“علي”.. شاب مهجّر يتحدى جراحه ويكافح لأجل عائلته

فريق التحرير14 نوفمبر 2018آخر تحديث :
“علي” مهجر من حي الوعر ويقيم في مخيم “زوغرة” قرب جرابلس شمالي حلب – عدسة: علي عز الدين – حرية برس©

علي عز الدين – حرية برس:

يواجه آلاف المصابين السوريين العديد من المصاعب التي تقف عائقاً بوجه أحلامهم اليافعة في دفع عجلة الحياة، وأكثر المتضررين هم الأشخاص الذين تعرضوا لبتر أحد أطرافهم جراء الإصابة بالقذائف التي كنت تستهدف بها قوات الأسد المناطق الخارجة عن سيطرتها، وفي العام الثاني للثورة السورية وخلال إحدى حملات قوات الأسد على أحياء مدينة حمص الثائرة، اختارت قذيفة هاون إحدى شوارع حي الوعر ليكون الشاب “علي” هدفها المباشر، وأحد ضحاياها وتخترق شظاياها جسده وتفقده ساقه.

يقول “علي” في حديثه لـ”حرية برس” أنه “وفي مطلع عام 2012 وأثناء اقتحام قوات الأسد لحي بابا عمرو الحمصي كنا في ساحات حي الوعر نتجهز للخروج ونصرة أهلنا وأخوتنا ضد آلة القتل الأسدية، وفي لحظات غفلنا عن غدر هذا النظام القاتل، سقطت قذيفة هاون قربنا وأخذت معها ساقي بأكملها، في اللحظة الأولى لم أشعر بشيء سوى الدوار وبدأت أفقد الوعي شيئاً فشيئا، حتى استيقظت على أصوات المقص الذي يقطع ما تبقى من جذور ساقي”.

وتابع علي “عدتُ إلى منزلي بعد أيام قليلة، ولم تقتصر إصابتي على فقدان ساقي فقط، بل رافقتني آلام لم أعد أطيق لها صبراً، نقلت على إثرها إلى المشفى الوحيد في حي الوعر، والذي كانت تسيطر عليه قوات النظام، حيث تم تقييدي من قبلهم بقضبان السرير، لم أعلم لحظتها لماذا، وفي لحظات غبت عن أعينهم، دخلوا مسعورين على ممرضة تركتني قبل دقائق وهي تضمد جراحي، وسألوها (أين ذاك المندس) وجاوبتهم أنه يأخذ نفساً في ساحة المشفى، ماذا تريدون منه، دعوه يذهب إلى منزله، فقال أحدهم (إن خرج من هنا ستكون أكبر قطعة من جسده بحجم رأس العصفور)، حينها أدركت أني لن أخرج حياً من هذا المعتقل وأنه يجب علي الهرب، وماهي إلا بضعة أيام بعد اعتقال دام أكثر من شهر ونصف، استطعت الهروب والخروج من المشفى ببطاقة شخصية لشاب يشبهني”.

وأضاف “علي” بقيت في حي الوعر لسنين كنت أظنها طويلة بسبب إصابتي وآلامي، ولكن حين تقرر تهجيرنا وأعلن إتفاق الوعر الذي قضى بخروجنا إلى جرابلس شمالي حلب، شعرت بأننا لم نلبث في حيينا سوى أيام بل كانت دقائق مقارنة بما سنترك خلفنا، شهداء وأيتام ومعتقلين على رأسهم والدي الذي اعتقلته عصابات الأسد من داخل الحي بعد إصابتي بأشهر قليلة، وخرجنا من الحي العام الماضي، واستقريت أنا وعائلتي في مخيم زوغرة قرب مدينة جرابلس، مع أكثر من 6000 مهجر من حمص وحماة وغوطة دمشق، كلنا أندمجنا في مجتمع جديد لاتختلف فيه أحوال الناس عن بعضها سوى بعمق الجرح وحجم المعاناة”.

“علي” مهجر من حي الوعر ويقيم في مخيم “زوغرة” قرب جرابلس شمالي حلب – عدسة: علي عز الدين – حرية برس©

وأكمل علي “لم أستطع الإنتظار حتى تأتيني سلة إغاثية تؤمن لي قليلاً من حاجاتي اليومية أنا وأهلي مما تقدمه لنا المنظمات الانسانية، وذهبت أبحث عن رزقي وعملت لعدة أشهر في كي الملابس، حتى توفي شقيقي الأصغر في حادث سير، وهو من كان يرعى أمي وشقيقتي التي اعتقلت قوات الأسد زوج إحداهن، وعاشت معنا في خيمتنا، مما اضطرني لترك عملي والعودة إلى المخيم لأكون بجانبهم، وبعد أشهر قليلة بدأت بتجهيز دكان صغير لبيع معدات “الأراجيل” ومستلزماتها، ضمن المخيم، وبدأت بالعمل وبدأت أحوالي بالتحسن شيئاً فشيئاً واستطعت تأمين كامل احتياجات عائلتي، وتزوجت بعدها.

لم أعجز عند إصابتي ولن أعجز، وسأبقى أسعى حتى عودتي لمنزلي ولحيي الجميل وأزور أقربائي وأحضن أبي الذي طال فراقه، والذي سيحزن كثيراً لوفاة شقيقي، ولكني سأعوضه بطفلي المستقبلي الذي سيحمل اسم شقيقي.

“علي” مهجر من حي الوعر ويقيم في مخيم “زوغرة” قرب جرابلس شمالي حلب – عدسة: علي عز الدين – حرية برس©
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل