جاءت افتتاحية صحيفة “فايننشيال تايمز” تحت عنوان “تشويش ترامب (القاتل) على سياسة الشرق الأوسط”، تقول فيها إن واشنطن تعاني من إشارات متضاربة وتشدد متزايد.
وتقول الافتتاحية، إنه “قد يغفر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، شعوره بالارتباك، ففي يوم الأحد تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ(تدمير تركيا اقتصاديا) في حال استهدفت قوات أردوغان الأكراد في سوريا (حلفاء الولايات المتحدة)، وفي الأسبوع الماضي، تجاهل الرئيس التركي تصريحات مستشار ترامب للأمن القومي، التي قال فيها إن الولايات المتحدة لن تسحب قواتها من سوريا حتى تضمن تركيا سلامة مغادرة الأكراد”.
وتشير الصحيفة إلى أن ترامب صرح قبل ذلك بأن الولايات المتحدة ستغادر سوريا “بسرعة شديدة”، وهو القرار الذي أدى إلى استقالة وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس، واستقالة المبعوث الخاص للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بريت ماكغيرك، لافتة إلى أن ذلك حدث قبل تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، التي قال فيها إن “الولايات المتحدة ستنسحب من سوريا ببطء تبعاً للظروف على الأرض”.
وتتساءل الافتتاحية: “لو لم تكن الولايات المتحدة تعلم ما إذا ستبقى أم تخرج، بسرعة أو ببطء، بناء على الظروف الملائمة، أو أنها لن تخرج أبدا، فكيف سيعرف الشرق الأوسط بعامة كيفية خروج الولايات المتحدة؟”.
وتعلق الصحيفة قائلة إن “ترامب -حتى نكون منصفين معه- ليس الرئيس الأمريكي الوحيد الذي أرسل رسائل متناقضة تتعلق بالمنطقة، فجورج دبليو بوش قاد غزوا للعراق في عام 2003، وكان من المفترض أن يكون محفزا للديمقراطية في المنطقة، وعوضا عن ذلك فقد عزز الغزو الأمريكي من قوة الولايات المتحدة، وعندما تصاعدت حدة النزاع الطائفية عاد بوش للتوليفة القديمة، وهي تفضيل الاستقرار على أجندة الحرية”.
وتلفت الافتتاحية إلى أن “فترة باراك أوباما اتسمت بالشلل وعدم القدرة على اتخاذ قرارات، ففي البداية رحب بالربيع العربي، الذي اندلع من تونس عام 2011، ومنح مباركته للإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك، وعندما شاهد الحكم الذي يقوده الإخوان مال نحو دعم الحاكم القومي على دعم الديمقراطيين الإسلاميين، فالطرق التعسفية التي مارسها عبد الفتاح السيسي من الصعب تفريقها عن أساليب مبارك”.
وتجد الصحيفة أن “ما زاد من الارتباك أكثر، أن أوباما قرر (الجلوس في المقعد الخلفي) وتوجيه الأوامر في الحملة التي قادتها بريطانيا وفرنسا للإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي، ورفض تنفيذ (الخط الأحمر) بعد عامين عندما تعهد بمعاقبة رأس النظام السوري بشار الأسد إن استخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه، ولم يعد نظام الأسد مهددا الآن”.
وتنوه الافتتاحية إلى أنه على خلاف الرؤساء السابقين، فإن ترامب لا يتحدث عن الديمقراطية في الشرق الأوسط، ففي الأسبوع الماضي ألقى مايك بومبيو خطابا في القاهرة، لم يذكر فيه كلمة (ديمقراطية) سوى مرة واحدة، وأعلن أن الولايات المتحدة هي قوة للخير في المنطقة”.
وتستدرك الصحيفة بأن “خطاب بومبيو لم يقدم الكثير من التوضيحات حول ما سيقوم ترامب بعمله، فمن جهة يريد ترامب الوفاء بوعوده الانتخابية والخروج من المنطقة، ومن جهة أخرى فإنه وافق على تغيير النظام في إيران، وتعهد بومبيو في خطابه بإخراج آخر جندي إيراني من سوريا، وقبل أيام قال ترامب إن (إيران يمكنها عمل ما تريد) في سوريا، والسؤال هو من سيصدق الشرق الأوسط الرئيس أم وزير خارجيته؟”.
وتقول الافتتاحية: “من سوء الحظ أن لا إجابة واضحة، ومن المحتمل استمرار الرسائل الغامضة، وتصاعد المواقف الصقورية لدى الإدارة، وبعد رحيل ماتيس لم يبق لدى ترامب مسؤول ذو خبرة سوى بولتون، ووجوده لا يبعث على الراحة، فعلى خلاف المواقف الناضحة من زميله المستقيل، فإن بولتون دفع البنتاغون لرسم عدد من الخيارات لضرب إيران، وكان ماتيس سيرفض هذه الجهود أو يحاول منعها، فيما يجد القائم بأعمال وزير الدفاع باتريك شانهان نفسه في وضع ضعيف، ويظل ترامب شخصا مساعدا لا مانعا”.
وتختم “فايننشال تايمز” افتتاحيتها بالقول: “حتى يتغير الأمر فإنه يجب على الشرق الأوسط تحضير نفسه للأسوأ: مستقبل دون استقرار أو حرية”.
- المصدر: عربي21
عذراً التعليقات مغلقة