ياسر محمد – حرية برس
تصاعدت حدة التوترات السياسية والأمنية في إدلب وجوارها، عقب الإجراءات الأمنية والسياسية التي اتخذتها “هيئة تحرير الشام” مؤخراً، بغية فرض سياسة الأمر الواقع على المدنيين و”الجبهة الوطنية للتحرير”.
وقد شهدت إدلب مؤخراً حوادث اغتيال واعتقالات شملت ناشطين سلميين وحقوقيين وكوادر طبية، كانت وراءها “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً)، بلا مبررات واضحة أو أسباب معلنة، مع عجز أي فصيل أو تشكيل عسكري أو تيار مدني عن حماية هؤلاء أو تغيير المعادلة على الأرض في آخر قلاع المعارضة.
ومع الإعلان عن تشكيل جديد لـ”حكومة الإنقاذ” أمس الأول، اتضح للدول الضامنة لهدنة إدلب، وكذلك لأكثر من ثلاثة ملايين مدني يعيشون فيها، أنه ليس لدى “تحرير الشام” أي نية لحلّ نفسها كما أشيع، أو كما يتطلب تنفيذ هدنة إدلب وفق اتفاق “سوتشي” بين روسيا وتركيا وإيران.
القائد العام السابق لـ “تحرير الشام”، هاشم الشيخ (أبو جابر) أكد هواجس المدنيين والدول الضامنة بمنشور عبر “تلغرام” اليوم الأربعاء، قال فيه إن الاجتماعات والمباحثات التي جرت بين “تحرير الشام” و”الجبهة الوطنية للتحرير” بهدف الوصول للاتفاق على إدارة واحدة للمناطق المحررة قد وصلت إلى طريق مسدود وعقبة عجزوا عن تجاوزها.
وأضاف “أبو جابر” أن الخلافات تتمثل بدعوة قيادة “تحرير الشام” لنظيرتها في “الجبهة الوطنية” للدخول في الهيئة التأسيسية لـ”حكومة الإنقاذ” ومن ثم مشاركتهم في الحكومة.
فيما دعت الجبهة الوطنية في المقابل “تحرير الشام” إلى حل “حكومة الإنقاذ” وعقد مؤتمر وطني عام تنبثق عنه هيئة تأسيسية ومن ثم حكومة تمثل الجميع وتبسط سلطانها على كامل محافظة إدلب. وهو ما رفضه الطرفان.
وسعت “حكومة الإنقاذ” منذ تأسيسها، وبوسائل مختلفة، للسيطرة على أكبر قدر ممكن من المجالس المحلية في إدلب، ومحاولة كسب شرعية شعبية من خلالها، لكن الفشل الأمني ضمن مناطقها، وعلاقتها بـ”هيئة تحرير الشام” أفشلت جهودها في تشكيل قاعدة شعبية وازنة.
وفي الوقت ذاته، فشلت الحكومة السورية المؤقتة بفرض سيطرتها أو رؤيتها على مفاصل أمنية واقتصادية مهمة بإدلب، علماً أنها فشلت قبل نحو عام باستعادة السلطات التي سلبتها إياها “حكومة الإنقاذ” إبان تشكيلها الأول، ودارت وقتها معارك بيانات وإنذارات بين الطرفين، وقال مدير مكتب العلاقات العامة في “الحكومة المؤقتة”، ياسر الحجي، إن حكومته ترفض “التعاون مع أي حكومة لها علاقة بالإرهاب”، قاصداً بذلك “حكومة الإنقاذ”، على اعتبار أن “المؤقتة” تتهم “الإنقاذ” بالتعاون أو التحالف مع “هيئة تحرير الشام”. إثر ذلك مباشرة، أصدرت “حكومة الإنقاذ” ما عنونته بـ”إنذار إلى الحكومة السورية المؤقتة”، طالبت فيه الأخيرة بـ”إغلاق كافة المكاتب التابعة لكم (للحكومة المؤقتة) في المناطق المحررة، وإخلاء جميع المقتنيات الشخصية، خلال 72 ساعة”، لتتصاعد بعدها الأزمات التي أفضت إلى سيطرة “الإنقاذ” على المرافق الصحية والتعليمية والمنافذ الحدودية الأهم في إدلب.
ناشطون رأوا في تصعيد “تحرير الشام” الحالي شرعنة لمهاجمة إدلب، وهو مالا يستبعده النظام وحلفاؤه (الإيرانيون خاصة)، بل إنهم يواصلون التحشيد على تخوم المحافظة ويقصفها النظام بين حين وآخر.
وفي هذا الصدد، قال الإعلامي والناشط السياسي أسامة أبو زيد في منشور على صفحته في “تويتر”: “جبهة النصرة بدأت حملة منظمة في إدلب لزعزعة الأمن ونشر الرعب في صفوف الناشطين والعاملين في الحقل الإنساني من خلال اغتيال وخطف وجوه بارزة في العمل الثوري المدني والعمل الإنساني، الهدف الواضح للحملة هو إعلان إدلب منطقة تحت سيطرة التطرف لشرعنة تصعيد عسكري من روسيا وإيران”.
Sorry Comments are closed