هل اقتربت المواجهة العسكرية بين إيران وأميركا شرق الفرات؟

فريق التحرير2 ديسمبر 2018آخر تحديث :
عناصر من مليشيات مدعومة إيرانياً شرقي دير الزور – تواصل اجتماعي

محمد العبد الله – حرية برس

تشهد منطقة شرق الفرات حالة من التوتر، بعد إطلاق مليشيا “قوات سوريا الديمقراطية” تصريحات عن نية ميليشيات إيران شن عملية عسكرية نحو مناطق “قسد”، ما ينذر بحدوث مواجهة بين ميليشيات مرتبطة “بالحرس الثوري الإيراني” وبين “ٌقسد” المدعومة أميركياً للصراع على المنطقة الغنية بالبترول.

وكشفت مليشيا “قسد” قبل أيام، عن أن الميليشيات الإيرانية الموالية لقوات نظام الأسد تستعد للهجوم على آبار النفط ضمن المناطق الخاضعة لسيطرتها قرب دير الزور.

وقالت مصادر عسكرية من “قسد” إن الميليشيات الإيرانية تجهز قواتها في قريتي خشام والصالحية شمال مدينة دير الزور، بهدف الهجوم على قرية العزبة قرب حقل “كونيكو”، نظراً لأهمية المنطقة اقتصادياً، والضغط على “قسد” التي تواجه تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.

وفي المقابل أرسلت كل من “قسد” و”جيش الثوار” تعزيزات جديدة الى شرق الفرات، ما يثير التساؤلات حول احتمال وقوع مواجهة عسكرية بين واشنطن وطهران في شرق الفرات، وهل يخطط التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لاستخدام “قسد” بغرض محاربة النفوذ العسكري الإيراني في سوريا؟

وتعد المنطقة التي تسيطر عليها “قسد” غنية بالبترول، وتضم العديد من آبار النفط، أبرزها حقل العمر النفطي وحقل كونيكو للغاز، لذا لا يزال نظام الأسد يحاول انتزاع السيطرة عليها عن طريق ميليشيات مدعومة من “الحرس الثوري الإيراني” من بينها ميليشيات عراقية.

“قسد” تستجلب الدعم بطريقتها

وقال المحلل العسكري العقيد فايز الأسمر لحرية برس: إن “حديث قسد عن هجوم ايران شرق الفرات مجرد تصريحات إعلامية، تهدف من خلالها قسد لكسب الرأي الإعلامي حولها والحصول على دعم دولي، فإيران لا تتجرأ على الهجوم نحو آبار النفط التي تسيطر عليها الولايات المتحدة الأميركية، فهناك تفاهمات بينها وبين أميركا، بحيث تسيطر طهران على غرب الفرات وواشنطن على شرق الفرات”.

وأضاف الأسمر “واشنطن لا تريد ترك الساحة للميليشيات الايرانية في سوريا لتتمدد وتحقق حلمها بوصل إيران بالعراق بسوريا وصولاً للبحر المتوسط، فلذلك تحتفظ واشنطن بمناطق سيطرتها شرق الفرات وعلى الحدود السورية العراقية عن طريق دعمها لقسد وتبنيها لها، رغم الانتقادات والاستنفار التركي شريكها في الناتو، إضافةً إلى تشبث أميركا بقاعدة التنف على الجانب الآخر للفرات في المثلث الحدودي (العراق سوريا الأردن) لنفس الغاية والأهداف”.

.

.

بدوره قال الناشط السياسي سائد الشخلها لحرية برس: “كانت النوايا التي أعلنتها قسد مبنية على أساس كلام منقول لأحد القادة الايرانيين بأن هناك مزاراً شيعياً في تلك المنطقة، وهو ما دفع قسد الى إلقاء البيانات والتهم بسرعة وقوة، لأنها لا تريد أن يتم المساس بمناطق سيطرتها، خاصةً من ميليشيات ايران التي لا تستطيع أن تردعها إلا بمساعدة أمريكية، وهو ما سيُظهر قوات قسد بمظهر الضعيف الذي لا يستطيع حماية مناطقه حتى من هجمات ميليشيات أقرب ما تكون للعصابات فكيف ستضبط الأمن”.

كذلك أكد المحلل السياسي سعد الشارع لحرية برس، أن “غرض قسد من إطلاق تلك التصريحات استجلاب دعم كبير من الولايات المتحدة، وهناك تطور كبير في الفترة الماضية يكمن في وجود ممثلين عن السعودية والإمارات شرق سوريا، لذلك فإن خارطة القوى المسيطرة هناك غير مفهومة، ما يعني أن تصريحات قسد لا أساس لها من الصحة”.

في حين قال مدير شبكة “الشرق نيوز” فراس علاوي لحرية برس: إن “قسد تحاول أن توحي بأنها في خطر لتكون ورقة ضغط على التحالف لكسب دعمه والوقوف في وجه المحاولات التركية للتقدم في المنطقة، إضافةً الى أن عدد القوات الإيرانية لا يسمح لها للتقدم في المنطقة”.

مشروع إيراني يصطدم بالإرادة الأميركية

وحول مدى جدية إيران في شن هجوم عسكري على مناطق سيطرة “قسد” شرق الفرات قال فراس علاوي: إن “إيران ليست جدية بالتقدم نحو شرق الفرات، حيث كان هناك محاولة سابقة لإيران بدعم من روسيا ونظام الأسد لعبور نهر الفرات إلى الضفة الشرقية، فكان رد أميركا قاسياً، وقتلت حوالي 300 عنصراً من روسيا وميليشيات إيران والأسد”.

كذلك قال سائد الشخلها: “إيران لديها كل المؤشرات التي تجعلها تطمع بمناطق شرق سوريا، وما يدل على ذلك الخطاب الشيعي الذي يمهد ويجيّش لكون منطقة شرق سوريا مليئة بالمزارات والحسينيات السابقة، وأنها جزء من الأرض التي لُطخت بدماء أمير المؤمنين بحسب زعمها والواجب عودتها لشيعته، لذلك بدأت ايران بتشييع المناطق التي تحت سيطرتها كخطوة أولى لنشر التشيّع في كل المنطقة شرق وغرب الفرات”.

وأضاف سائد “لكن لا أتوقع أي هجوم عسكري لميليشيات ايران نحو مناطق قسد بالوقت الحالي، واذا تم الهجوم الايراني سيكون بأكباش فداء من خلال ميليشيات عراقية وبعض قوات الأسد”.

وتابع سائد قائلاً: “ليس من الممكن تسليم المنطقة للشيعة، ولكن ما تجهزه إيران للمنطقة لا تستطيع أميركا رده، فهو يتسم بالطابع الفكري والواجب ردعه عن طريق قسد والتي بدورها تحمل فكراً مهلهلاً أيضاً، لذا تلجأ لجعل كل فكرة يطرحها الإيرانيون إعلان لهجوم عسكري، وهو دليل عجز قسد عن تطهير الفكر الإيراني من المنطقة، لذلك لم تستطع قسد ضم المكون العربي لها، والذي من السهل استهدافه من قبل ايران”.

الباحث في العلاقات الدولية جلال سلمي استبعد المواجهة قائلاً لحرية برس: “لا أتوقع حدوث هجوم إيراني يناطح الإرادة السياسية الأميركية، لذلك تحاول إيران فقط توجيه ضغوط دبلوماسية سياسية ضد قسد من أجل المفاوضات مع واشنطن، وعدم الركون بشكل كامل للإرادة الأميركية”.

ويرى جلال أن “تسليم أميركا مناطق سيطرتها في سوريا لايران غير وارد لعدة أسباب، أهمها رغبتها في حماية أمن إسرائيل، حيث أن أميركا تحاول البقاء شرق الفرات لاحتواء النفوذ الإيراني في سوريا وتحجيمه، وحماية حلفائها في دول الخليج”.

وأضاف جلال أن “وجود أميركا شرق الفرات يمكّنها من استخدام العصا الغليظة ضد إيران في حال خرجت الأخيرة عن الإطار المرسوم لها شرق سوريا، إضافةً الى وجود الآبار النفطية وهو ما دفع أميركا لدعم قسد لحماية تلك الآبار، فضلاً عن الأهمية الجيوسياسية للمناطق التي تسيطر عليها مليشيا قسد، فهي تتربع على المثلث الحدودي بين تركيا والعراق وسوريا، وبنفس الوقت للضغط على روسيا ومنعها من التواصل مع كردستان العراق”.

.

.

أما المحلل السياسي سعد الشارع أوضح أن “هناك تفاهمات من قبل واشنطن مع الإمارات والسعودية للمشاركة في السيطرة على منطقة شرق الفرات وإضعاف الدور الإيراني بالاعتماد على قسد، إضافةً الى نشاط اسرائيل خلال الأشهر الماضية ضد مواقع طهران في سوريا، لذلك إيران ليس من مصلحتها التحرك والعبور إلى الضفة الشرقية للفرات، لتجنب وقوعها في صدام مفتوح مع أميركا.”

وأضاف الشارع أن “أميركا لن تنسحب في المنظور القريب أو المتوسط من منطقة شرق الفرات، كونها قريبة من تركيا والعراق، كما أن هذه المنطقة مهمة لمنع التغلغل الايراني في سوريا، وبنفس الوقت هي منطقة غنية بالنفط”.

.

.

لماذا غاب الدور الروسي شرق الفرات؟

وفي ظل التواجد القوي لأميركا وإيران شرق سوريا، نجد حضور روسيا في تلك المنطقة ضعيفاً، ويرى فراس علاوي أن “السبب يعود الى أن هناك توافقات ضمنية بين روسيا وأميركا في شرق سوريا، لذلك تركّز موسكو على الساحل أكثر، خاصةً أن المنطقة التي تسيطر عليها إيران ونظام الأسد شرق سوريا منطقة فقيرة بالنفط وتحوي ثلاثة آبار فقط غير منتجة، وتحوي صحراء أيضاً”.

وأضاف علاوي أن “التواجد الروسي بالقرب من الحدود العراقية ربما يُرهق القوات الروسية في ظل تواجد تنظيم داعش هناك، لذلك فضّلت موسكو ترك تلك المنطقة للنفوذ الإيراني، فضلاً عن عدم الرغبة الروسية في الصدام مع أميركا شرق الفرات”.

كذلك يرى جلال سلمي أن “الدور الروسي غير حاضر شرق الفرات بسبب الوجود الأميركي، اضافةً الى أن روسيا تركز اهتماماتها على حوض شرق البحر الأبيض المتوسط، وتسعى الى تدعيم قواعدها العسكرية في الساحل السوري، اضافةً الى التركيز على الثروات في وسط سوريا خاصةً الفوسفات”.

وكان نحو 300 شخصاً يعملون لصالح شركة عسكرية روسية خاصة مرتبطة بالكرملين، قُتلوا وأصيبوا في شباط الماضي، بقصف من طيران التحالف الدولي أثناء محاولتهم مع قوات تابعة لنظام الأسد وميليشيات ايرانية السيطرة على حقل كونيكو.

يذكر أن مليشيا “قوات سوريا الديمقراطية” والميليشيات الإيرانية تتقاسمان السيطرة على ريف دير الزور الشرقي، حيث تتمركز “قسد” شمال نهر الفرات (الجزيرة)، بينما تسيطر الميليشيات الإيرانية على جنوب النهر (الشامية) التي تضم مدينتي الميادين والبوكمال، فيما لا يزال تنظيم “داعش” يسيطر على مناطق شمال النهر وجنوبه، ويخوض معارك ضد “قسد” منذ أكثر من شهرين.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل