دراسة: المياه الجوفية تحد من شدة الزلازل

فريق التحرير8 أغسطس 2018آخر تحديث :

اكتشف باحثون من المعهد الفدرالي للتقنية في لوزان «إي بي إف إل» ومدرسة الأساتذة العليا في باريس، أن وجود مائع مضغوط بالقرب من صخور القشرة الأرضية يحد من شدة الزلازل الناجمة عن أنشطة بشرية باطنية، وأبرزها أنشطة إنتاج الطاقة الجيوحرارية.

وفي كل عام، تسجل مراصد الزلازل حول العالم قرابة 100 ألف زلزال، ولا يعزى جميعها إلى أسباب طبيعية، بل ينجم بعض أضعفها عن أنشطة بشرية باطنية، وتندرج تلك المسببات تحت بند الحث الزلزالي. ومؤخراً أجرى باحثون من معهد «إي بي إف إل» ومدرسة الأساتذة العليا دراسة حول دور الموائع في انتشار موجات الزلازل المستحثة، وتأتي دراستهم في محاولة لفهم الآليات الكامنة وراء هذا النوع من الزلازل، وخالفت إحدى اكتشافاتهم توقعات العلماء، فاكتشفوا أن المياه المضغوطة بدرجة عالية والمحيطة بالزلزال تنزع إلى خفض شدته، ونشرت نتائجهم في مجلة “نيتشر كومينيكيشنز”.

وقد تنجم الزلازل المستحثة عن أنشطة بشرية مختلفة؛ كالتعدين واستخراج الغاز والنفط، بالإضافة إلى النفايات السامة وعمليات التقاط ثاني أكسيد الكربون ومشاريع إنشاء الأنفاق والسدود، وفي خضم تلك الأنشطة، تكتسي أنشطة توليد الطاقة الجيوحرارية أهمية خاصة، فوفقا لوكالة “سويس سيزمولوجيكال سيرفيس” السويسرية، أسفر مشروع في مدينة بازل السويسرية عن زلزال بقوة 3.4 على مقياس ريختر في عام 2006، وأسفر آخر في مدينة سانت جالن عن زلزال بقوة 3.5 في عام 2013.

ولا بد أن نسلط ضوءاًَ على كيفية إنتاج الطاقة الجيوحرارية حتى نفهم أثرها على شدة الزلازل، تُنتج الطاقة الجيوحرارية اعتماداً على حرارة باطن الأرض، إذ تُضخ مياه مضغوطة إلى القشرة الأرضية على أعماق تتراوح بين 2 إلى 4 كيلومتر، ثم تعود بصورة بخار متصاعد، ما يؤدي إلى تحريك عنفات تنتج طاقة كهربائية، وقالت “ماري فايولي” وهي مديرة مختبر ميكانيكا الصخور التجريبية في معهد “إي بي إف إل” «قد يؤثر حقن المياه على اتزان الصخور مع المياه، ما يؤدي إلى زعزعة الصدوع المجاورة، وهذا من شأنه إطلاق الزلازل في تلك المناطق».

وتقف الزلازل المستحثة حجر عثرة في طريق أنصار الطاقة الجيوحرارية، وأشار “ماتيو أكوستا” وهو طالب دكتوراة في مختبر ميكانيكا الصخور التجريبية ومؤلف رئيس للدراسة «تُسجل هذه الزلازل شدة منخفضة، غير أنها قد تلحق أضراراً وتؤثر على الرأي العام وتعرقل مشاريع الطاقة الجيوحرارية».

امتصاص الحرارة

أجرى “ماتيو” اختبارات سعى من خلالها إلى استحداث ظروف زلزالية مشابهة كي يدرس أثر المياه الباطنية المضغوطة على ديناميات الصدوع. وركز اهتمامه على انتشار الموجات الزلزالية، والذي يحدث عندما تحتك صفيحتي صدع ببعضهما، فتنتج موجات زلزالية تنتشر في المناطق المجاورة.

وأضاف ماتيو «يولد احتكاك الصخور قدراً كبيراً من الحرارة، ما يحفز انتشار الموجات الزلزالية، وتمتص المياه المحيطة بالصخور المحتكة بعضاً من هذه الحرارة، وتعتمد كمية الحرارة الممتصة في المقام الأول على المؤشرات الدينامية الحرارية للمياه. وما استنتجناه من تجاربنا أنه كلما اقترب ضغط المائع المبدئي من ضغط المياه الحرج، كان الزلزال أقل شدة».

وقال “فرانسوا كزافييه باسيلي” وهو باحث في مختبر ميكانيكا الصخور التجريبية ومؤلف للدراسة «يؤكد بحثنا على أهمية ضغط المائع المبدئي في الصخور، وخاصة عند الأعماق التي تطالها الأنشطة الجيوحرارية عادة، وعلى النماذج الجيوحرارية أن تراعي تلك الاعتبارات».

وحاز مختبر ميكانيكا الصخور مؤخراً على جهاز متطور لمحاكاة ضغط قشرة الأرض وحرارتها على أعماق تتراوح من 10 إلى 15 كيلومتر، ويخطط الباحثون لاستخدامه في قياس أثر المياه الجوفية على شدة الزلزال على نحو أدق.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل