حذرت صحيفة “الغارديان” البريطانية من كارثة جديدة في سوريا، مشيرة إلى ما كتبه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في صحيفة “وول ستريت جورنال”، الذي حذر من تحول إدلب إلى “بحيرة من الدماء”.
وتنقل الافتتاحية، عن أردوغان، قوله إن المدنيين السوريين لن يكونوا هم وحدهم من سيدفع الثمن، فهجوم لنظام بشار الأسد على آخر المعاقل المعارضة، يعد خطرا على بلاده وأوروبا وما هو أبعد ذلك.
وتشير الصحيفة إلى أن إدلب أصبحت ملجأ للهاربين من المدن التي سيطر عليها النظام، وفيها حوالي 3.5 مليون نسمة، ويعيشون في وضع صعب، ومعظمهم في مخيمات تفتقد الحاجيات الأساسية.
وتقول الافتتاحية: “هم يعرفون بالضبط ما يواجهونه من معاناة، ويقومون بصناعة قناعات بدائية ضد الغازات السامة، من بقايا كؤوس الأطفال، مزودة بالقطن وقطع الفحم، وهم يعلمون أن هذه القناعات غير كافية أو مناسبة، لكن لا مكان بقي لهم ليهربوا إليه”.
وتلفت الصحيفة إلى أن “الغارات الجوية أدت إلى تشريد 30 ألف شخص، مع أن التقديرات تقول إن 700 ألف شخص من المحتمل أن يجبروا على النزوح، فيما تقول الأمم المتحدة إن كارثة إدلب قد تكون أكبر كارثة إنسانية في القرن الحالي، ورفضت روسيا وإيران، الداعمتان الرئيستان للأسد، محاولات أردوغان وقف إطلاق النار”.
وتقول الافتتاحية إن “سقوط إدلب لن يكون نهاية للحرب الأهلية، التي مضى عليها أكثر من سبعة أعوام، بل بداية لمرحلة جديدة من عدم الاستقرار والفوضى والمعاناة”.
وتنوه الصحيفة إلى أن “حصيلة القتلى في سوريا وصلت إلى حوالي 600 ألف شخص، والوصف المثير المرعب لإدلب بأنها (هذا الدمل المتقيح الذي تجب إزالته) يعطي إشارة عن الطريقة التي سيتم فيها الهجوم، ومن السخافة بمكان تصديق ما تقوله دمشق وموسكو، بأن العملية هي معركة لمحاربة الإرهاب”.
وتعلق الافتتاحية قائلة إن “عدد الجهاديين في المدينة قليل مقارنة مع عدد السكان، وربما كانوا أقل من 10 آلاف مقاتل، وأظهرت العمليات السابقة ليس فقط تجاهلا تاما وقلة احترام للمدنيين، بل استهدافا مقصودا لهم، وتقول الأمم المتحدة إن العيادات الطبية والمستشفيات في المحافظة تعرضت للقصف خلال الأسبوع الماضي، مع أن المحافظة هي من مناطق خفض التوتر، التي كان على الروس والنظام التنسيق فيها”.
وتفيد الصحيفة بأن “دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأسد وداعميه بالقول لهم: (لا تدعو هذا الأمر يحدث) تبعتها غارات جوية روسية على غرب إدلب، ومع ذلك فإن تحذيرات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا القوية برد على الهجمات الكيماوية للنظام، إن حدثت، تعني قبولا تكتيكيا بالجرائم الأخرى التي سيرتكبها النظام وحلفاؤه”.
وتجد الافتتاحية أن “اقتراحات (الممرات الإنسانية) باتجاه المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام هي شيء سخيف، خاصة أن المدنيين جربوا ما فعله النظام حتى قبل شعوره بالإحساس الكامل بالحصانة”.
وتبين الصحيفة أن “الحدود مع تركيا مغلقة، فقد استقبلت 3.7 مليون لاجئ، أكثر مما استقبلت أوروبا من اللاجئين، وعليه فإن الطريق الوحيد المعقول لسكان إدلب هو المناطق التي تسيطر عليها تركيا والفصائل السورية التي تدعمها، ومن الصعب على أردوغان الحفاظ على موقفه بصفته حاميا للسوريين لو حرمهم من الحماية والملجأ الآمن في داخل سوريا، لكنه بحاجة للدعم لتوفير المساعدات الإنسانية لهم”.
وتقول الافتتاحية: “مهما يحدث فإننا سنرى قمعا وصدمات جديدة، ومعركة جيوسياسية جديدة، ففي إدلب تتلاقى مصالح الجميع، وبدلا من الاصطفاف معا، فإن تلك المصالح تتصادم في معظم الأحيان، وللأسد وحلفاؤه أجندة في دولة محطمة لم يبق منها سوى القشور، وستظل الكراهية والحاجات المادية مصدرا يغذي عدم الاستقرار، وبالتالي التداعيات الأمنية للمنطقة ولأوروبا، كما ألمح أردوغان”.
وتختم “الغارديان” افتتاحيتها بالقول: “في الوقت الذي يقول فيه التحالف المدعوم من الولايات المتحدة إن الهجوم على الملجأ الأخير لتنظيم الدولة قد بدأ، إلا أن طرده من مقره (خلافته) غيّر مسار التهديد، لكنه لم ينهه، لكن يجب ألا تكون لنا مصلحة في الموضوع حتى ننتبه أن هناك كارثة في طريقها للانفجار”.
Sorry Comments are closed