فهد الموسى: جرائم القتل تحت التعذيب التي نفذها النظام لا تسقط بالتقادم

رئيس الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين لحرية برس: مسؤولية بشار الأسد عن جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية مثبتة بأدلة يقينية وقطعية

فريق التحرير13 أكتوبر 2018آخر تحديث :

حوار: زكي الدروبي

في سابقة توضح مدى استهتار النظام بالقوانين والأعراف المحلية والدولية ومدى استهانة العالم بجرائمه وسكوتهم وتغطيتهم عليه، بدأ النظام بإرسال قوائم اسمية إلى دوائر النفوس في المحافظات تتضمن أسماء الآلاف من المعتقلين الذين تم تعذيبهم حتى الموت، كي يتم تسجيل وفاتهم على أنها وفاة عادية في محاولة للتهرب من مسؤوليته حول الموضوع وإقفال ملف المعتقلين في سجونه.

“حرية برس” التقى الأستاذ المحامي فهد الموسى رئيس الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين للحديث عن هذا الموضوع وعن حملة بدنا جثامين أولادنا التي يشاركون فيها كهيئة بالإضافة للعديد من التجمعات الحزبية والسياسية والحقوقية.

* بداية لنوضح الفروقات بين المصطلحات، نسمع عن معتقلين ومختطفين ومختفين قسراً و…، ما هي الفروق بين هذه المصطلحات؟

** كل هذه المصطلحات يجمع بينها قاسم مشترك وهو الاعتداء على الحرية الشخصية والكرامة الإنسانية وتجريدهم من الصفة الإنسانية وتعرضهم للأعمال الوحشية والتعذيب والعنف الجنسي وغيره من أشكال العنف وحرمانهم من كافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتقوم به مؤسسات الدولة أو أفراد تابعون لها بشكل مباشر أو غير مباشر وبعلمها أو مجموعات منظمة مستقلة بخلاف ما تنص عليه القوانين المحلية والدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونظام روما والقانون الدولي لحقوق الإنسان خارج نطاق القضاء والقانون وهي تعد جرائم ضد الإنسانية وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

لكن الفرق بين المعتقل تعسفياً وبين المختفي قسرياً بأن الشخص المعتقل يكون معلوماً مكان وجوده والجهة الموجود لديها وأنه مازال على قيد الحياة، في حين أن الشخص المختفي قسرياً لا يعرف مكان وجوده، ولا يعرف إذا كان مازال على قيد الحياة لأنهم غالباً ما يتعرضون للتصفية تحت التعذيب أو القتل خارج القضاء والقانون.

أما مفهوم الخطف فهو حجز للحرية يقوم به أشخاص بشكل فردي بدوافع سياسية أو عنصرية أو مادية أو بقصد الثأر أو الانتقام أو لأسباب طائفية أو بقصد طلب فدية.

* تم مؤخراً إرسال الآلاف من أسماء أشخاص مختفين إلى دوائر النفوس في المحافظات المختلفة لتسجيل وفاتها على أنها وفاة طبيعية ناجمة عن أزمة قلبية أو مرض أو …الخ، وحيث جرت العادة أن يقوم النظام بتسريب أسماء أشخاص كانوا مختفين بطرق غير مباشرة على أنهم قتلوا تحت التعذيب أو بإعدامات بموجب أحكام المحكمة الميدانية، لكن الفرق هنا في الأعداد الضخمة التي ظهرت، بماذا تفسر هذه الجرأة التي تصل لحد الوقاحة؟ هل يحاول النظام القول أن الثورة انتهت؟

** إن قوائم الموت التي يرسلها نظام الأسد بآلاف المعتقلين إنما هي رسالة ترهيب للشعب السوري ورسالة استهزاء بالقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان وبالقيم الإنسانية ورسالة تحدي للمنظمات الحقوقية المحلية والدولية وللمجتمع الدولي وللمنظمات الدولية ولمجلس الأمن وليعطي مؤيديه انطباع أنه يملك ضوء أخضر دولي لارتكاب جرائم ضد الإنسانية أو جرائم إبادة جماعية بحق المعتقلين دون محاسبة أو مساءلة من محكمة الجنايات الدولية، أما الثورة فهي إيمان راسخ في وجدان كل السوريين الأحرار، ولا يمكن القضاء عليها لأن أنصاف الثورات هي مقبرة للشعوب، فلا يمكن التراجع عن المطالبة بدماء الشهداء والمعتقلين، ولا يمكن لمن ذاق طعم الحرية والكرامة أن يستسيغ العودة للعبودية و الذل فلا فناء لثائر.

* في ظل الصمت الدولي على ما يقوم به نظام الأسد من تهجير وقتل وحالياً تسجيل أسماء ضحايا معتقلاته في السجلات على أنها وفاة طبيعية، هل تعتقد أن النظام يحاول فرض أمر واقع كما فعل سابقاً مع التهجير القسري الذي مارسه، ومع قانون الملكية رقم 10 وينهي ملف المعتقلين لديه؟ هل تعتقد أنه سينجح؟

** معركتنا مع هذا النظام الذي أوغل في الإجرام، وارتكب كل الموبقات، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية من تهجير قسري أو سلب للملكية العقارية وتعفيش مدن وبلدات بأكملها، وارتكاب محارق بشرية وهلوكوست مريع بحق عشرات آلاف المعتقلين، هي معركة حقوقية بامتياز، وإيمان بقضية عادلة. يمكن لهذا النظام أن يسلبنا كل شيء، لكن لا يمكنه أن يسلبنا إيماننا بثورتنا وحريتنا وكرامتنا، ولن يموت حق وراءه مطالب، فمهما توارى هذا النظام خلف روسيا أو إيران، فإن مصيره سيكون خلف القضبان، وفي قبضة العدالة، ليتم محاكمته على هذه الجرائم التي لا تسقط بالتقادم.

* هل يمكن أن تكون شهادات الوفاة التي يصدرها النظام وثيقة إثبات على جرائمه، حيث أن هؤلاء الأشخاص كانوا مختفين قسراً ومن ثم ظهرت وثائق رسمية من النظام تثبت أنهم توفوا في المعتقلات أي أنهم كان معتقلين لدى النظام ولم يكونوا مختفين مجهولي المكان؟

إن جريمة الإبادة الجماعية بحق عشرات آلاف المعتقلين ثابتة بحق نظام بشار الأسد بأدلة يقينية وقطعية، بشهادات الشهود، وبخمسة وخمسين ألف صورة من صور قيصر، وبتقارير المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وتشير كافة الدراسات الحقوقية والإستقصائية إلى أن الأعداد الموثقة للمعتقلين الذين تمت تصفيتهم هي جزء من العدد الحقيقي، وقد يصل العدد الحقيقي للمعتقلين الذين تمت تصفيتهم إلى (200000) مئتي ألف معتقل، أي أننا لسنا أمام جريمة إبادة بشرية فحسب، إنما أمام محرقة بشرية لم يشهد التاريخ مثلها في عصر تدعي فيه الأمم المتحدة حماية حقوق الإنسان، وحماية الإنسان من كافة أنواع الإرهاب، ومنها إرهاب الدولة المنظم والممنهج. وهي جريمة إرهاب دولة منظمة على كافة المستويات، بدء من الثقافة الإجرامية والتحريض على إبادة كل مخالف لنظام بشار الأسد تحت شعار (الأسد أو نحرق البلد)، وبما أن نظام بشار الأسد قام بتسليم جزء بسيط من قوائم المعتقلين الذين قام بقتلهم وتصفيتهم، ولم يقم بتسليم الجثث إلى أهلهم وذويهم حسب القانون والأصول تهرباً من الحقيقة، وإخفاء للجريمة، حتى لا تقوم أي جهة محلية أو دولية بإجراء خبرات طبية عليها لتبيان سبب الوفاة الحقيقي، وبيان آثار التعذيب والقتل المتعمد والممنهج، واستكمالاً لمخطط إخفاء جريمة الإبادة الجماعية بحق المعتقلين بعد إخفائها مادياً، يحاول استكمال إخفائها وطمسها قانونياً بموجب وثائق طبية وقضائية مزورة خلاف الواقع والحقيقة، صادرة عن قضاة وأطباء تابعين لنظام الأسد، متواطئين بتزوير الحقيقة، وبالتالي فإن هذه التقارير الطبية المزورة خلاف الواقع والحقيقة لا قيمة قانونية لها، إنما هي إدانة للأطباء الذين صدرت عنهم كشركاء بجريمة تزوير جنائية، وشركاء بإخفاء جريمة إبادة جماعية.

* شاركتم مع عدد من الفعاليات السياسية الثورية والحقوقية والمدنية في حملة (بدنا جثامين ولادنا) إلى ماذا تهدفون من هذه الحملة؟

** الحملة هي مناصرة حقوقية وإعلامية لهذه القضية الإنسانية الهامة، من قبل القوى السياسية والثورية والمنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني في سورية، لتسليط الضوء على هذا الهلوكوست المريع المرتكب بحق المعتقلين في سورية، وجريمة الإبادة الجماعية التي لم تشهد مثلها الإنسانية منذ المحرقة النازية في القرن الماضي، وحتى يتم إيصال صوت المعتقلين وأهاليهم إلى كل أحرار العالم لتشكيل قضية رأي عام عالمي وشعبي، ليكون هناك ضغط سياسي وحقوقي دولي لإيجاد حل لقضية المعتقلين في سورية والعمل على إطلاق سراح كافة المعتقلين وبيان مصير المختفين قسرياً وتسليم جثث الشهداء المعتقلين الذين قضوا نحبهم تحت التعذيب إلى أهلهم وذويهم ليتم مواراتهم الثرى، وليرقدوا بسلام وليكونوا مثالاً للأجيال القادمة في التضحية والفداء ورمزاً لقيم الحرية والكرامة التي بذلوا من أجلها الغالي والنفيس. وليكونوا شهداء على محارق وهلوكوست مريع، ونظام أوغل في الإجرام واستهزئ بكل القيم الانسانية، وارتكب أفظع جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية على مرأى ومسمع العالم أجمع .

* ختاماً.. بماذا تنصح الأهالي الذين تلقوا شهادات وفاة أبناءهم؟ هل استلامهم لوثيقة الوفاة أو التوقيع على أوراق تتضمن تأكيدهم وموافقتهم على أقوال النظام بأن وفاة أبناءهم وفاة طبيعية قد ينجي القتلة من المحاسبة على الجرائم التي اقترفوها؟

** قام نظام الأسد بإخفاء جثث آلاف المعتقلين الذين تمت تصفيتهم تحت التعذيب بمقابر جماعية أو حرقهم بمحارق بشرية، وبعد أن أتم نظام بشار الأسد إخفاء جثث عشرات آلاف المعتقلين إخفاء مادياً واستكمالاً لمخطط إخفاء جريمة الإبادة الجماعية بحق المعتقلين بعد إخفائها مادياً يستكمل إخفائها وطمسها قانونياً بموجب وثائق طبية وقضائية مزورة خلاف الواقع والحقيقة صادرة عن قضاة وأطباء تابعين لنظام الأسد متواطئين بتزوير الحقيقة ويتم استدعاء الأهالي للمثول أمام المخابرات أو أمام الفاضي الفرد العسكري وأغلب الظن يتم توقيع الأهل على استلام جثمان ابنهم وإقرارهم بصحة سبب الوفاة وكذلك عدم اعتراضهم على التقارير الطبية والقضائية الصادرة عن نظام بشار الأسد وإقرارهم بعدم مسؤولية الجهات الأمنية عن وفاة ابنهم ليقوم نظام بشار الأسد بدوره بعرض هذه الضبوط القضائية على الجهات الدولية والمنظمات الحقوقية ليثبت براءته من جريمة قتل المعتقلين وإبادتهم خارج القانون، وهكذا يكون المعتقلون في سجون نظام بشار الأسد قد تعرضوا لجريمة إبادة جماعية منظمة وممنهجة من أعلى هرم في السلطة حتى أدنى عنصر مخابرات بدءا من القتل تحت التعذيب وخارج القانون وانتهاء بتوقيع الأهل أمام القاضي الفرد العسكري على ضبوط لا يعرفون تفاصيلها.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل