الصرف الأمثل للدواء

غادة حمدون12 أكتوبر 2018آخر تحديث :
د. غادة حمدون

من خلال ممارستي لمهنة الصيدلة، لاحظت كثيراً من الممارسات الخاطئة من قبل الصيادلة أو المساعدين لهم، ينتج عنها عدم استفادة المريض من الدواء بشكله الأمثل، وأحياناً يتسبب بمشاكل قد تسبب بعض الأضرار للمرضى، وأحياناً قد تكون سبباً لوفاة المريض.

في الحقيقة إن عملية صرف الدواء، هي أهم خطوة في العملية العلاجية ويقوم بها الصيدلي في إطار قانوني، ولكن إذا غابت سلطة القانون وغلبت سلطة الرشوة والمال، فلا يكترث البعض -للأسف- لسلطة القانون، واليوم في بلادنا في ظل الحرب الشرسة، غابت سلطة القانون تقريباً، فلم يعد لدينا إلا الاعتماد على الرقابة الذاتية لدى الأفراد وخاصة أصحاب المهن الطبية، ويكون ذلك عن طريق رقابة المجتمع المدني ومؤسساته ، وعن طريق الندوات والتدريبات المستمرة.

الطريقة المثلى لصرف الدواء تكون بإعطاء الدواء الصحيح في الوقت الصحيح وبالجرعة الصحيحة، مع إعطاء المعلومات اللازمة للاستعمال الجيد وصولاً إلى أفضل النتائج العلاجية. وعادة يتم صرف الدواء بطريقتين:

1. بواسطة الوصفة الطبية medical prescription
2. بدون وصفة طبية (تطبيب ذاتي) OTC self medication

وقبل أن نتكلم عن قواعد الصرف الصحيح للدواء سنتطرق أولاً إلى أهم الأسباب التي تجعل الصيدلي يهمل اتباع الطريقة الصحيحة في الصرف:

• الازدحام في بعض الأوقات خلال ممارسة العمل داخل الصيدلية يدخل معا عشرات المرضى مما يسبب الاحراج للصيدلي فهو مضطر لأن يلبي جميع الزبائن وخاصة أنه يتعامل مع شريحة حساسة من الناس وهم المرضى، فيضطر للقيام بصرف الدواء بالسرعة القصوى حتى لا يطيل انتظار المريض، وخاصة إذا كان المريض في وضع صحي سيء.

• وجود بعض المساعدين غير المؤهلين علمياً في الصيدلية والذين يعتمد عليهم الصيدلي للأسف في صرف الدواء.

• كثير من الصيادلة يترك الصيدلية ويضع بدلاً عنه شخص غير مؤهل ليصرف الدواء للمرضى مما ينتج عنه كثير من الأخطاء.

• الطمع في الربح السريع عند بعض ضعاف النفوس ليبيعوا أكبر عدد من الوصفات.

• في كثير من الحالات يرسل المريض أولاده الصغار لشراء الوصفة فيقوم الصيدلي بالكتابة فقط أو وضع خطوط متعددة (شخطات أو إشارات) على علبة الدواء تشير إلى عدة مرات الاستخدام للدواء فينتج عنها استعمال خاطىء من قبل المريض لأنه لم يسمع الشرح الصحيح للاستعمال.

الطريقة المثلى لصرف الدواء

قبل صرف الوصفة الطبية لابد للصيدلي من سؤال المريض عدة أسئلة:

1. أول سؤال يجب أن يسأله الصيدلي للمريض هل أنت صاحب الوصفة الطبية؟، ففي حال كان الزبون ليس صاحب الوصفة يجب كتابة التعليمات بشكل مفصل على علبة الدواء ويفضل استعمال لاصقات توضع على علبة الدواء ليكتب عليها الاستخدام بشكل واضح.

2. يجب أن يسأل المريض إذا كان يشكو من مرض آخر غير المرض الذي وصف له الدواء، مثلا في حال كان المريض يشتري دواء للرشح، فالسؤال المهم هو هل أنت مصاب بارتفاع الضغط لأن أدوية الرشح معظمها يسبب ارتفاعاً في الضغط.

3. يجب أن يتبع التعليمات المكتوبة من قبل الطبيب المختص الذي كتب الوصفة، وفي حال الشك بوجود خطأ من قبل الطبيب يجب عليه أن يتصل بالطبيب المعالج، فلربما أخطأ الطبيب أو لم يكن لدى الصيدلي المعلومات الكافية عن الاستخدامات الأخرى للدواء، فمثلا دواء الألدكتون الذي يوصف لعلاج ارتفاع الضغط، هو مضاد لهرمون الذكورة فيوصف أيضاً لعلاج الشعرانية الزائدة.

4. يجب أن يسأل عن جنس المريض لأن بعض الأدوية تكون خاصة بالنوع ذكر أو أنثى، فمثلاً قد يكون الدواء شائع استخدامه لدى النساء وكان المريض ذكرا، فيجب أن تكون عند الصيدلي المعلومات الكافية عن جميع حالات صرف الدواء، حتى لا يقع في الاحراج مع المريض كما حصل مع بعض الزملاء الجدد في المهنة -كان يعمل في فترة الخدمة في إحدى الأرياف فسأله المريض لما هذا الدواء، فقال له متسرعا للحريم (للنساء) فغضب المريض جدا وكاد يضرب الصيدلي، وخرج من الصيدلية، بعد أن مزق الوصفة -وهو يقول كيف يصف لي الطبيب دواء للحريم والله عيب، وهنا عرف زميلنا المطب الذي وقع فيه- وتذكر أن الدواء المكتوب يوصف في بعض الحالات للذكور أيضاً.

5. السؤال عن عمر المريض مهم جداً وخاصة في حالة شراء الدواء بدون وصفة، فمثلا الأسبرين لا يعطى للأطفال تحت سن 12 عام ، فقد يشتريه الكبار فيظن الصيدلي أنها لهم ، ولكن في الحقيقة قد تكون لطفل صغير.

6. إذا كان الدواء لامرأة يجب التأكد من أنها ليست حاملاً أو تخطط للحمل أو كانت مرضعاً.

7. يجب سؤال المريض إذا كان لديه حساسية معينة من نوع ما من الأدوية وخاصة إذا كان المريض يستعمل أدوية أخرى غير المكتوبة في الوصفة حتى لا يكون هناك تداخل دوائي معها أو كانت لدى المريض حساسية من بعض الأغذية.

كيف تقرأ الوصفة الطبية؟

يجب أن تقرأ الوصفة الطبية  أربع مرات :
1. في المرة الأولى وقبل إحضار الدواء من الرف، يجب التدقيق في صحة الوصفة وصلاحيتها ووضوحها وهوية الطبيب كاتب الوصفة، ومطابقة الوصفة لجميع المتطلبات المهنية والقانونية وخاصة في حالة الأدوية النفسية والمخدرات، والتأكد من التخصص العلمي للطبيب لمطابقة شكوى المريض مع استطبابات الأدوية الموصوفة له، والتأكد من عمر وجنس المريض، وفي حال وجود بعض الفحوصات الطبية التأكد من مطابقة الدواء للحالة الموصوف لها، والرجوع إلى الطبيب المعالج في حالة الشك بخطأ ما.

2. في المرة الثانية: وأثناء إحضار الدواء من الرفوف التأكد من أسماء الأدوية وجرعاتها وأشكالها الصيدلانية واسم الشركة الدوائية.

3. المرة الثالثة: عند تسليم المريض الدواء وتقديم الشرح المفصل له بشكل دقيق عن الاستخدام الأمثل للدواء وطريقة حفظه، وكيفية تناوله مع الوجبات الغذائية (قبل أو بعد) والتأكد من أن المريض فهم المعلومة، بأن يطلب منه شرح ما فهمه بلغته.

4. المرة الرابعة: عند ادخال الأدوية للحاسوب (الكمبيوتر) يجب الحذر جدا فهي المرحلة النهائية في تسليم الدواء للمريض وهنا ستكون المسؤولية القانونية والإنسانية مهمة جداً، فالخطأ غير مسموح أبداً لأننا نتعامل مع أرواح بشرية وأية غفلة قد تكون خسارة نفس بشرية أو عضواً منه -لا قدّر الله-

ختاماً.. نصيحة لكل مريض ألا يشتري دواء بدون وصفة طبية، وفي حال اضطر لذلك يجب أن يطلع الطبيب عن حالته المرضية بشكل مفصل، فهو المسؤول الأول عن صحته.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل