طور باحثون من جامعة “ملبورن” الأسترالية حديثاً أداة برمجية تستخدم الرياضيات التطبيقية وتحليل بيانات ضخمة للتنبؤ بالحدود التي سيحدث ضمنها انهيار أرضي قبل أسبوعين من حدوثه.
وقالت الأستاذة الجامعية “أنطوانيت توردسيلاس” المشاركة في الفريق البحثي التابع لكلية الرياضيات والإحصاء، إن “إشارات التحذير السابقة للانهيار الأرضي موجودة، ولكن الجزء الصعب هو تحديد نطاقها”.
وأضافت “توردسيلاس” أنه “من الممكن أن تكون التحذيرات دقيقة، ويتطلب تمييزها معرفة أساسية بالانهيارات على مستوى البنية المجهرية، أي حركة الحبيبات الفردية للأرض»، وتابعت إن العلماء “لا يمكنهم رؤية حركة الحبيبات الفردية في انهيار أرضي أو زلزال يمتد لمسافة كيلومترات، لكن إن تمكنا من تحديد الخصائص المميزة للانهيار في نطاق ضيق سنتمكن من تسليط الضوء على كيفية تفاقم الوضع وتطور الانهيار في الوقت المناسب، بغض النظر عن مساحة المنطقة التي نرصدها”.
وتتضمن الإشارات المبكرة للانهيارات الأرضية، أنماطاً من الحركة تتغير بمرور الوقت وتصبح متزامنة، وقالت “توردسيلاس” أن “الحركة في البداية تكون عشوائية لتتحول في لحظة معينة لحركة منظمة، تؤدي لانهيار مشابه لانهيار قلعة رملية أو تصدع في رصيف أو انزلاق في منجم مفتوح، إذ تتحرك مختلف المواقع فجأة بطرق متشابهة».
وذكرت “توردسيلاس” أن التقنية الجديدة “تعمل على ترجمة بيانات الحركة وتحويلها إلى شبكة، ما يسمح لنا باستخلاص الأنماط المخفية للحركة ومعرفة كيفية تغيرها في المكان والزمان، وتتمثل الآلية باكتشاف التغيرات المنظمة في الشبكة في أقرب وقت ممكن، عندما تكون الحركات دقيقة جداً”.
وقال الأستاذ الجامعي “روبن باترهام” من قسم الهندسة الكيميائية والجزيئية الحيوية في الجامعة، إن “البرمجية الجديدة تركز على تحويل الخوارزميات والبيانات الضخمة إلى إجراءات تقييم وإدارة مخاطر يمكن أن تنقذ الأرواح” مضيفاً “كنا نقوم بهذا النوع من الأعمال بأنفسنا منذ 40 عاماً، إلا أن البرمجية الحديثة تُسخر قوة الحاسوب والذاكرة الرقمية المتاحة لمعرفة الحركة السطحية، واستخراج أنماط البيانات، ونستطيع اليوم تنفيذ عمليات لم تكن في متناول أيدينا بالمعنى الرياضي منذ 30 عاماً”، وذكر إن “البرمجية الحديثة ستحدث فرقاً كبيراً، وبفضلها نستطيع اليوم توقع الكوارث؛ كانهيار مكب نفايات في بلد نامٍ أو تصدع مبنىً أو تحرك أساساته أو انهيار أحد السدود أو وقوع انزلاق طيني”.
جهود سابقة
وتلعب عوامل عدة في التسبب بوقوع الانهيارات الأرضية؛ منها التأثير التكتوني وتأثير حركة المياه عبر نطاقات الضعف الصخري وكثافة التربة والمسافات بين مساماتها وميول الأرض والجاذبية الأرضية، بالإضافة إلى الأنشطة البشرية المتمثلة بالتصريف الخاطئ للمياه ومجاري الصرف الصحي وشق الطرقات وإنشاء الخزانات المائية وغيرها من العوامل.
ويعمل الجيولوجيون جاهدين على تحديد المناطق المعرضة لمثل هذه الانهيارات، وطوروا مع الزمن تقنيات مختلفة للتنبؤ بوقوعها وتحديد نطاقها، ومنذ العام 2013؛ بدأ كلينت كرومهاوت، أحد خبراء الجيولوجيا العاملين في مؤسسة فلوريدا للمسح الجيولوجي وزميله آلان بيكر، بتصميم خريطة للمناطق المعرضة لظهور الانهيارات الأرضية تقوم على طريقة إحصائية تدعى أوزان الأدلة، وتعني الجمع بين الشواهد على وجود حفر للمجاري وقعت بالفعل مع معلومات جيولوجية أخرى؛ مثل عمق الحجر الجيري أو تكون الرواسب التي تغمره، بهدف حساب توقع مدى عرضة مكان معين لحدوث انهيار أرضي بشكل نسبي.
ويستخدم علماء وكالة الإدارة الأمريكية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) منذ أعوام، راداراً يرصد الحركات الدقيقة للأرض، لرصد ساحل لويزيانا وخليج المكسيك، لتوقع وقوع الانهيارات الأرضية.
عذراً التعليقات مغلقة