نقاط المراقبة التركية.. هل تكفي لتطمئن سكان إدلب؟

فريق التحرير18 أغسطس 2018آخر تحديث :
AFP

أحمد زكريا – حرية برس

من جديد يطفو على سطح التطورات الميدانية في عموم محافظة إدلب “التطمينات التركية” لسكان المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في الشمال السوري وخاصة ريفي إدلب” الجنوبي والشرقي” بالإضافة للريف الشمالي من حماة.

ورغم الاجتماع الأخير الذي تم، الأربعاء 15 آب/أغسطس الحالي، ما بين عسكريين أتراك مع مع وجهاء من ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، وذلك عند نقطة المراقبة التركية بالقرب من مدينة “مورك” بريف حماة الشمالي، وتم خلال الاجتماع طمأنة الوجهاء بأن الجانب التركي موقفه ما يزال ثابتاً بخصوص منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكن يبقى السؤال الأبرز: هل بالفعل بإمكان نقاط المراقبة التركية وعددها 12 نقطة أن تحمي الشمال السوري وخصوصاً منطقة إدلب من أي هجوم عسكري لنظام الأسد وداعميه روسيا وإيران؟

وللإجابة على هذا السؤال رصد موقع “حرية برس” آراء عدد من العسكريين والمحللين السياسيين والنشطاء الإعلاميين وتوضيح موقفهم من نقاط المراقبة التركية تلك.

تحصين الجبهات وخطوط الدفاع

النقيب “عبد السلام عبد الرزاق” القيادي في “الجبهة الوطنية للتحرير” قال لحرية برس: نحن كفصائل عسكرية لا يتأثر عملنا وجاهزيتنا إطلاقاً بأي تطمينات أو تصريحات، بل نصل الليل بالنهار لزيادة تحصين الجبهات وتجهيز خطوط الدفاع هندسيًا ووضع الخطط لأي طارئ أو موقف، مضيفاً أنه من واجب الضباط الأتراك أن يكون هذا حديثهم وتوجههم فهم هنا لمهمة مراقبة وقف إطلاق النار بغض النظر إن كان حديثهم يستند إلى حقائق أو لا.

وتابع: لكن إن كنا نستطيع أن نرسم مستقبلنا ومصيرنا بأيدينا أو إن كان بمساندة الأخوة الأتراك، فليس من الصواب أن نستكين ونتقاعس ونسلم رقابنا لغيرنا.

ويرى النقيب “عبد السلام عبد الرزاق” أن وجود النقاط التركية وزيادة تسليحها وتحصينها واستكمالها بالعتاد والسلاح يمكن أن يعطي طمأنينة لسكان المناطق المجاورة، رغم أن النظام المجرم وروسيا لأكثر من مرة استهدفوا مواقع قريبة جداً منها، مؤكداً أن “مصير الشمال المحرر لم ولن يكون مرهون بوجود النقاط التركية أو بعدمه” على حد تعبيره.

وقال: نحن إن ساعدنا أنفسنا بتجهيزنا وتدريبنا ولحمتنا، نترك فرصة للأخوة الأتراك لمساعدتنا، فالسياسة متعلقة بالأرض وترسم حسب القوى والسيطرة على الأرض، وليس العكس كما يروجه أبواق تريد للشعب أن يستكين ويستسلم.

مبعث طمأنينة للأهالي

من جهته اعتبر الدكتور “زكريا ملاحفجي” أن وجود النقاط التركية هو مبعث طمأنينة للناس، وطالما أن هناك نقاط مراقبة تركية فإن استهداف المناطق أو محاولة السيطرة عليها أمر مستبعد.

وقال “ملاحفجي” لحرية برس: إن الموضوع ليس عسكري فقط بل ما يجري اتفاق روسي تركي على مناطق، وبالنسبة لمنطقة ادلب فهي عمق استراتيجي مهم بالنسبة لتركيا.

وعن رأيه بالاجتماع الذي تم بين مع الوجهاء في نقطة المراقبة التركية في مورك قال “ملاحفجي”: إن حالة الاجتماع ما بين الأهالي وأطراف تركية والنقاش حول مصير تلك المناطق فهذه حالة إيجابية جيدة، لافتاً إلى أن هذه المناطق متعلقة بالطرف التركي بشكل رئيسي وهو المسؤول عن هذا الموضوع كونه أخذه على عاتقه تحديد مصيرها.

في حين رأى “جلال سلمي” الباحث في مركز الشرق للسياسات، أن ما يبعث على الطمأنينة أن ما يجري هو تطبيق لمخرجات اتفاقية “أستانا” في جولتها السادسة، ولو تمت مراجعتها سنجد أن هناك خريطة تم رسمها بحيث يكون شمال حماة تحت سيطرة تركية، والمناطق الواقعة بين سكة حلب وطريق حلب الدولي تحت سيطرة روسية شبه كاملة، أما بالنسبة لسيطرة النظام وإيران فستكون غرب سكة حلب، أما شرق الطريق الدولي فسيكون تحت سيطرة تركية.

وأضاف: إن وجود الضامن التركي يشكل قوة شبه رادعة لأننا نتكلم عن دولة ضامنة من الممكن أن تتخذ جميع الإجراءات في حال قرر النظام الهجوم، كما يحق لتركيا حرية التحرك في إدلب ضد أي قوة مهاجمة أكثر منها في عفرين ومناطق درع الفرات، كونها أتت بناء على اتفاقية أستانا المبرمة والمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة وبناء على تفويض من مجلس الأمن المتابع لمخرجات أستانا، مؤكداً أنه من المستحيل أن تضحي تركيا بمنطقة إدلب من أجل عدم مواجهة أزمة اللاجئين.

وأشار إلى أنه “علينا ألا ننسى أيضاً موضوع الفصائل المعارضة الموجودة في إدلب وعددها أكثر من 70 ألف عنصر، والتي من الممكن أن تستخدمها تركيا بكل سهولة وبشكل قوي جداً إذا قام النظام أو إيران بأي محاولة لشن هجوم عسكري تجاه محافظة إدلب”.

في حين قال الناشط الإعلامي “محمد الإدلبي”: إن الأهالي لديهم طمأنينة في ظل وجود نقاط مراقبة تركية، وإن أكثر من 80 % من المدنيين متفائل بأنه لن يحصل عمل عسكري لاجتياح ادلب بسبب وجود هذه النقاط.

.

.

.

.


التواجد التركي هدفه حقن الدماء في محافظة إدلب

أما الكاتب والمحلل السياسي “أحمد مظهر سعدو” وفي ردّ منه على سؤال حول تقييمه للاجتماع الذي تم بين الوجهاء والوفد العسكري التركي عند نقطة المراقبة في “مورك” قال لحرية برس: إنه وفي سياق التخوف الشعبي من هجوم مباغت للنظام ومن معه، على محافظة ادلب وكل ما تبقى من مناطق غير خاضعة لسيطرة النظام السوري وميليشياته، وضمن حالة من الترقب وعدم الثقة بوعود الروس ومن لف لفهم، فقد بادر الأهالي في ادلب وريف حماة الى الالتقاء بضباط نقطة المراقبة التركية، الموجودة في مورك، في محاولة منهم للوقوف على رأي ومعلومات الأتراك، كضامنين، وكعسكر متواجدين على الأرض، خاصة بعد دخول تجهيزات ومعدات محارس تركية مسبقة الصنع، الى الداخل السوري، ووسط تصريحات لمسؤولين أتراك بعدم السماح للنظام السوري، بالانقضاض على المحافظة التي باتت تضم بين ظهرانيها، ما ينوف عن 3 ملايين مدني، في أقل تقديرات.

وأضاف: “في الواقع إن الأخوة الترك، وحسب علمي، ومن خلال ما دار في هذا الاجتماع، قد أعطوا تطمينات، للأهالي، مؤكدين أن التواجد التركي جاء ليحمي الناس من عسف وقهر النظام ولحقن الدماء في محافظة ادلب، وإن هذه المحافظة تعني للكثير للأتراك، وإنهم لن يتركوها لقمة سائغة، أمام الاجرام الأسدي”.

تفاهمات بين “الروس والأتراك”

ويرى “مظهر سعدو” أن المسألة على ما يبدو في ادلب ذاهبة باتجاه تفاهمات حقيقية بين الروس والأتراك، وهناك وعود روسية بعدم السماح للنظام وايران بالهجوم على ادلب، وتبقى المعضلة الأساس أمام الروس هي كيفية التعامل مع “هيئة تحرير الشام”، حيث تصر روسيا على إنهاء وضعها نهائياً، سلماً أم حرباً، بينما تجنح الدولة التركية، إلى السلم في محاولة منها، لحقن دماء السوريين، وهناك (كما يبدو) حوارات ومفاوضات متواصلة مع “هيئة تحرير الشام”، لإيجاد حل بإنهاء وجودها كفصيل، دون الوصول الى نتائج واضحة المعالم بهذا الشأن، وهو ما يجعل المسألة قلقة قبل موعد القمة الرباعية، وأيضاً القمة الثلاثية بين الضامنين الثلاثة، في أيلول القادم.

الدفع باتجاه الضغط على “هيئة تحرير الشام”

وأضاف المحلل السياسي “مظهر سعدو”: لعل إصرار الأتراك على تفعيل وتمكين نقاط المراقبة، وكذلك تشجيع الفصائل يوماً بعد يوم على الانخراط في الجبهة الوطنية للتحرير، حيث باتت تشكل ثقلاً كبيراً في ادلب وريفها، وكذلك التعاون المفتوح والجدي مع الجيش الوطني المعلن عنه مؤخراً في الشمال السوري، وبرعاية تركية واضحة، يشير الى الاستعداد لخوض حصار عسكري، في مواجهة “هيئة تحرير الشام”، فيما لو أصرت على عدم حل نفسها، أو القبول بالحل الذاتي للفصيل، وهو ما تدفع باتجاهه الحكومة التركية، خوفاً من نتائج مؤلمة للسوريين في ادلب، وما يمكن أن ينتجه أيضاً من هجرات كبيرة من الصعوبة استقبالها في الأراضي التركية في هذا الوقت.

سيناريوهات سياسية وجغرافيّة يرسمها “الروس” والحسم العسكري هدفهم

من جهته قال رئيس هيئة الإنقاذ السورية الدكتور “أسامة الملوحي” لحرية برس: إن في بال الروس والنظام الحسم العسكري فقط وهم ساعون إليه في إدلب بلا شك، ولكن الروس جعلوا في كل المناطق السابقة مخرجاً “مخرج سياسي وجغرافي” أمام المقاتلين، فالسياسي تسويات وأوهام محلية أخرى، أما الجغرافي فالخروج إلى إدلب.

وتساءل “الملوحي” عن المَخرج السياسي في إدلب وقال: في إدلب ما المخرج السياسي بوجود “هيئة التحرير” ككتلة كبيرة، وبالنسبة للمَخرج الجغرافي فإلى أين الخروج؟

وتابع “الملوحي” قائلاً: سيسعى الروس إلى الاقتتال بين الفصائل حتى تصل إلى الضعف المطلوب، لذلك الروس مضطرون لتأجيل العمل العسكري وسيسعون الى التآمر عن طريق “الضفادع”، ولذلك أعطوا للأتراك تطمينات، مضيفاً بأن الأتراك بناءً على ذلك يطمئنون الأهالي، لكن الأتراك هم الجهة الأضعف في التفاهمات “الروسية الايرانية التركية”، وفي أي فرصة سانحة وظرف مناسب سيتخلى الروس عن أي ضمانة وسيسعون للحسم العسكري.

نقاط مراقبة أشبه بمخافر شرطة

بدوره وصف عضو الهيئة السياسية لمحافظة إدلب صفوان جمو “نقاط المراقبة التركية” بأنها أشبه ما تكون بمخافر شرطة، وقال في حديثه لحرية برس: إنه وبموجب الاتفاقية التي وضعت من خلالها نقاط المراقبة خلال اجتماعات “أستانا”، فإن تلك النقاط كانت من مهمة الروس وليس مهمة الأتراك، ومن وجهة نظري فمن الممكن أن تكون تلك النقاط حالة من حالات “مخافر الشرطة”.

وأضاف: بالطبع إذا تعززت تلك النقاط بموقف سياسي قوي من القيادة التركية، وكان هذا الموقف جاداً وحازماً لوقف الروس عن التمدد واستخدام سلاح الجو ضد المناطق المحررة، يمكن أن يؤدي إلى فارق ويمكن أن تؤدي إلى تجنيب إدلب “حمّام الدّم”.

ولفت الانتباه، إلى أنه علينا الانتظار حتى الأيام الأولى من الشهر التاسع، وهو الموعد الذي تنتهي فيه اتفاقيات خفض التصعيد، لنرى إن كانت تلك الاتفاقيات ستمدد 6 أشهر أخرى، وإن تم التفاهم على ذلك من الممكن أن نقول أن تلك الاجتماعات قد أتت ثمارها.

وتابع قائلاً: بالنسبة للمهلة الروسية التي سربت من خلال الاعلام أنها أعطيت للأتراك لإنهاء ما يسمونهم “ارهابيون” موجودين في محافظة ادلب، فأعتقد أنها فترة غير كافية ليتمكن الأشقاء الأتراك من إنهاء تلك المجموعات، ونحن طبعا نختلف مع تلك المجموعات بالمنهج والتفكير والرؤى، ولكننا لا نصفها إرهابية فنحن السوريين ندافع عن أنفسنا وعن بلدنا، ومن كان بينا من ينظر للأمر من منظور أيديولوجي أو فكري لا نتوافق معه ولكن لا نقول عنه إرهابي، ولا أعتقد أن الأتراك من الممكن أن ينجحوا في تفكيك تلك التنظيمات خلال تلك الفترة، لذا علينا الانتظار حتى منتصف الشهر التاسع  لتوضيح الأمور وبأي الاتجاهات سوف تذهب.

الجدير ذكره، أن نقاط المراقبة التركية تتوزع في كلٍ من قرى وبلدات:” صلوة، وقلعة سمعان، والشيخ عقيل، وعندان، والعيس، وحي الراشدين بمحافظة حلب” وفي “صوامع الصرمان وتل الطوقان وتلة اشتبرق” بريف إدلب، كما تتوزع في “أطراف مدينة مورك، وشير مغار” في ريف حماة، بالإضافة لنقطة مراقبة “الزيتونة” بريف اللاذقية.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل