“منتخب البراميل”.. بوابة الأسد للتلميع والتطبيع

فريق التحرير15 يناير 2019آخر تحديث :

محمد العبد الله – حرية برس

دأب النظام السوري منذ استعادته مناطق واسعة في سوريا، على إعادة تلميع صورته أمام مواليه والمجتمع الدولي والترويج لعودة الحياة الى طبيعتها، فكان المنتخب السوري لكرة القدم الذي بات معروفاً “بمنتخب البراميل”، هو أحد أدوات الأسد لإعادة الترويج لنفسه على الصعيد الدولي، فهل نجح النظام السوري في توظيف منتخب كرة القدم لتحقيق أهدافه؟

محاولات النظام السوري للاستفادة من المنتخب بدأت منذ مشاركته في تصفيات كأس العالم الأخيرة بروسيا، واستغلال نجاح المنتخب في الوصول الى أدوار متقدمة في التصفيات للتأكيد على أنه رغم ظروف الحرب فإن اللاعبين قادرون على الوصول الى كأس العالم، لكن فرحة الأسد ومواليه لم تكتمل بعد إقصائه من قبل المنتخب الاسترالي.

تجربة توظيف المنتخب لتحقيق المكاسب عاد النظام السوري لتكرارها خلال مشاركته في بطولة كأس أسيا الحالية في الإمارات، من خلال زيادة الضخ الاعلامي وتصوير مشاركة المنتخب كأنها حرب يود الانتصار بها، لكنه فشل مجدداً رغم كل التحضيرات والترويج الاعلامي وخرج مهزوماً من البطولة الآسيوية.

وهنا يبقى السؤال؛ كيف سعى الأسد لتوظيف المنتخب في خدمة أهدافه وهل نجح في ذلك؟ وفي هذا الإطار قال الصحفي غيث حمّور لحرية برس: إن “نظام الأسد يسعى الى الاستفادة من منتخب البراميل لتحقيق المكاسب وإظهار نفسه أنه نظام يهتم بالثقافة والرياضة، لكن الشعب السوري بات من الصعب خداعه من قبل النظام، فاستغلال الأسد لمثل تلك الأحداث أصبح أمراً مكشوفاً منذ وصول عائلة الأسد الى الحكم”.

وأضاف حمّور أن “لعبة الأسد التي يسعى من خلالها لجعل الشعب السوري يلتف حول المنتخب على أساس أنه منتخب لكل السوريين باتت مكشوفة، والأسد فشل في فصل الرياضة عن السياسة، فلاعبوا منتخب البراميل يشكرون بشار الأسد المجرم في كل مرة يَظهرون فيها على الإعلام، ويُهدون بعض الانتصارات التي حصلت بالصدفة إلى جيش النظام، حتى أن بعض اللاعبين يَخدمون في هذا الجيش أيضاً ويستخدمون السلاح في وجه السوريين”.

وأشار حمّور الى أن “لاعبي المنتخب لا يكترثون لما يحدث على الأرض، ولا يعنيهم أهل البلد المضطهدين، ويمثلون نظام حاكم قَتل من نظرائهم الرياضيين أكثر من 400 لاعباً، لذلك هذا المنتخب لا يمثل الوطن والشعب، خاصةً في ظل تكريس الأسد المنتخب لتلميع صورته المهترئة داخلياً وخارجياً”.

وتابع حمّور قائلاً: “خروج منتخب النظام من البطولة لن يضر الأسد في شيء، وسينسى الخسارة خلال أيام، ولكن في حال لو تأهل المنتخب كان سيستفيد النظام أكثر لتلميع صورته أمام الرأي العام، ويزعم للجميع أن المنتخب يمارس رياضة ويتأهل لأدوار متقدمة، والحياة طبيعية والسوريين ليس لديهم أي هموم سوى متابعة المنتخب”.

في حين قال رئيس اتحاد كرة القدم في الهيئة السورية للرياضة والشباب نادر الأطرش لحرية برس إن “المنتخبات السورية خلال عقود من الزمن لم تكن تحصل على أي دعم من النظام، بينما سعى الأخير خلال الفترة الماضية الى تقديم الترويج والدعم للمنتخب لتحقيق عدة مكاسب، ولا سيما أن الرياضة تشكل واجهة أي بلد، لذلك استغل النظام المنتخب، لتشجيع الوفود الدولية الرياضية لزيارة سوريا، وبذلك استطاع النظام كسر حالة العزلة الدولية ضده، فأول الوفود الدولية التي زارت سوريا كانت وفوداً رياضية”.

بدوره قال رئيس الهيئة السورية للرياضة والشباب ظلال المعلم: إن “حافظ الأسد حرص على استثمار الرياضة لإظهار ولاء الشعب له، أما الأسد الابن حاول الترويج لنفسه عبر الاقتصاد والتجارة والثقافة، لكنه فشل لعدم وجود مقومات، فلجأ الى الرياضة لتعويم نفسه ونجح في ذلك، من خلال دفع الموالين للالتفاف حول المنتخب ببطولة آسيا عبر الضخ الإعلامي، وبنفس الوقت يصرف أنظار العالم عن جرائمه التي ارتكبها بحق الشعب السوري”.

مبعوث سياسي وليس رياضي

وتدور بطولة آسيا لكرة القدم حالياً في الإمارات، والتي يشارك فيها “منتخب البراميل”، وهو ما يفتح التساؤلات حول مدى استفادة النظام من تلك البطولة لإعادة احياء العلاقات معها.

ويرى غيث حمّور أن “الامارات منفتحة في الأساس على إعادة العلاقات مع الأسد، خاصةً بعد إعادة افتتاح سفارتها مؤخراً في دمشق، لذلك كان سفر المنتخب إلى الإمارات بمثابة مبعوث لخدمة أغراض سياسية للنظام وليس لهدف رياضي، وقد تكون بطولة آسيا أحد فرص إعادة احياء العلاقات مع دول الخليج، لكن إعادة إحياء تلك العلاقات قد يتطلب وقتاً طويلاً، وذلك ليس لأسباب إنسانية أو لأن الأسد هو مجرم، وإنما لأن الإمارات وغيرها من الدول ستعيد علاقتها مع الأسد وفق المصالح والظروف الدولية”.

بينما قال الصحفي الرياضي معروف سبسبي لحرية برس: إن “الإمارات ليست بانتظار انعقاد بطولة آسيا حتى تعيد علاقتها مع الأسد، فلا أعتقد أن الامارات قطعت علاقاتها المخابراتية مع النظام السوري أصلاً خلال السنوات الثمان الماضية، ومؤخراً أعادت أبو ظبي فتح سفارتها في دمشق، لتسير بذلك في سياق بعض الدول العربية التي بدأت تسعى لتطبيع علاقتها مع الأسد”.

قاطعوا “منتخب البراميل”

وقبيل انعقاد بطولة كأس آسيا في الامارات التي بدأت في الخامس من الشهر الحالي، أطلق ناشطون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعنوان “منتخب البراميل”، للدعوة لمقاطعة هذا المنتخب.

ونشر القائمون على الحملة صوراً للضحايا الرياضيين الذين قُتلوا في أفرع النظام الأمنية أو من جراء الحرب، إلى جانب صور الرياضيين الذين لا زالوا معتقلين.

وقال نادر الأطرش: إن “الحملة تم اطلاقها من قبل الهيئة السورية للرياضة والشباب، بغية نفي التسمية التي تُطلق على منتخب سوريا، والذي يُلقّب باسم نسور قاسيون، فطيور النسور انقرضت من سوريا، اضافةً الى أن قمة جبل قاسيون باتت مكان للفسق والانحلال الاخلاقي، وهي مركز تجمع قوات الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة”.

وأضاف الأطرش أن “الأسد كان يستخدم جبل قاسيون لقصف المدنيين خاصةً في الغوطتين الشرقية والغربية، لذلك تمت تسميته منتخب البراميل كونه يمثل نظام الأسد الذي يقصف المدنيين بالبراميل، كما أن العلم الذي يضعه اللاعبون على قمصانهم يوجد على الدبابات والطائرات أيضاً التي تقصف الشعب السوري”.

كذلك أكد معروف سبسبي، أن “الغرض من الحملة دعوة الرأي العام الى مقاطعة المنتخب الذي يمثل النظام السوري وليس الوطن، اضافةً الى أن الأسد قتل 400 رياضياً تم توثيق أسماؤهم، فيما لا يزال أكثر من 100 رياضي معتقلاً داخل سجون النظام السوري”، مشيراً الى أن “التفاعل مع الحملة كان جيداً جداً”.

في انتظار الاعتراف الدولي

لكن لماذا لم يتم الاعتراف بمنتخب يمثل الثورة وسوريا الحرة، وظل المجتمع الدولي معترفاُ بمنتخب النظام رغم كل الجرائم التي ارتكبها الأسد؟.

وفي هذا السياق قال نادر الأطرش: “بما أن مقعد النظام لا يزال موجوداً في الأمم المتحدة، فهذا يعني أن المجتمع الدولي سيستمر بالاعتراف بالجسم الرياضي الذي يندرج تحت راية هذا المقعد أي منتخب البراميل، وبالتالي فإنه من الصعب أن يتم الاعتراف دولياً بمنتخب سوريا الحر”.

بدوره قال ظلال المعلم لحرية برس: “حين يعترفون بالثورة السورية فإنهم سيعترفون بالرياضة والأندية والمؤسسات الرياضية التي تمثل الثورة، لكنهم يسعون الى عدم بروز أي مؤسسة رياضية ناطقة باسم الثورة، ورغم امتلاكنا في الهيئة السورية للرياضة والشباب كل المقومات لنكون مؤسسة رياضية تنهض بشؤون الرياضة، فإن المجتمع الدولي تجاهل تقديم أي دعم أو اعتراف بالرياضة الناطقة باسم الثورة، وظل معترفاً بالنظام”.

ويشارك منتخب النظام حالياً في بطولة آسيا المقامة في الإمارات، ورغم كل الدعم الاعلامي الذي أظهره اعلام النظام ومحاولته حشد الموالين حوله، وتعيينه مدرباً ألمانياً براتب 50 ألف دولار شهرياً، إلا أن المنتخب تعادل مع فلسطين وخسر أمام الأردن، وفقد حظوظه في التأهل لدور الــ 16 من البطولة الآسيوية.

وكان “منتخب البراميل” شارك في تصفيات كأس العالم بروسيا 2018، لكنه فشل في التأهل الى المونديال العالمي بعد خروجه أمام منتخب استراليا في الملحق الآسيوي، في وقت كان ناشطون قد أطلقوا حينها أيضاً حملة لمقاطعة المنتخب.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل