هل تنفّذ تركيا تهديداتها شرق الفرات؟ هذه السيناريوهات محتملة

فريق التحرير6 نوفمبر 2018آخر تحديث :
قوات من الجيش الحر والجيش التركي ضمن عملية “غصن الزيتون” 1/1/2018 – عدسة: حسن الأسمر -حرية برس©

محمد العبد الله – حرية برس

تتسارع التصريحات التركية خلال الفترة الماضية التي تؤكد قرب شن عمل عسكري نحو المواقع التي تسيطر عليها مليشيا “وحدات حماية الشعب” الكردية في شرق الفرات، ما يثير التساؤلات حول مدى جدية تلك التصريحات وهل هناك عمل عسكري وما السيناريوهات المطروحة، أم أنها مجرد تصريحات إعلامية هدفها الضغط على “الوحدات الكردية” وجس نبض الأطراف الفاعلة في سوريا؟

وأطلقت تركيا خلال الأيام الماضية عدة تصريحات جاءت على لسان رئيسها رجب طيب أردوغان ووزيري الدفاع والخارجية توضح نيتها شن عملية عسكرية شرقي الفرات.

وقال أردوغان إن بلاده أكملت خططها واستعداداتها لتدمير الإرهابيين في شرق نهر الفرات، وأن أنقرة ستطلق قريباً عمليات أوسع نطاقاً وأكثر فعالية في تلك المنطقة.

وفي السياق ذاته قصفت المدفعية التركية خلال الأيام الماضية مواقع مليشيا “الوحدات الكردية” في مناطق متفرقة في ريفيّ حلب والرقة، بالتزامن مع استعدادات لفصائل المعارضة والجيش التركي ووصول تعزيزات إضافية الى الحدود السورية التركية.

وقال الصحفي في شبكة “فرات بوست” الاعلامية صهيب الجابر لحرية برس: إن “المؤشرات على بدء المعركة شرق الفرات موجودة، لكنها لن تكون بالضرورة في وقتٍ قريب، فالحكومة التركية وفصائل المعارضة بدأوا فعلياً بالتجهيز والاستعداد لهذه العملية، ومن ضمن هذه الاستعدادات التمهيد المدفعي على مواقع قوات سوريا الديمقراطية شمال شرق سوريا في منطقتي عين العرب وتل أبيض، اللتان قُتل ضمنهما عدد من قياديي وعناصر قسد”.

وأضاف الجابر “من ضمن الاستعدادات أيضاً إجلاء مخيمات سليمان شاه وسروج في ولاية شانلي أورفة الحدودية التركية، منعاً لوقوع ضحايا من المدنيين أثناء العملية العسكرية المرتقبة، كما حدث خلال معركة غصن الزيتون عندما قصفت الوحدات الكردية مخيمات النازحين في كلس والريحانية”.

وأشار الجابر الى أن “أنقرة أعلنت مراراً وتكراراً عن أنها تعتزم تطهير الشريط الحدودي مع سوريا من إرهابيي PYD الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني المصنف على قائمة الإرهاب، ومن يراقب التصريحات التركية خلال السنوات الماضية يجد أن جميعها تم تطبيقها بدءاً من عملية درع الفرات مروراً لعملية غصن الزيتون وليس انتهاءً بالعملية العسكرية المرتقبة شرق الفرات، وهذا يعني أن أنقرة تعتزم الوصول للحدود العراقية عبر معركة شرق الفرات”.

بدوره يرى الصحفي سعد الشارع في حديثه لحرية برس، أنه “كان هناك تصريحات تركية منذ عام للدخول الى منطقة شرق الفرات وطرد قسد منها، وتلك التصريحات بدأت تزداد وتيرتها، مع عدم نجاح الاتفاق حول منبج حتى الآن، لذلك تم تعليق الملف والبدء بالتحضير للتوجه نحو شرق الفرات”.

وأضاف الشارع أن “هناك حشود من فصائل المعارضة والجيش التركي تتجه نحو جرابلس لترتيب الصفوف أكثر، وهناك أيضاً أرتال توجهت نحو الجنوب التركي تحديداً مقابل ولاية شانلي أورفة، وهذه كلها مؤشرات على قرب اندلاع المعركة”.

من جهته استبعد الناشط السياسي سائد الشخلها قرب بدء المعركة، قائلاً في حديث لحرية برس: “لا أتوقع إن معركة شرق الفرات قريبة لهذه الدرجة، فحيثيات المعركة غير متواجدة، ولكن ما يحدث هناك هو اختبار تركي لجدية واشنطن في شراكتها مع أنقرة، لذا لا توجد معركة جدية اتجاه شريك محلي محتمل كقسد، خاصةً بعد ابتعاد القيادة القسدية عن القيادة الأوجلانية في الفترة الأخيرة، ما قد يفتح باب جديد لتعاون تركي كردي في سوريا”.

سيناريوهات محتملة

ولا شك أن هناك سيناريوهات متعددة للمعركة، وفي هذا الإطار قال المتحدث الرسمي باسم مجلس القبائل السورية مضر حماد الأسعد لحرية برس: إن “الهجوم الأول سيكون على منطقة تل أبيض من عدة محاور سواءً من جهة الأراضي التركية أو من جرابلس، وذلك بعد استلام منبج بالاتفاق مع أميركا، وهذا يحمي ظهر الجيش الحر والقوات التركية”.

وأضاف الأسعد “بعد الانتهاء من تل أبيض وعين العرب ستتجه تركيا نحو منطقتي مبروكة ورأس العين بهدف الوصول الى جبل عبد العزيز الذي يعتبر أعلى منطقة جغرافية في الجزيرة والفرات، أيضاً الدرباسية منطقة مهمة لتركيا لأنها تضم الكثير من الأنفاق وعناصر الوحدات الكردية، وذلك بغية الوصول الى البوكمال، بهدف ادارة كامل المنطقة عسكرياً وأمنياً بإشراف أميركي تركي”.

.

.

.

في حين قال المحلل العسكري أحمد حمادة لحرية برس: إن “العملية التركية قد تكون محدودة وباتجاه منبج، خاصةً مع قيام الوحدات الكردية بتحصين محيط المدينة بالخنادق والحفر، وفي حال كانت العملية شاملة ستكون على طول الحدود بين 25 إلى 30 كم من عين العرب وحتى عين ديوار على الحدود السورية، ومثل هكذا عمليات من الصعب أن تبدأ إلا إذا كان هناك توافقات بين تركيا وأمريكا وروسيا”.

وأوضح حمادة أن “عملية شرق الفرات أسهل من عملية غصن الزيتون، فمدينة عين العرب من حيث الطبيعة الجغرافية والعمل الميداني هي أسهل بكثير من عفرين التي تحتوي على أودية وغابات وجبال محصنة ويعمل فيها حزب العمال الكردستاني منذ زمن بعيد”.

أما الصحفي سعد الشارع يرى أن “العمل التركي في المرحلة الأولى سيكون محدود العمق، وسيستهدف من 10-15 كم في عين العرب وتل أبيض، لكن العمل العسكري لن يكون بنفس الحدة كما حصل في معركة غصن الزيتون، ومن الواضح أن تركيا تطمح للوصول حتى عين ديوار على المثلث التركي السوري العراقي”.

بدوره قال مدير تحرير شبكة “الشرق نيوز” فراس علاوي لحرية برس: “المعركة ستكون محدودة وليست شاملة وستخضع لتفاهمات كثيرة كون الوضع معقداً على طول الحدود السورية التركية، فهناك عدة قوى تسيطر على تلك المناطق كالروس والأمريكان ومعهم الفرنسيين وقوات النظام بالإضافة للأكراد، ما يجعل من فرص القيام بعملية عسكرية واسعة ضعيفة”.

وأضاف علاوي “السيناريو الأقرب للتطبيق هو الدخول لعمق معين بالقرب من تل أبيض وعين العرب، وهي مرتبطة بتفاهمات منبج بين الأمريكان وتركيا، ولاشك أن التصعيد التركي سيقابل برضى روسي وربما موافقة على استهداف تلك المناطق الخاضعة لحلفاء الأمريكان”.

فصائل المعارضة جاهزة للمعركة

من جهة أخرى كشفت صحيفة “يني شفق” التركية عن إكمال الجيش الحر استعداداته للمعركة المرتقبة التي ستطلقها تركيا شرق الفرات.

وذكرت الصحيفة أن الجيش الحر بات مستعدّاً بشكل كامل لهذه المعركة التي تهدف إلى تأمين الحدود التركية مع الشمال السوري على خط شرق الفرات، مشيرةً أنه أرسل مجموعات من المقاتلين إلى المناطق الحدودية.

وأضافت الصحيفة أن مقاتلين من الجيش الحر خاضوا معركتَيْ “درع الفرات” و “غصن الزيتون” سيشاركون مجدَّداً في عملية شرق الفرات، متوقعة أن تكون على جبهتَيْ “تل أبيض” و “عين العرب”.

وقال العقيد أحمد حمادة: إن “فصائل المعارضة لديها القدرة العسكرية والميدانية لمشاركة تركيا في أي عملية عسكرية محتملة ضد الوحدات الكردية، وأن الفصائل تمتلك قرابة 40 ألف مقاتل مسلح ومدرب، وهي قادرة على تنفيذ أي عملية إذا توفر لها الدعم اللوجستي والعسكري والتغطية النارية التي تؤمنها تركيا”.

ما موقف أميركا من العملية التركية؟

وفي ظل الرغبة التركية في شن عمل عسكري نحو شرق الفرات، يبقى التساؤل الأهم حول الموقف الأميركي من ذلك، وهنا أوضح مضر حماد الأسعد، أن “أميركا مقتنعة أن دعم قسد هو اضرار بالمصلحة الأميركية في الشرق الأوسط، لذا لا يمكن لأميركا التخلي عن تركيا من أجل قسد”.

وأضاف الأسعد أن “هناك اتفاق سابق بين واشنطن والوحدات الكردية لمحاربة داعش فقط مقابل المال وطرد داعش من المنطقة، وليس هناك اتفاق مع الوحدات الكردية للسماح لهم بتشكيل إقليم أو فيدرالية أو إدارة ذاتية مستقلة، لذلك أميركا لن تقف ضد تركيا عندما ستدخل إلى منطقة شرق الفرات”.

في حين قال الصحفي صهيب الجابر: إن “سيناريو انسحاب الولايات المتحدة من المناطق التي ستشهد معاركاً هو السيناريو المرجح نظراً لردة فعل الجانبين الأميركي والروسي قبيل بدء عمليات عفرين، فليس من مصلحة أيٍ من هذه الدول الكبرى أن تصطدم بشكلٍ مباشر مع بعضها، وخصوصاً في ظل انتهاء أزمة القس الأميركي الذي أطلق الأتراك سراحه منذ فترةٍ بسيطة، كما أن التصريحات الأمريكية الأخيرة جميعها نوهت أن العلاقة مع تركيا علاقة وثيقة وأنهم ملتزمون بخارطة الطريق المتفق عليها”.

وفي السياق ذاته أكد الصحفي سعد الشارع أن “هناك انفراج في العلاقات بين واشنطن وأنقرة في الفترة الماضية، خاصةً بعد اطلاق سراح القس الأميركي، والغاء العقوبات الأميركية على وزيرين تركيين، لذا فإن الإدارة الأميركية لن تقف في وجه تركيا اذا شنت عملاً عسكرياً ضد قسد شرق الفرات”.

“الأسد” يتربص

من ناحيةٍ ثانية كشف موقع (باسنيوز) الكردي، عن نية نظام الأسد السيطرة على مدينتي القامشلي والحسكة التي تستولي عليهما الوحدات الكردية، وذلك عبر استغلال النظام أي هجوم تركي محتمل على مناطق شرق الفرات.

وأوضح الموقع الكردي أن النظام استقدم عناصر وأسلحة ثقيلة إلى مطار القامشلي على شكل دفعات خلال الأسبوعين الماضيين، بهدف استغلال انشغال الوحدات الكردية بالدفاع عن المنطقة ليعيد بسط سيطرته على الحسكة والقامشلي بالكامل.

وفي هذا الإطار قال مضر حماد الأسعد: إن “النظام ليست لديه القدرة العسكرية والبشرية والاقتصادية للسيطرة على المنطقة الشرقية، فعندما كان النظام في أوج قوته عام 2012، تمكن بعض عناصر الجيش الحر من طرد النظام من مختلف مواقعه في المنطقة الشرقية، بينما حالياً هناك فصائل قوية ضمن مناطق درع الفرات”.

أيضاً قال فراس علاوي: “لا أعتقد أن نظام الأسد سيجازف بعمل عسكري في الحسكة والقامشلي، بل على العكس قد نشهد تفاهمات من نوع ما بين الأكراد من جهة ونظام الأسد من جهة أخرى، فالتردد بالموقف الأمريكي حيال دعم الأكراد بالإضافة للتهديد التركي سيُعجّل بدفع الأكراد للتفاهم مع نظام الأسد”.

بدوره أكد سعد الشارع أن “النظام لن يستطيع استغلال هذه المعركة في الجزيرة السورية كونها تخضع للنفوذ الأميركي، وواشنطن لن تسمح للأسد بأي تقدم عسكري هناك، وربما تسمح بأن يكون له دور اداري فقط”.

“قسد” تستغل ورقة ضغط بيدها

على صعيد آخر أعلنت مليشيا “قسد” التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري في بيان لها، إيقاف عملياتها العسكرية ضد تنظيم “داعش” في ريف دير الزور، وهو ما أثار التساؤلات حول سبب اعلان “قسد” هذا القرار.

ويرى العقيد أحمد حمادة أن “قرار قسد هو نوع من المناورة وبمثابة ورقة ضغط على الولايات المتحدة الأميركية، على أساس أنه في حال لم تتدخل أميركا لوقف أي عمل عسكري تركي نحوها، فإن قسد لن تحارب داعش بعد الآن”.

ولفت حمادة الى أن “هذه ليست أول مرة توقف قسد عملياتها، وهو يدل أيضاً على فشلها ميدانياً في تلك المنطقة بعد أن استرجع داعش معظم المناطق التي خسرها مؤخراً في ريف دير الزور، وبنفس الوقت هذا القرار يصب في مصلحة التحالف الدولي الذي يبدو أنه يريد استمرار وجود داعش كذريعة لمواصلة وجوده في سوريا”.

يذكر أن مليشيا قوات سوريا الديمقراطية “قسد” تسيطر على معظم منطقة شرق الفرات، حيث يمتد نفوذها على معظم أنحاء محافظة الرقة وأجزاء كبيرة من ريفي حلب الشمالي ودير الزور، بالإضافة إلى سيطرتها على معظم أنحاء محافظة الحسكة، باستثناء مربعين أمنيين للنظام في مدينتي القامشلي والحسكة، وأجزاء من ريف المحافظة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل