غسان الجباعي حين دُعِيَ إلى “قهوة الجنرال”

فريق التحرير11 ديسمبر 2018آخر تحديث :

نزار غالب فليحان – حرية برس

عن سوري يُؤمن بأفكاره ومبادئه، فتخذله آراؤه ومواقفه، لأنها تقوده إلى المعتقل حيث يموت أو يتلاشى شيئاً فشيئاً، إلا ذاكرته التي تستعيد ماضيه فيعيد هو بدوره تكوين مســرح حياته من جديد على ثلاثة مستويات، الأول مستوى المسرحــي الشاعر والثاني مستوى زبون الليل والثالث مستوى المعتقل، كل ذلك من خلال نص روائي حمل عنوان “قهوة الجنرال”.

تدور الحكاية في هذا المُناخ، مَرَّةً عبر مونولوج هادئ بين البطل وذاته متنقلاً من الماضي إلى واقع الاعتقال إلى الخروج من المعتقل هائماً على وجهه حَدَّ نسيان عنوان بيته، ومَرَّةً بينه وبين سيدة الليل في سياق يتصاعد نحو ذروة إدراك أنها زوجته.

وتمر الحكاية من قهر السلطة وسحقها للمعتقل، إلى استخدام زوجته جسدها لأجله، الزوجة التي تصبح – كما أسلفت – زبونة زوجها نهاية المطاف، وفي كل هذه التفاصيل ثمة ذكريات تشبه الروائح لا يمكن أن تغيب عن المخيلة، الروائح التي شَكَلَّتْ ربما حوافز الذكرى لدى البطل.

في الرواية كثير من الغموض كثير من السوريالية التي تعبر عن دواخل الشخصية بتلقائية عفوية أحياناً وبصورة اشتغل عليها الكاتب بحيث بدت ربما غير منطقية أو غير منظمة أحياناً أخرى، ما أعطى النص روحاً تعكس جدلاً لم تحسمه سنوات الاعتقال، ولم تكن كافية لانتشال البطل (الضحية بالطبع) من تبعات طرح أسئلة بحجم مواطَنة حَقَّة وهوية نقية وانتماء لا ينازعه القمع.

يستدعي السرد الذاكرة، فلا يلبث أن يصحو على حاضر يرده إلى ماضٍ في تناغم جعل النص ضفيرة شابَتْ ذوائبُها بين كتفَي الحكاية.

لا تخلو لغة النص من الشعرية، والنص غزير، لكن دونما صخب كمطر الربيع، لكنه في ذات الوقت مؤلم حدَّ جعلنا نحيا تفاصيل الشخصية التي ربما تقرأنا جميعاً.

النص مادة خام تسمح لنا بتعزيزها بكثير من حكايات ومشاهد وذكريات غارقة في الألم، بنية تحتية فكرية تسمح لنا بالبناء عليها، وميض يفتح عيوننا على ألم عشناه وربما أغمضنا عنه العيون صاغرين، بل أغمضنا عنه العيون وأغلقنا دونه العقول، تحت وطأة أمثولات القهر ممن تمت دعوتهم إلى فنجان قهوة فابتلعتهم الزنازين.

وليس عجباً أن يبدأ غسان الجباعي النص من البحر وينهيه في البحر، فـ”قهوة الجنرال” الــ بلا سكر، أشبعها الكاتب غلياناً فجاءت مُرَّةً لا يستوعب مرارتها إلى اتساع بحر.

غسان الجباعي في سطور

– مخرج مسرحي وكاتب درامي ولد في قطنا 1952، متخصص بالأدب العربي.

– اشتغل في المسرح ممثلاً ومخرجاً ثم مدرساً في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق لمادتي التمثيل ومبادئ الإخراج.

– درس في المعهد العالي للفنون المسرحية معهد كاربينكا كاري الحكومي في مدينة كييف من عام 1975 ولغاية عام 1981 وحصل عام 1981 على شهادة ماجيستير في الإخراج المسرحي.

– كتب أعمالاً قصصية ومسرحية منها: أصابع الموز، وجنراليوس، والشقيقة، وبودي الحارس، والوحل، ورغوة الكلام.

– أخرج مسرحياً جزيرة الماعز، وأخلاق جديدة، ومع الجميع على حدة وسلا .. لم، والهسروردي، والشقيقة.
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل