعيون بعمال محترفين لبنائه معتمدين على اليد العاملة‘‘.
وأوضح زيدان أن هذه الأبراج استخدمت لمساعدة الطيور على ارتباطها بالمسكن الخاص بها، وذلك كون الأبراج توفر للحمام درجات الحرارة التي تساعدها على التكاثر.
وأكد أيضاً أن استخدام الأبراج حالياً اختلف عن السابق، فقد اقتصر البعض منها على أعداد قليلة من الطيور لاتتجاوز مئات، بعد أن فاقت الآلاف سابقاً متأثرة بالقصف من جهة والعوامل الجوية وقلة الرعاية من جهة أخرى، كما أن القسم الآخر من الأبراج يُستخدم مستودعات للأدوات الزراعية كما هو الحال في قرية قسطون.
يذكر أن الحمام له أنواع عديدة منها البلدي والبري والقلاب والزاجل والعرايسي وأنواع تجارية أخرى ولكل منها ثمنه الخاص، إلا أن غالبية حمام الأبراج كان من النوع البلدي والبري.
كما أن للحمام علاقة وثيقة مع الإنسان بسبب وجوده منذ آلاف السنين بين المنحدرات والصخور وتطور الإنسان في تربيته لاستئناسه وطلب الفائده منه.
عذراً التعليقات مغلقة