سليم قباني – حرية برس:
أعلنت مصادر في القضاء الفرنسي اليوم الاثنين إصدار مذكرات توقيف دولية بحق ثلاثة من كبار المسؤولين الأمنيين في نظام الأسد وهم: ’’علي مملوك وجميل الحسن وعبد السلام محمود‘‘، لارتكابهم جرائم حرب في سوريا.
واعتبرت أوساط المعارضة أن هذه القرار انتصار للعدالة بمواجهة إجرام نظام الأسد، وأنه يجب على مؤسسات المعارضة التحرك لاتخاذ موقف إيجابي من هذه الخطوة والبدء بالعمل بشكل حقيقي على هذا الموضوع.
وحول هذه الخطوة تحدث المعارض والناشط السياسي السوري زكريا ملاحفجي لـ “حرية برس’’، مشيداً بخطوة القضاء الفرنسي، واعتبر ملاحفجي أن “إصدار أي مذكرة توقيف من قبل أي قضاء وطني بحق مجرمي نظام الأسد، الذين هم سبب التطرف في سوريا، هو خطوة إلى الأمام باتجاه العدالة، علماً أن علي مملوك كان له زيارتان لإيطاليا كشخصية أمنية، ونأمل أن تتحول هذه المساءلة من مساءلة قضاء وطني تخص دولة إلى مساءلة دولية، وأن يكون هناك تضييق حقيقي على الدائرة الضيقة المحيطة بالأسد، كما يحصل مع شخصيات إرهابية خطيرة من (داعش)، فالتنظيم والنظام وجهان لعملة واحدة، خاصةً أن نظام الأسد كان مسؤولاً عن قتل وتغييب مئات الآلاف من السوريين‘‘.
وعن رأيه بما يجب على المعارضة السورية فعله بعد هذه الخطوة، أوضح ملاحفجي: ’’بالتأكيد يجب عليها أن تستفيد من هذه الخطوة، رغم أن بعض المتطوعين هم الذين قاموا برفع دعاوى بالمحاكم الفرنسية وقبلها الألمانية، وجمع الأدلة، لذلك يجب أن يكون هناك فريق مختص أكثر مهنية من الحقوقيين لرفع دعوات على المسؤولين المجرمين من نظام الأسد‘‘.
وبدوره ثمن ’’مضر الأسعد‘‘ رئيس الرابطة السورية لحقوق اللاجئين في حديث لـ “حرية برس” خطوة القضاء الفرنسي، واعتبر الأسعد أن “المذكرة الفرنسية هي انتصار للعدالة الإنسانية والقانون، على الإرهاب والإجرام، وحتى لو جاءت متأخرة فهي إيجابية جداً، لكي تفتّح عيون جميع دول العالم، وتحذو حذو فرنسا، التي كنا نتوقع أن تقوم بإصدار مثل هذه المذكرة وخاصةً الذين يعتبرون أنفسهم أصدقاء للشعب السوري وبعض الدول العربية‘‘.
وشدد الأسعد على أنه ’’نحن كمعارضة نتمنى من هذه الدول أن تحذو حذو فرنسا، بإصدار مذكرات توقف وتعميم هذه المذكرات من خلال الأنتربول الدولي فالمذكرة التي صدرت من فرنسا هي دولية‘‘.
ولفت الأسعد إلى أنه ’’بشكل عام نستطيع أن نقول إن الضباط المحيطين بالأسد، لا يخرجون من سوريا بأسمائهم الحقيقية، بل بأسماء وهمية، ونتمنى من المعارضة خاصة الحكومة المؤقتة والائتلاف الوطني، تشكيل مكتب قانوني وخاصةً أن هناك محاميين وقضاة منشقين عن نظام الأسد، ولديهم خبرات قانونية واسعة لرفع دعاوى على مجرمي الحرب، إن كانوا سوريين أو من مليشيا حزب الله أو إيران، وتقديمهم إلى العدالة لكي تأخذ دول العالم الموقف الصحيح بحق هؤلاء المجرمين‘‘.
من جهته، أكد عماد غليون عضو مجلس الشعب السوري السابق، أنه ’’من المهم إصدار القضاء الفرنسي مذكرات التوقيف لثلاثة ضباط كبار من المقربين للأسد، وممن يديرون الأجهزة المخابراتية القمعية وتاريخهم السيء معروف في انتهاكات حقوق الإنسان”.
ولفت غليون إلى أن “هناك تساؤلات حول حقيقة ما جرى، حيث قام علي مملوك بزيارة إيطاليا والتقى كبار المسؤولين الأمنيين وتم ذلك بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي وجرى ذلك اللقاء في إطار التنسيق لمكافحة الإرهاب مما يعني أن دول الاتحاد الأوروبي لا تزال تعتبر النظام شريكاً لها رغم كل انتهاكاته الفظيعة، أو ربما أرادت الاستفادة مما لدى مملوك واوراقه الأخيرة‘‘.
ويرى غليون أن القضاء الفرنسي مستقل عن السياسة لكنه يعمل ببطء شديد، وقبل أشهر فقط أصدر أوامر بمصادرة أملاك لرفعت الأسد في قضية منظورة أمامه منذ سنوات طويلة، وما يعطي قوة للخطوة الفرنسية ويعززها ما سبق أن أصدره القضاء الألماني ضد علي مملوك مما يعني أن أهم رجال الأسد والمقربين منه باتوا مستهدفين من القضاء الأوروبي ولا يمكنه إسناد اي مهام إليهم في المرحلة القادمة”.
وبيّن غليون أن “الخشية أن تكون تلك الخطوات لتلميع صورة الأسد وإبعاد المقربين منه بحجة أنهم من قاموا بالانتهاكات ولذلك فإن أي خطوة لا تستهدف الأسد نفسه تبقى منقوصة وحافلة بالمخاطر ولا بد من تحقيق عدالة انتقالية شاملة حقيقية ليطمئن السوريون لمستقبلهم في انتقال سياسي فاعل.
وحول تقييمه لخطوة القضاء الفرنسي بحق مجرمي نظام الأسد، وجدية هذه التحركات،قال ’’سامر الضيعي‘‘ رئيس رابطة المحامين الأحرار: ’’هناك تحرك جدي على مستوى الاتحاد الأوربي لملاحقة مجرمي الحرب، وهذه الخطوة كتحرك قانوني مهمة، باعتبار أنها تفتح الباب للتحقيق والسير بالقضايا الاخرى، والأساس القانوني لهذه الدعوى، هي لملاحقة مرتكبي جرائم الحرب ضد مواطنين فرنسيين”.
وأوضح الضيعي أنه “يتم توسيع دور القضاء عن طريق تعديلات تشريعية وطنية، لملاحقة مجرمي الحرب الذين ارتكبوا جرائم في سوريا‘‘.
وأكد الضيعي أن هناك مذكرات توقيف سوف تصدر من إسبانيا قريباً ضد مجرمي الحرب في سوريا، موضحاً أن إصدار المذكرة الفرنسية، هو نتيجة عمل مجموعة من الحقوقيين السوريين بشكل سري، واحتاج إلى سنين لتقديم الأدلة الدامغة، وهو ليس وليد اللحظة لأنه يحتاج الى وقت طويل، حيث احتاج القضاء الفرنسي لإصدار هذه المذكرة لسنتين على الأقل، حيث تم التأكد من الأدلة والشهود، فالموضوع التقني يحتاج إلى وقت كبير”.
وذكر الضيعي أنه هناك جهود دولية كبيرة لملاحقة مجرمي الحرب، والتحقيق بجرائم الحرب على المستوى الدولي، لافتاً إلى أنه منذ عامين تم إنشاء آلية دولية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو شيء غير مسبوق.
وأكد الضيعي، أن محاسبة نظام الأسد على جرائم القصف الكيماوي والاعتقال القسري والتعذيب في المعتقلات والتهجير القسري أيضاً، ما هي إلا مسألة وقت، بسبب جمع الأدلة الدامغة، واحضار الشهود، ويحتاج إلى دعم دولي سياسي للسير بهذا الأمر.
عذراً التعليقات مغلقة