تحت التعذيب
شعر: ياسر الأطرش
*******************
لم يكن أزرقَ الشفاه نحيلا
أو عظاماً كما نراهُ ضئيلا
كان كالرمح، قامةٌ من ضياءٍ
تشغل الشمسَ فتنةً أن تَقيلا
كان في كفّه أصابعُ خمسٌ
لِسَنَا النجم تستطيع وصولا
وعلى ساعديه كانت إذا ما
داخت الأرض، تتكي أنْ تميلا
كان قبل النجوم يصحو، ويسري
مثل نهرٍ يحاول المستحيلا
يستفزُّ الخُطى ليبدعَ ممشىً
وادعاً للذين ملّوا الرحيلا
موغلاً في السؤال.. يبحث عنهُ
في سجِلِّ النفوس جيلاً فجيلا
ينقشُ الحبَّ والجمال، فتأتي
أذرع الخائنين تمحو الجميلا
يقلب السائداتِ: ليس لحافاً
ما يغطي من الأقل قليلا
والعيون التي إلى النور ترنو
تصرعُ المخرزَ الأعزَّ قبيلا
إنما يحشدُ الضلالُ جيوشاً
من خرافاتنا.. نرى الفأر فيلا
فامسحوا الخوف عن دمشقَ لتُبدي
فتنة النهر بكرةً وأصيلا
واقرؤوا سورة الشهيد عليها
كي إلى قلبها تضمُّ القتيلا
كان تحت التعذيب يوغل فيها
حبُّ تحت التعذيب أصدقُ قِيلا
يا فتى الموت والحياة، أقلبٌ
بين جنبيكَ أم ضمَمتَ صليلا
شقّقوا اللحم فاكتسيتَ بلاداً
ولَوُوا العظمَ فاستقمتَ نخيلا
لم يرَ القاتلون من قبلُ مَيْتَاً
يجعل الموتَ للحياة بديلا
*******************
مُنقذَ القلب من خريف التناسي
كلنا بالسُلُوِّ صار بخيلا
جمَّعوا الخوفَ كلَّهُ واستزادوا
كيلَ حقدٍ، وأولموكَ ذَبولا
نهشوا اللحم والعظامَ، ولمّا
يشفِ فقءُ العيون منهم غليلا
حول عينيكَ غابةٌ من ذئابٍ
كلما كفّروك كنتَ الرسولا
فبكَ الآن – أيها المَيْتُ- نحيا
وبكَ الهاديات تشمخُ طولا
*****************
يا صديقي الذي بموتكَ أُرمى
كي إلى مركعي أعودَ ذليلا
لا وعينيكَ لستُ أبرحُ حتى
تطهُرَ الأرض، أو تعودَ ظليلا
يا ضنى أمكَ الطويل، أتدري
كم من الحزن قد زرعتَ شتولا
تكهل النار في حضون الأثافي
ولظاها عليك يبقى خضيلا
أيها الحسرة التي غصَّ فيها
شرفُ الكون فاستحال طلولا
لا وعينيكَ لا نقولُ: غُلبْنَا
غيرَ لبيكَ في الهوى لن نقولا
وإذا غامت الجهات علينا
إتَّخذناكَ في العماء دليلا
إنَّ ذئباً وإخوةً وعزيزاً
ما استطاعوا إلى نبيٍّ سبيلا
وكذا أنتَ إذ قميصكُ يُلقى
فوق شعبٍ.. فيصنع المستحيلا
*******************
1-8-2018
عذراً التعليقات مغلقة