فارس أبو شيحة – غزة – حرية برس:
بحسرةٍ وألم ٍ وخيبة في الواقع الذي يعيشهُ الشباب في قطاع غزة، بعد قضاء السنوات الطويلة في العلم والدراسة داخل الجامعات الفلسطينية وتخرجهم منها بمعدلاتٍ تؤهلهم إلى العمل داخل المجتمع الفلسطيني، من أجل تحقيق طموحاتهم وآمالهم في إنشاء مستقبل وإيجاد فرصة عمل لهم، لكنهم يصطدمون بالعراقيل التي تمنعهم من تحقيق ذلك كله.
الشاب الغزيّ محمد الحواجري البالغ من العمر 28 عاماً، من سكان مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة، لم يكن الحال وظروف الحياة الصعبة، تحالف حظه بالحصول على وظيفة أو عمل يحقق مراده بعد تخرجه من جامعته وحصوله على المرتبة الأولى على دفعته عام 2015.
فيقول الشاب الحواجري الذي تبدو معالم الوجه الحزن واليأس من الواقع المعاش بغزة قد غمرت عليه: “إنني تخرجت من الجامعة الإسلامية بغزة، والحصول على المرتبة الأولى على دفعتي في تخصص العلاقات العامة والإعلام قبل أربع سنوات، لأقوم بعدها مباشرة بالعمل المؤقت تحت بند التدريب داخل أحد المؤسسات الأهلية الخيرية وسط القطاع في عام 2016، وكنت أحد الدعائم الأساسية في تأسيس قسم العلاقات العامة داخل المؤسسة”.
ويردفُ الشاب العشريني الحواجري، أنه “بعد الجهد المتواصل والمثابرة، داخل أروقة المؤسسة الأهلية من خلال القيام بالعديد من الأنشطة الاجتماعية والإنسانية للأطفال والأيتام، لكن التقشف المالي والخصومات على راتبي نتيجة الوضع الإقتصادي الصعب بغزة، جعلتني أقدم استقالتي من المؤسسة دون معالجتها من قبل الجهات القائمة والمختصة في ذات العام”.
وبعد مدة ليست بالطويلة، عملت في شركة للمصاعد في مجال العلاقات العامة والتسويق لثلاثة شهور تقريباً، لكن الوضع الإقتصادي السيئ الصعب داخل المجتمع الفلسطيني وقطاع غزة على وجه الخصوص، جعل الشركة تتوقف عن العمل بشكل كامل، وانصراف العديد من العاملين فيها على ضوء ذلك في عام نهاية شهر ديسمبر عام 2016 وبداية عام 2017م.
ويضيف الشاب الحواجري الذي ظلمته الحياة والواقع المعاش كأحد الشباب الفلسطيني المهمش داخل قطاع غزة، أنه” في بداية عام 2018 عملت داخل شركة سياحية للحج والعمرة بمدينة غزة، حيث أنني عملت داخل أروقة الشركة لتسعة أشهر في لكن الأزمة المالية طالت العاملين بداخلها وكان أيضاً سبباً في تقديم استقالتي لتلك الأسباب، حيث أن راتبي قد لا يكفي ما بين أجر الطريق “الموصلات” وإعالة أسرته بجانب والدي لأنضم إلى طابور الشباب العاطلين عن العمل”.
فيما يشارك الشاب العشريني في العديد من المبادرات المجتمعية والأهلية والشبابية من أجل ملئ الوقت وعدم إهداره، بما يحقق له الفائدة على صعيده الشخصي والفائدة وتقديم العون والمساعدة لمجتمعه خصوصاً فئة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والأيتام إلى اليوم.
ولم يكن حال الشاب الفلسطيني الحواجري أفضل حالاً من الشاب شادي القيشاوي البالغ من العمر 24 عاماً من سكان مدينة غزة، الذي حصل على درجة الدبلوم المتوسط في تخصص الإلكترونيات والسيارات بكلية المجتمع للعلوم التطبيقية والتي قضاها بين العلم والتعلم المهني على أرض الواقع وفي الميدان، ليتخرج بعد عاميين من الدراسة داخل أروقة وأسوار الجامعة عام 2015م.
لكن الظروف الصعبة التي يعيشها الشباب الخريج من الجامعات الفلسطينية داخل قطاع غزة، نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ما يزيد عن 12 عاماً، إلى جانب الانقسام والخلافات السياسية بين حركتي فتح وحماس، كان العاملان الرئيسيان في قلة وانعدام فرص العمل بالقطاع.
ويقول الشاب العشريني القيشاوي الذي يعمل على بسطة لبيع الشاي والقهوة وإعداد الوجبات السريعة للمارة المتجولين من المكان بجوار محل جده داخل ساحة الجندي المجهول وسط مدينة غزة، إن “نعدام فرص العمل داخل قطاع غزة وقلتها، جعلتني أبحث عن البدائل من أجل توفير لقمة العيش لي ولأسرتي معاً، فمنذ تخرجي من الجامعة لم أحصل على أي فرصة عمل في أي مؤسسة خاصة أو حكومية في مجالي إلى اليوم”.
وطالب الشاب القيشاوي، من الجهات المعنية والساسة الذين يمتلكون القرارات، من أجل وجود البدائل لحل مشكلتنا ومشكلة الآلاف من الشباب الفلسطيني الخريج العاطل عن العمل داخل قطاع غزة، بدلاً من سرقة أعمارنا سدى وإهدارها دون الحل الجذري لتلك المشكلة.
وفي ذات السياق يقول الخبير الإقتصادي محمد أبو جياب في حديثٍ مع حرية برس، إن “نحو ما يزيد عن 300 ألف شاب فلسطيني خريج وعامل ينضمون إلى طابور العاطلين عن العمل داخل المجتمع الفلسطيني الذين يتخرجون كل عام من داخل الجامعات الفلسطينية”.
وبين أبو جياب، أن الحلول لتخفيف من واقع الشباب الفلسطيني داخل قطاع غزة يرتكز على عنصرين مهمين، والمتمثل بإعادة إحياء القطاع الصناعي لما يشكل العنصر المهم في تشغيل الآلاف من الشباب الفلسطيني العاطل عن العمل، حيث أنها توفر أكثر من 160 ألف فرصة عمل، والنقطة الأخرى ترتكز على قيام الجهات الحكومية والفصائلية التي تلعب دوراً مهماً داخل الساحة الفلسطينية، بإيجاد فرص العمل للمهنيين والحرفيين والمهندسين وغيرهم في الدول العربية المجاورة لها.
وبحل تلك الطريقتين يمكن خروج بواقع الشباب العاطل عن العمل من الوحل الذي يمرون به في ظل إنعدام فرص العمل، ناهيك ع الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة منذ ما يزيد عن 12 عاماً.
وأردف الخبير الإقتصادي، أن الأمور المتعلقة بفتح الساحة الجمركية مع جمهورية مصر العربية على حدود قطاع غزة وعلى مساحة ثمانية دونمات لتنشيط الواقع التجاري والصادرات والواردات للبضائع إلى العالم الخارجي، ليس لها علاقة بحل تلك الأزمة أو التخفيف منها للشباب الفلسطيني العاطل عن العمل، وأن الأمر يتعلق بالضبط الجمركي وزيادة نسبة الإيرادات لحكومة في قطاع غزة.
وشدد الإقتصادي أبو جياب، على أن المشاريع المؤقتة تحت بند التدريب داخل المؤسسات الخاصة والحكومية العاملة داخل قطاع غزة لبضع أشهر أو يزيد، تمويل تلك المشاريع من الدول الأجنبية والبنك الدولي والمؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة، تساعد على إهدار تلك الأموال دون وجود الحلول الدائمة لحل مشكلة الشباب الخريجين وليست المؤقتة التي لا تقدم أي شئ، موضحاً بدلاً من تلك المشاريع يجب أن توجه تلك الأموال المانحة إلى القطاعي الصناعي والإنتاجي داخل قطاع غزة، لما يساهم في حل المشكلة على المدى البعيد وليست فترة محدودة ومؤقتة لها.
ووجه أبو جياب، رسالةً إلى الشباب الخريجين العاطلين والمتوقف عن العمل نتيجة ظروف الحصار والوضع الإقتصادي الصعب الذي يمر به أهالي قطاع غزة، إلى عدم انتظار الوظيفة من الجهات الحكومية القطاع الخاص، بل يجب البحث عن مبادراتٍ شبابية تلامس واقع في قطاع غزة وقابلة للتنفيذ، لما يحقق من خلالها الشباب العائد المادي من خلال تلك المبادرات الشبابية في الوقت الراهن.
ويبقى السؤال إلى متى سينتهي معاناة الشباب الفلسطيني الخريج والعاطل عن العمل، والمهدد أحلامهم ومستقبلهم نتيجة الصراعات السياسية والخلافات الداخلية داخل المجتمع الفلسطيني، ناهيك عن الحصار الذي يفرضه الإحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ ما يزيد عن 12عاماً ؟!
عذراً التعليقات مغلقة