مهجرو “القصير” يرفضون خطط مليشيا “حزب الله” لتقرير مصيرهم

فريق التحرير25 أكتوبر 2018آخر تحديث :
ساحة “الساعة” وسط مدينة القصير بمحافظة حمص قبل اجتياحها من قبل قوات الأسد ومليشيا “حزب الله”، سبتمبر 2012، عدسة أدهم الخولي، أرشيف حرية برس

أحمد زكريا – حرية برس

تتضارب الأنباء حول ما تخطط له ميليشيا “حزب الله” بحق المهجرين والنازحين من مدينة القصير بريف حمص الغربي، والذين أجبرتهم الظروف للجوء إلى مخيمات عرسال اللبنانية، وطرابلس، والبقاع، وغيرها من المناطق الأخرى في لبنان.
ففي وقتٍ تحدثت فيه مصادر إعلامية، عن خطة بدأتها ميليشيا حزب الله اللبناني مؤخرًا ضد المهجرين من مدينة “القصير” بريف حمص المتواجدين على الأراضي اللبنانية، بغرض إعادة تهجيرهم إلى منطقة ثالثة داخل سوريا، من أجل قطع الطريق على أي خطة أممية تحاول إعادتهم إلى مدينتهم، ويكون بذلك قد تبدد حلم المدنيين بالعودة بشكل نهائي”، تحدثت مصادر مطلعة عن نية تلك الميليشيا بتوافق روسي، إقناع أهالي القصير بالعودة إلى مدينتهم على مبدأ المصالحات، لكن من دون أية ضمانات.

وأشارت المصادر المطلعة، إلى أن ميليشيا “حزب الله” بالتنسيق مع روسيا، تسعى لإعطاء صورة عن الوضع في مدينة القصير بعكس ما يتم الحديث عنه من حيث عمليات التغيير الديمغرافي والتهجير القسري.

أذرع لميلشيا الحزب والنظام وراء التحركات

وفي هذا الصدد أكد الناشط الميداني “ديب القصيراوي” -اسم مستعار لضرورات أمنية- صحة ما يتم تداوله حول نوايا ميليشيا “حزب الله” وما تخطط له للضغط على أهالي القصير لإجبارهم على العودة إلى مدينتهم، مبينًا أن تلك الخطة يجري العمل عليها بالتنسيق مع روسيا، وبالاستعانة بأشخاص موالين للنظام وميلشيا “حزب الله” لإقناع الأهالي.

وقال “القصيراوي” لحرية برس: وصلتني معلومات مؤكدة من مصادر خاصة، عن وجود عدد من الشخصيات السورية من سكان مدينة القصير وريفها من أمثال المدعو “أحمد بلوط” والمدعو “عبد الإله محيميد” يروجون لدعوة الأهالي للعودة إلى مدينة القصير.

وعن خلفية هؤلاء الأشخاص ولماذا تم اختيارهم لتلك المهمة، أوضح “القصيراوي” أنه إضافة لولائهم للنظام وميليشيا الحزب، إلا أنهم معروفون بسمعتهم السابقة بكونهم “مخبرين” لنظام الأسد”

وأضاف، إن هؤلاء الأشخاص وجهوا دعوة لأهالي القصير حصرًا لحضور اجتماع في مدينة “البقاع” اللبنانية، وأن من يرعى الاجتماع هو اللواء “عباس إبراهيم” المدير العام للأمن العام في لبنان، بهدف إقناع الناس على العودة وإجراء مصالحات مع نظام الأسد، لافتًا إلى أن الاجتماع قد “ألغي” نظرًا لرفض أهالي القصير حضوره.

وتندرج خطة ميلشيا حزب الله ضد أهالي القصير، بحسب “القصيراوي”، ضمن المشروع الروسي لإعادة اللاجئين إلى سوريا، وبالتالي إعطاء الشرعية لنظام الأسد وتسويق له من خلال تلك الخطة، وأضاف: الخطة تهدف لإيصال رسالة للمجتمع الدولي بأن الأمور طبيعية في القصير وأن الكلام عن عمليات تغيير ديمغرافي غير صحيح وأن رأس النظام بشار الأسد حريص على عودة الناس إلى منازلهم.

وشدّد” القصيراوي” على أن تلك الأطراف تعمل على مشروع فاشل، مرجعًا سبب ذلك إلى استحالة عودة أهالي القصير بضمانات روسية ومن ميليشيا حزب الله والنظام، طالما رأس النظام موجود.

وأعرب “القصيراوي” عن المخاوف في حال تم رفض الاستجابة لمطالب ميليشيا حزب الله وأذرعها من الشخصيات الموالية لها، كما أعرب عن مخاوفه من أن تمارس بحق من يرفض الاستجابة لتلك الدعوات من أهالي القصير العديد من الضغوطات الأمنية بدفع من تلك الميليشيات.

“عودة طوعية” للأهالي

وبالتزامن مع تلك التطورات، أعلنت المديرية العامة للأمن اللبناني في بيان، الأربعاء، أنها ستقوم بتأمين “العودة الطوعية” لمئات النازحين السوريين الموجودين داخل الأراضي اللبنانية إلى سوريا.

وبحسب البيان، فإن النازحين السوريين سيتم تأمين عودتهم إلى بلداتهم في سوريا من خلال المركزين الحدوديين “المصنع والعبودية” وأنه تم تحديد 8 مناطق رئيسية على مستوى لبنان تتضمن نقاط تجمع للنازحين، لاتخاذ الإجراءات اللازمة نحو تنظيم عملية عودتهم، نظرا لكونهم يقطنون مناطق مختلفة ومتفرقة من البلاد.

وفي هذا السياق، استبعد الناشط السياسي “أبو أحمد الحمصي” -اسم مستعار لضرورات أمنية- وجود خطة ملموسة على أرض الواقع أو تطبق حرفيًا من قبل ميلشيا حزب الله أو النظام، مضيفًا في الوقت ذاته، بأنه إن كان هناك شيء ما من هذا القبيل فإنه سيكون عن طريق أشخاص من سكان القصير يساعدون في ذلك، واصفًا إياهم بأنهم “ضفادع” للحزب والنظام.

ولف “الحمصي” الانتباه، إلى أنه ومنذ مدة عادت بعض الأسر، وتم تخييرهم في الوقت الحالي ما بين العودة لمنطقة “السخنة” في “تدمر” بريف حمص الشرقي ريثما يتم ترميم منازلهم، وقد عادوا بموافقتهم إلى تلك المناطق بشكل اختياري وليس إجباري.

وأضاف في حديثه لحرية برس، أنه بالنسبة لما هو قادم وما يتم تحضيره، فالقصير مثلها مثل كل البلدات المحاذية للشريط الحدودي مع لبنان، فبلدات الشريط الحدودي لهم وضع خاص بالمعاملة وقرار العودة، لافتًا إلى أنه بالنسبة لسكان “القصير” وبشكل عام حالهم كحال كل السوريين في بلاد المهجر، حيث يتم التعامل معهم حسب من يرغب بالعودة الطوعية، فإنه لا مانع لذلك ومن دون أي ضغوط، وكما يعلم الجميع فإن منطقة القصير الحدودية، هي منطقة محاذية لشريط حدودي، ويعتبر هذا الشريط من المناطق التابعة لميليشيا حزب الله.

الأمم المتحدة: مجموعة من العوائق تمنع عودة اللاجئين السورين في لبنان

وفي السياق ذاته، كشفت ممثلة المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان “ميراي جيرار”، قبل عدة أيام، عن أن نحو 88% من اللاجئين السوريين داخل الأراضي اللبنانية، يرغبون في العودة إلى وطنهم لكنهم يتريثون في عملية العودة، نظرا لوجود مجموعة من العوائق، بحسب ما نقلته وسائل إعلام لبنانية.

وأكدت” جيرار” أن الدمار ليس ما يمنعهم من العودة، وأن إعادة إعمار البيوت ليست عائقا، وإنما المخاوف على أوضاع أسرهم وذويهم وأوراقهم الثبوتية لهم ولممتلكاتهم وبطاقات الهوية.

كلام المسؤولة الأممية جاء خلال حلقة نقاشية نظمها “مركز بحثي لبناني” تحت عنوان “توفير بيئة جيدة للنازحين: بين التمكين والتوطين”، والتي أكدت خلالها أن أسباب تريث اللاجئين في العودة، لا تتعلق بصورة أساسية بمسألة الحل السياسي ولا بمسائل إعادة الإعمار، وإنما بإزالة عدد من “العوائق العملية”.

وتبلغ نسبة المهجرين من “القصير وريفها” أو القاطنين في لبنان حوالي 70 % من سكان القصير وريفها، أما المتواجدون حاليا ضمن القصير فتبلغ نسبتهم نحو 20 %، وهناك 10 % ما بين من تمكن من السفر عن طريق مفوضية شؤون اللاجئين، أو متواجد في تركيا، بحسب تقديرات مصادر متابعة.

وتتمتع مدينة القصير جنوبي محافظة حمص، بموقع استراتيجي هام على الحدود السورية اللبنانية، وقد حررها الثوار في العام 2012، وخاضوا معارك طاحنة، كبَّدوا خلالها قوات النظام المدعومة بميليشيا “حزب الله” خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، على الرغم من عدّتهم العسكرية المتواضعة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل