ياسر محمد – حرية برس:
مع تضارب المصالح شرقي الفرات، بعد الانسحاب الأميركي المفاجئ، بدأت علامات زعزعة مسار أستانا تظهر بشكل علني، وهو وإن لم يكن فجاً حتى الآن، إلا أنه يشي بالكثير الذي يمكن أن يحدث مع بدء هجوم تركي مزمع في منبج أو شرقي الفرات.
تصريحات عدة صدرت عن روسيا أمس واليوم، لا تصب في مصلحة مسار أستانا وديمومته، حيث بدأت روسيا تنحاز بشكل كامل إلى نظام الأسد ضد المصالح التركية، وضد المعارضة السورية بالطبع.
وفي هذا الصدد، قالت روسيا، اليوم الأربعاء، إنه يتوجب على نظام الأسد السيطرة على المناطق التي تنسحب منها القوات الأمريكية شمال شرقي سوريا.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن روسيا لديها سؤالاً جوهرياً بخصوص الجهة التي سوف تسيطر على المناطق التي تتمركز فيها القوات الأمريكية بعد خروجها!
وأجابت زاخاروفا على سؤالها بالقول: ينبغي أن يكون نظام الأسد!
تصريحات زاخاروفا جاءت بعد يوم واحد من تصريح روسي اعتبر الوجود التركي في سوريا “مؤقتاً”، وهو تصريح يحمل دلالات معينة في هذه المرحلة، حيث قال مندوب روسيا الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، غينادي غاتيلوف، إن الوجود العسكري التركي في الشمال السوري هو “ظاهرة مؤقتة”.
وفي تصريح لصحيفة “إزفيستيا” الروسية اليوم، أمس الثلاثاء، اعتبر غاتيلوف التحركات التركية التي تجري في الشمال السوري ظاهرة مؤقتة تستدعيها المخاوف الأمنية التركية ولاسيما ما سماه بـ “خطر الإرهاب”.
وأضاف غاتيلوف أن “تركيا التي تمتلك حدوداً مشتركة طويلة مع سوريا، لها مبرراتها في الاستجابة للتهديدات الأمنية التي قد تواجهها، لا سيما إذا كانت تلك التهديدات إرهابية”.
وتابع: “ننطلق من كون المسألة الكردية موضوعاً حساساً للغاية في فسيفساء سوريا السياسي، حيث أن نشاط تركيا في الشمال السوري ظاهرة مؤقتة ترتبط بالمخاوف المتعلقة بالأمن القومي والخطر الإرهابي قبل غيره”.
وأعرب المندوب الروسي عن اعتقاده أنه ليس في نية تركيا تهديد “وحدة الأراضي السورية وسيادتها”.
أما التصعيد الخفي الأكبر، فهو تصريح الكرملين، اليوم الأربعاء، أنه لا خطة للقاء قريب بين الرئيسين الروسي فلاديمر بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، وفقاً لديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، بعدما قال أردوغان للصحفيين في وقت سابق أمس الثلاثاء إنه سيلتقي بوتين على الأرجح لبحث انسحاب الولايات المتحدة من سوريا.
في المقابل، وتزامناً مع استمرار تعزيزاتها العسكرية على الحدود السورية، لمّحت تركيا إلى أنها تزمع البقاء طويلاً في منطقة “خفض التصعيد” في إدلب.
وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية، إبراهيم قالن، خلال مؤتمر صحفي في المجمع الرئاسي في العاصمة أنقرة عقب اجتماع مجلس الحكومة الرئاسية، إن “النظام السوري لن يجرؤ على مهاجمة القوات التركية المتمركزة في نقاط المراقبة. هم يعرفون أننا سنهدم الدنيا فوق رؤوسهم في حال قيامهم بأي اعتداء علينا”.
وأضاف: “نحن اتفقنا في هذا الخصوص مع روسيا وإيران؛ أي أن الدول الثلاثة الضامنة توصلت لاتفاق في هذا الإطار. هم الآن يعلنون اكتمال المفاوضات التي كانوا يجرونها مع النظام السوري. يوجد في المنطقة 12 نقطة مراقبة ويتم توفير كل الإمكانيات لجنودنا من حيث الدعم بجميع أنواعه”.
وزادت التكهنات في الفترة الأخيرة عن حتمية تفسخ “مسار أستانا” الذي جمع تركيا وروسيا وإيران، وعوّلت عليه موسكو ليكون بديلاً من مسار جنيف الأممي، حيث تتوضح يوماً بعد يوم الهوة التي يصعب تجاوزها بين مصالح الدول الثلاثة في المناطق السورية التي انسحبت الولايات المتحدة منها بشكل مفاجئ، وأربكت جميع الحسابات.
عذراً التعليقات مغلقة