ياسر محمد – حرية برس
يزداد مصير منطقة شرق الفرات غموضاً وتعقيداً بعد إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عدم التوصل إلى اتفاق بشأنها مع الولايات المتحدة التي أعلن رئيسها قبل أسابيع عن سحب قوات بلاده من المنطقة من دون إرساء خطة تضمن أمنها.
وتوافق اللاعبون الدوليون والإقليميون على ضرورة إنشاء “منطقة آمنة” بطول نحو 500 كم وعمق 32 كم على الحدود التركية السورية، إلا أنهم لم يتوافقوا حتى اللحظة على آليات تشكيل تلك المنطقة والطرف الذي سيتحكم بها. مع إصرار تركيا على أن تكون الطرف المسيطر لتضمن أمنها القومي عبر تحييد ميليشيات “العمال الكردستاني” المتعددة في المنطقة، ورفض واشنطن وروسيا ونظام الأسد لذلك السيناريو.
وبعد سريان شائعات عن توصل تركيا إلى تفاهم مع الولايات المتحدة حول الموضوع، نفى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الثلاثاء، الأمر، وقال إنه لم ير بعد خطة مقبولة لإقامة منطقة آمنة بشمال شرق سوريا بعد ثلاثة أسابيع من اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنشاء هذه المنطقة.
وأضاف أردوغان في اجتماع مع الكتلة النيابية في حزبه العدالة والتنمية، اليوم: “ما من خطة مُرضية عُرضت علينا بشكل ملموس بعد… نحن بالقطع ملتزمون باتفاقاتنا، ووعدنا وعد. لكن لصبرنا حدوداً”.
وبينما جدد الرئيس التركي إصراره على ضرورة أن تكون “المنطقة الآمنة” المزمعة في سوريا تحت سيطرة تركيا، قالت وسائل إعلام إن رئيس “تيار الغد السوري”، أحمد الجربا، تقدم بخطة وسط لضمان أمن تلك المنطقة.
وقالت صحيفة “الشرق الأوسط” في عددها الصادر اليوم، إن الجربا يعمل مع واشنطن وأنقرة وأربيل على بلورة خطة لنشر نحو 10 آلاف مقاتل عربي وكردي في “المنطقة الأمنية” التي تعمل أميركا وتركيا على إقامتها شرقي الفرات.
وأضافت الصحيفة أن الاقتراح الذي اشتغل عليه الجربا، وقام لأجل تنفيذه بجولات مكوكية بين أربيل وأنقرة وشرق سوريا، يرمي إلى “ملء الفراغ، وتقاطع مصالح أطراف عدة، محلية وعربية ودولية”، إضافة إلى أنه “يحل عقد رئيسية أمام المشروع الأميركي – التركي لإقامة المنطقة الأمنية”، بحسب مصادر دبلوماسية غربية مطلعة على مضمون المحادثات بين الجربا ومسؤولين أميركيين وأتراك ورئيس إقليم كردستان العراق السابق مسعود بارزاني.
وتتضمن خطة الجربا توفير بين 8 و12 ألف مقاتل من “قوات النخبة” العربية ومن “البيشمركة” الكردية السورية التي تدربت في كردستان العراق، بحيث تنتشر بين نهري دجلة والفرات. وراعى الاقتراح، بحسب المشرفين عليه، الحساسيات العرقية، إذ يتضمن انتشار العرب في تل أبيض التابعة للرقة، ورأس العين التابعة للحسكة، فيما ينتشر مقاتلون أكراد بين فش خابور على نهر دجلة ومدينة القامشلي.
إلى ذلك؛ قالت صحيفة “جيرون” إن وفداً تركياً يضم مسؤولين أمنيين يجري في الوقت الحالي، في العاصمة الروسية موسكو، محادثات مع وفد أمني تابع لنظام الأسد، حول المنطقة الآمنة وتطبيق (اتفاقية أضنة) وذلك للمرة الأولى منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وأضافت الصحيفة أن المحادثات تجري برعاية روسية، وتناقش تفعيل (اتفاقية أضنة) وإمكانية إنشاء تركيا للمنطقة الآمنة على طول الحدود الشمالية السورية بعمق قد يصل إلى 30 كم، وذلك على إثر إعلان الانسحاب الأميركي من سورية، وهذا السيناريو يحظى بدعم روسي إذ إن الرئيس الروسي بوتين هو من ذكّر باتفاق أضنة مؤخراً بهدف تسوية وضع المنطقة “الآمنة”، كما أن حديث الرئيس التركي أول من أمس عن علاقات أمنية “منخفضة” لتركيا مع نظام الأسد على المستوى الأمني تعزز إمكانية عقد هكذا لقاء.
عذراً التعليقات مغلقة