أبدت كل من دولة قطر والعراق دعمهما لتركيا التي تتعرض لأسوأ أزمة اقتصادية بعد هبوط الليرة التركية لمستوى قياسي أمام الدولار الأميركي، عقب قرار الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” بمضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الألمنيوم والصلب التركية، وبعد أيام من فرض واشنطن عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين متذرعة بعدم الإفراج عن القس الأمريكي “أندرو برانسون” الذي يحاكم في تركيا بشأن اتهامات تتعلق بالإرهاب، حيث قررت أنقرة المعاملة بالمثل ورفع قيمة الرسوم على المنتجات الأمريكية.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني اللذان زارا تركيا الثلاثاء والأربعاء عن دعميهما لتركيا في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، حيث لا تزال “المعركة” الاقتصادية متواصلة بين أنقرة وواشنطن، بعد أن قرر الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” اليوم الأربعاء، رفع قيمة الرسوم الجمركية على منتجات أمريكية جديدة رداً على العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن على بلده منذ الشهر الماضي.
ردود فعل عربية
وأبدى رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” عن دعمه لتركيا مؤكداً أن بلاده تقف بجانب الليرة التركية وتساند هذا البلد في مواجهته للضغوطات الخارجية.
وقال “العبادي” خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس “أردوغان” أمس الثلاثاء، “نحن نقف إلى جانب تركيا وندعمها خاصة في المحنة التي تواجهها عملتها الوطنية”، مشيراً “أن العراق وتركيا في صدد تنفيذ مشروع نفطي جديد يكمن في توصيل النفط لتركيا من مدينة كركوك”.
وأعلنت الرئاسة التركية في بيان أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وعد، اليوم الأربعاء، باستثمارات مباشرة في تركيا بقيمة 15 مليار دولار خلال اجتماع عقده مع الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، وتأتي هذه الخطوة دعماً للاقتصاد التركي مع انهيار العملة الوطنية جراء أزمة دبلوماسية مع الولايات المتحدة وفرض عقوبات متبادلة.
وقالت الرئاسة التركية إنه خلال لقائه أردوغان أكد الامير ان “قطر ستضع سريعا برنامج استثمار بقيمة 15 مليار دولار في تركيا”، وغرد ابراهيم كالين المتحدث باسم الرئاسة ان “اسس الاقتصاد التركي متينة وتركيا ستخرج أقوى من هذه المرحلة”، وأضاف أن “العلاقات بين تركيا وقطر تقوم على أسس صلبة من الصداقة والتضامن الفعليين”.
وشهدت العلاقات بين البلدين تقارباً كبيراً منذ بدء الأزمة الدبلوماسية بين الدوحة وعدد من جيرانها العرب في مقدمهم السعودية. وتربط الدوحة أيضاً علاقات وثيقة بالولايات المتحدة.
بدوره أعرب “حمد بن جاسم” رئيس وزراء قطر السابق في وقت سابق عن ثقته بأن تركيا “ستخرج بقوة” من الحرب الاقتصادية التي تواجهها، وستحل الخلاف مع واشنطن “بشكل مشرف”، جاء ذلك في سلسلة تغريدات عبر حسابه في موقع تويتر حيث قال بن جاسم “أنا متأكد أن تركيا ستخرج من هذا الوضع بقوة، قد يأخذ وقت ولكن هناك إرادة وعمل”، مضيفاً “تركيا عضو مهم لحلف الناتو وشريك مهم لأمريكا وأوروبا وسيجدون طريقة لحل هذه الأزمة ولكن بشكل مشرف ومن راهن على سقوطها سوف يخسر الرهان”.
وأشاد “حمد بن جاسم” بموقف المعارضة التركية الداعم للحكومة، قائلا “انظروا الى المعارضة التركية التي انضمت تحت لواء الحكومة المنتخبة رغم الخلافات للمساعدة في تجاوز الوضع الحالي”.
ردود فعل أوروبية
وكان وزير الاقتصاد والطاقة الألماني “بيتر ألتماير” قد صرح قبل أيام أن تركيا بالنسبة لأوروبا تعني “الأمن والموثوقية” في أول تصريحات أوروبية تتعلق بالعقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” على أنقرة والتي أدت لتراجع حاد في أسعار صرف الليرة التركية.
وقال “ألتماير” في حوار له مع صحيفة “بيلت أم زونتاغ” أن بلاده تعمل مع أنقرة بشكل “عظيم” في مسألة الهجرة وترغب في تطوير العلاقات الاقتصادية مع تركيا.
وأشار الوزير إلى أنه مسؤول عن مصالح أكثر من 7 آلاف شركة ألمانية تعمل في تركيا لافتاً في الوقت ذاته إلى أنه يرتب لزيارة سيجريها برفقة وفد موسع في تشرين أول/ أكتوبر المقبل للقاء وزيري الاقتصاد والطاقة
واعتبر “ألتماير” أن الرسوم التي فرضها ترامب على الواردات التركية والصينية يمكنها أن تضر بالاقتصاد العالمي وتابع “هذه حرب تجارية تقلل من النمو الاقتصادي وتهدمه وتخلق عدم ثقة”.
وتابع التماير: “أظهر التاريخ أن الحروب التجارية تضر بشكل خاص بالمستهلكين؛ لأنها تتسبب في ارتفاع أسعار السلع”، مؤكداً “نحن بحاجة إلى تجارة عالمية ذات رسوم منخفضة، وحمائية أقل، وأسواق مفتوحة”.
دعم شعبي عربي لتركيا
من جهة أخرى تدوال ناشطون صوراً وتسجيلات مصورة لسوريين مقيمين في تركيا وآخرين في شمال سوريا يقومون بتبديل أموالهم من الدولار الأميركي إلى الليرة التركية موضحين وقوفهم إلى جانب البلد التي وقفت إلى جانبهم.
كما شهدت مواقع التواصل خلال الأيام الماضية حملة تضامن غير مسبوقة من النشطاء العرب، مع تركيا ضد الحرب الاقتصادية التي تشنها الولايات المتحدة الأميركية بالعقوبات الاقتصادية الأخيرة.
حيث دعا النشطاء الجميع لدعم الليرة التركية واقتصاد تركيا بشراء المنتجات التركية ودعم السياحة، وتداول ناشطون بمواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات وصور تظهر إقدام عدد من المواطنين في قطر والكويت، على تبديل أموالهم من الدولار الأميركي إلى الليرة التركية في إشارة إلى وقوفهم بجانب تركيا في الأزمة الاقتصادية التي تعصف بأنقرة بعد العقوبات الأميركية الأخيرة، وأبرز ما جاء في الشأن هو مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع لمواطن قطري في أحد محلات الصرافة، وهو يشتري الليرة التركية، ويدعو الجميع إلى فعل ذلك لدعم الليرة التركية.
يذكر أن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” ضاعف الجمعة الماضية الرسوم الجمركية على واردات الألمنيوم والصلب التركية، بعد أيام من فرض واشنطن عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين متذرعة بعدم الإفراج عن القس الأمريكي “أندرو برانسون” الذي يحاكم في تركيا بشأن اتهامات تتعلق بالإرهاب.
ورد الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بأن بلاده لا ترضخ بالتهديدات ومستعدة لجميع الاحتمالات الاقتصادية، مشدداً على أن خطوة “ترامب” تضر بالمصالح الأمريكية.
وفي 25 يوليو/تموز الماضي، قرر القضاء التركي فرض الإقامة الجبرية، عوضاً عن الحبس، على “برانسون”، الذي تم توقيفه في 9 ديسمبر/كانون الأول 2016، ويُحاكم بتهم التجسس وارتكاب جرائم لصالح منظمتي “غولن” و”بي كا كا” اللتين تصنفهما تركيا كمنظمات إرهابية، وتضمنت لائحة الاتهام ضد “برانسون” ارتكاب جرائم باسم المنظمتين تحت غطاء رجل دين، وتعاونه معهما رغم علمه المسبق بأهدافهما.
عذراً التعليقات مغلقة