ياسر محمد – حرية برس
مع اقتراب موعد الإعلان عن “لجنة الدستور” أواخر الشهر الحالي، ظهرت مفاجآت يبدو أنها ستبدد آمال الأطراف الإقليمية والدولية الساعية لإطلاق “عملية سياسية” في سوريا، وكذلك المبعوث الدولي ستافان دي مستورا الذي كان يأمل بإطلاق عمل اللجنة الدستورية قبل نهاية العام الجاري، إلا أن تغيرات دولية وداخلية استجدت، ربما تؤخر ظهور اللجنة من الأساس أو تؤخر عملها على أقل تقدير.
وفيما تصر روسيا التي استضافت “لقاء سوتشي للحوار الوطني” الذي أسس بدوره للجنة الدستورية، على إطلاق عمل اللجنة في أسرع وقت ممكن، وتشاطرها المجموعة الدولية المصغرة المؤلفة من سبع دول هذا التوجه، ظهرت خلافات حول تشكيل اللجنة في الثلث الذي يخص منظمات المجتمع المدني والمستقلين، حيث تقول تركيا والمعارضة إن النظام يحاول فرض معظم أعضاء هذا الثلث من الموالين له، ليضمن أغلبية في قرارات اللجنة التي يتشكل ثلثاها الآخران من النظام والمعارضة.
وفي هذا الصدد؛ قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن “هناك 3 قوائم قدمها النظام والمعارضة والمجتمع المدني في سورية في شأن محادثات تشكيل لجنة الدستور”، متهماً بعض الدول بـ “محاولة قلب التوازن اللازم لمصلحة النظام، لكن الأمور لا تسير هكذا”.
فيما لفت المتحدث باسم الائتلاف المعارض، أنس العبدة، إلى “محاولات يبذلها داعمو النظام للحصول على غالبية ساحقة من الثلث الذي يُفترض أن يكون تسمية أعضائه من اختصاص الأمم المتحدة، وهناك محاولة للحصول على ما يوازي حق الفيتو بآليات اتخاذ القرار ورئاسة اللجنة لمصلحة النظام”.
ولا تقتصر التحديات على تحاصص “لجنة الدستور” مثالثة كما أقرها “لقاء سوتشي” بين النظام والمعارضة والمستقلين، بل ظهرت مشكلة داخلية تتعلق بممثلي المعارضة في اللجنة، حيث من المقرر أن تمثل المعارضة “هيئة التفاوض” برئاسة نصر الحريري، إلا أن الحاضنة الشعبية وخصوصاً في الشمال المحرر قلبت الطاولة على الهيئة، من خلال مظاهرات اليوم الجمعة التي أقرها الناشطون في الداخل تحت عنوان “هيئة التفاوض لا تمثلنا”، ما أثار مشادات واتهامات بين أعضاء الهيئة ومناصريها من جهة، وبين جمهور الثورة من جهة أخرى.
ودافع نصر الحريري عن الهيئة التي يرأسها، قائلاً بأنها تتبنى الحل السياسي المطروح في جنيف1 والقاضي بانتقال سياسي كامل في سوريا، ومتهماً من يتظاهر ضد الهيئة بالتعاون مع النظام، وذهب زميله في الهيئة، رئيس هيئة التنسيق، حسن عبد العظيم، لحد القول: “من سيتظاهر ضد الهيئة هو مندس وعميل للنظام”، فيما جهز ناشطو الداخل لمظاهرات كبيرة اليوم ضد الهيئة، رافضين أن تكون ممثلة عن الشعب السوري في مفاوضات الحل السياسي، ورداً على رئيس الهيئة وزملائه، قالت الناشطة السياسية عليا منصور: “نصر الحريري هو من قبل بالسلال الأربع وهو من تنازل عن هيئة الحكم الانتقالية، هو من أبدى استعداده للتنازل دوما سعيا إلى الكرسي التي جلس عليها في مؤتمر رياض 2.. واليوم يستمر في تقديم التنازلات هو ومن معه إرضاء للدول وطمعا في كرسي وهمي”.
ورأى العميد المنشق، أحمد رحال، أن الهيئة هي من أوصلت نفسها إلى هذه النتيجة، وأوضح في تغريدة على تويتر: “إذا تم تثبيت اسم جمعة مظاهرات الغد (الهيئة التفاوضية لا تمثلني) فالهيئة مسؤولة عن ذلك لأنها فشلت بتنقية صفوفها من الضفادع وفشلت بطرد من باع الجنوب (عسكريين وسياسيين) من أعضائها وأبقت من يعمل بالأجندة الروسية.. وأن كل ما تفعله الهيئة من حراك سياسي مميز ضاع أمام وجود هؤلاء بصفوفها”.
يذكر أن هيئة التفاوض تشكلت في مؤتمر الرياض1 في كانون الأول 2015، قبل أن تتشكل نسخة ثانية منها في تشرين الثاني 2017 في مؤتمر الرياض2، برئاسة نصر الحريري، بعدما رأسها في نسختها الأولى رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب، والذي استقال من الهيئة لأسباب لم يكشف عنها. ومهمة الهيئة هي الإشراف المباشر على العملية التفاوضية مع نظام الأسد، ضمن مسارات ترعاها الأمم المتحدة، ومن ضمن ميثاق الهيئة ألا يكون لبشار الأسد أي دور أو حضور في مستقبل سوريا.
Sorry Comments are closed