ياسر محمد – حرية برس
رجحت ثماني دول أوربية كفة واشنطن ضد موسكو وطهران في معركة إعادة إعمار سوريا التي يعوّل الرئيس الروسي على بدئها في أسرع وقت ممكن لتحقيق مكاسب اقتصادية وتعويم نظام الأسد.
وأصدرت مجموعة مؤلفة من ثماني دول أوربية، هي (فرنسا، هولندا، بولندا، السويد، المملكة المتحدة، ألمانيا، إيطاليا، بلجيكا)، أول من أمس الأربعاء، بياناً، نشرته معرفات وزارة الخارجية البريطانية على “تويتر” مساء أمس الخميس، أكدت فيه أن “الاتحاد الأوروبي سيكون مستعداً للمساعدة في إعادة إعمار سورية فقط حين يكون قد بدأ بالفعل انتقال سياسي حقيقي وشامل وبمشاركة الأطياف جميعها، ومنبثق عن مفاوضات بين الأطراف السورية في الصراع على أساس قرار مجلس الأمن 2254 وبيان جنيف عام 2012”.
وتطرق البيان الأوروبي لوقف إطلاق النار في إدلب، معرباً عن أمله بصموده واستمراره، و”أن يكون فرصةً للاستئناف العاجل لعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف”.
كما قدم البيان الدعم الكامل للمبعوث الدولي ستافان دي مستورا في مهمة تشكيل اللجنة الدستورية، مؤكداً “على صلاحيات المبعوث الخاص لتأسيس لجنة دستورية تمثل الجميع، تشمل مشاركة النساء بنسبة لا تقل عن 30 بالمئة، لتبدأ العمل على صياغة دستور سوري جديد، والتهيئة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، وبما يتفق مع قرار مجلس الأمن 2254”.
ويأتي البيان الأوروبي ليعضد المساعي الأمريكية الرامية إلى تقويض جهود موسكو وطهران في الشروع بعملية إعادة إعمار سوريا قبل تحقيق انتقال سياسي، بما يفضي إلى فرض سياسة أمر واقع وتعويم نظام الأسد وتثبيت حلفائه على الأرض السورية.
وتركز خطة أمريكية جديدة على الجهود السياسية والدبلوماسية لإجبار إيران على الخروج من سوريا عن طريق الضغط عليها مالياً، بحيث يتم حجب مساعدات إعادة الإعمار عن المناطق التي توجد فيها القوات الإيرانية والروسية، كما ستفرض الولايات المتحدة عقوبات على الشركات الروسية والإيرانية التي تعمل في إعادة الإعمار في سوريا.
ورداً على الخطة الأمريكية الجديدة، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الخميس، إنه “ليس من شأن روسيا إقناع إيران بسحب قواتها من سوريا”، فيما اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أن فرض واشنطن عقوبات على الدول المشاركة في إعادة إعمار سوريا، “مسار تخريبي”. وقال ريابكوف إن “جوهر السياسة الأمريكية لا يزال هو نفسه، ويتمثل في إعاقة عمل (الحكومة الشرعية) في سوريا والدول التي تحارب فعلاً لا قولاً، التهديد الإرهابي في سوريا”. وأضاف أن السياسة الأمريكية تهدف إلى إعاقة عمل الدول الضامنة وجهود مفاوضات أستانا وسوتشي.. المسار الأمريكي الأحادي والمتناقض والتخريبي يتجلى في هذا الجانب أيضاً”.
إلا أن البيان الأوروبي الذي صدر عن ثماني دول وازنة أظهر أن المسار الأمريكي ليس أحادياً كما تزعم روسيا، وأن المسار التفاوضي الوحيد المقبول دولياً هو مسار جنيف، وبالتالي فإن معركة “إعادة الإعمار” محسومة النتائج ولا يمكن لروسيا فتح أي ثغرة فيها، كما تبين أن مزاعم النظام برغبة شركات عربية كبرى بالاستثمار في سوريا وإعادة الإعمار ليس أكثر من تدعيم دعائي للجبهة الروسية التي لم تستطع أن تستقطب حتى شركاءها التقليديين (الصين، الهند، وبقية دول بريكس)، إذ يخشى الجميع عواقب الخروج عن الإجماع الدولي والمغامرة في مشاريع ربما تعود بالعقوبات عوضاً عن الأرباح!.
عذراً التعليقات مغلقة