ياسر محمد – حرية برس
استغلت روسيا ضيق خيارات شريكها التركي في تحالف “أستانا” فيما يخص إدلب، آخر قلاع المعارضة، وطرحت حلولاً “معينة” لتجنيب المنطقة معركة كبرى تهدد مصير أكثر من ثلاثة ملايين مدني، مقابل موافقة تركيا على المشاركة في الإعداد وإنضاج فكرة التعديل الدستوري المزمع، تزامناً مع دعوة المبعوث الدولي ستافان دي مستورا الدول الضامنة لمسار أستانا (روسيا وتركيا وإيران) للاجتماع في جنيف لوضع اللمسات الأخيرة على مشروع اللجنة الدستورية السورية، في 11 و12 من شهر أيلول القادم، بغياب الأطراف السورية جميعاً، ما من شأنه أن يعيد سطوة نظام الأسد “المعدّل” على معظم المناطق السورية بشكل شرعي، مقابل إنقاذ الوضع في إدلب مؤقتاً، وفق محللين.
وفي اجتماع موسع، أمس الجمعة، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وزيري الخارجية والدفاع التركيين ورئيس جهاز الاستخبارات، الذين قاموا بزيارة لموسكو التقوا خلالها نظراءهم الروس لبحث الملف السوري عامة وملف إدلب وجوارها على وجه التحديد، وخلصت اللقاءات إلى ترحيل ملف إدلب للقمة التركية الروسية الإيرانية التي ستعقد في طهران بداية أيلول القادم، مع تأكيد الطرف التركي على أن الهجوم على إدلب سيتسبب بكارثة إنسانية كبرى، وأنه يجب تحييد الجماعات “الإرهابية” بمشاركة جميع الأطراف وعلى المستويات السياسية والعسكرية، وهو ما أبدت موسكو تفهمها له، خاصة وأنها تريد الحفاظ على الحلف مع تركيا، كما أن أزمة لجوء ونزوح جديدة لنحو 3 ملايين مدني ستقوض الخطة الروسية الهادفة لإعادة اللاجئين وتسبب عبئاً لتركيا يستحيل احتماله.
أما على الأرض، فقد أصدرت الجبهة الوطنية للتحرير، أكبر تكتل عسكري معارض في إدلب ومحيطها، بياناً أعلنت فيه الاستنفار وأكدت جاهزيتها للتصدي لأي عدوان محتمل من قبل النظام وحلفائه، تزامناً مع وصول حشود عسكرية جديدة إلى مواقع النظام في ريف اللاذقية ومطار حماة وريف إدلب الشرقي، فيما قالت مصادر عسكرية معارضة إن النظام حدد غرفة عملياته لمعركة إدلب في “مدرسة المجنزرات” بريف حماة الشرقي.
وفي الشأن السياسي، قالت متحدثة باسم الأمم المتحدة، أمس الجمعة، إن المبعوث الخاص للمنظمة الدولية ستافان دي ميستورا دعا إيران وروسيا وتركيا لمحادثات بشأن اللجنة الدستورية السورية تُجرى في جنيف يومي 11 و12 أيلول القادم، على أن تعقب المحادثات المتعلقة بتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد لسوريا محادثات موازية تشرف عليها الأمم المتحدة وتضم دولاً منها الولايات المتحدة، إلا أن موعدها لم يُحدد بعد.
وتحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن تذليل خلافات روسية تركية حول عدد من الملفات بينها تباين في وجهات النظر حول تشكيلة اللجنة الدستورية السورية، وقال إن الطرفين توصلا إلى تفاهم في هذا الشأن قبل الاجتماع الذي دعا إليه المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في جنيف، وهو ما رأى فيه متابعون للشأن السوري تنازلاً تركياً بشأن الدستور مقابل ملف إدلب.
ويبدو أن شهر أيلول القادم سيكون مصيرياً لإدلب وسوريا، ولكن بشكل منفصل، إذ أن القسم الواقع تحت سيطرة الأسد والمحتلين الروسي والإيراني ينتظر ما سيسفر عنه ملف الدستور، بينما تبقى إدلب منفتحة على كل الاحتمالات العسكرية والسياسية مع وجود عدة مراكز قوى متحكمة في الداخل والخارج، تلتقي مصالحها وتتباعد، ويبقى أكثر من ثلاثة ملايين مدني معلقة أقدارهم برياح هؤلاء!.
Sorry Comments are closed