ياسر محمد – حرية برس
انتهى أمس الثلاثاء، اجتماع الدول الضامنة ووفدي المعارضة والنظام في “سوتشي” الروسية، ضمن مسار “أستانا”، دون أن يفضي إلى أي نتائج ملموسة أو مرجوة بتوضيح مصير إدلب أو المعتقلين، وهما الملفان الأساسيان المطروحان نظرياً على أجندة الاجتماع الذي أخذ مناحي مختلفة تجسد مصالح الدول الضامنة، فعمدت روسيا إلى ترسيخ وتسريع تشكيل “اللجنة الدستورية” التي تريد عبرها الالتفاف على الانتقال السياسي في سوريا، وبحثت تركيا منع إقامة كيانات انفصالية في سوريا تهدد الأمن القومي التركي وكذلك الإيراني. فيما بقي مصير إدلب غامضاً مع إمكانية شن هجوم روسي محدود يؤدي إلى اقتطاع الجزء الغربي من المحافظة (منطقة جسر الشغور وجبالها وريفها الغربي)، ومنح تركيا فرصة في باقي المناطق للقضاء على وجود “جبهة النصرة” وتمكين الفصائل المعتدلة وصولاً إلى مصير مشابه لمناطق “درع الفرات”.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس الوفد الروسي في اجتماع “أستانا 10″، لافرينتييف، أنه “ليس ثمة حديث في الوقت الحاضر عن هجوم عسكري واسع النطاق ضد المسلحين في محافظة إدلب”. مؤكداً إصرار روسيا على “دحر الإرهاب” في إدلب، وأَضاف: “لذلك دعونا المعارضة المعتدلة إلى تنسيق أكبر مع الشركاء الأتراك من أجل حل هذه المشكلة، وذلك ليس لإبعاد التهديد على العسكريين الروس المتواجدين في قاعدة حميميم فحسب، بل ولتأمين القوات الحكومية السورية المنتشرة على خط التماس”، موضحاً أنه في حال نجحت المعارضة المعتدلة في إنجاز هذه المهمة، لن تكون هناك أي ضرورة لخوض أي عملية عسكرية في محافظة إدلب، لكنه ذكر بأن “تجربة العام ونصف العام الماضيين تدل على غياب تقدم في هذا المسار”.
وجاءت الهجمات الروسية وهجمات قوات النظام على محاور جسر الشغور غرباً، وريف حماة الجنوبي المتاخم لريف إدلب الشمالي، أمس واليوم، لتؤكد الخطة الروسية الرامية إلى “تفتيت” المحافظة والسيطرة على أجزاء منها، وفق ما رأى محللون عسكريون.
وفي خصوص ملف المعتقلين، والذي يحظى باهتمام سوري غير مسبوق هذه الأيام بسبب إعلان نظام الأسد قتل آلاف منهم تحت التعذيب في سجونه، فقد كانت مخرجات “أستانا 10” مخيبة للآمال، حيث اتفقت الأطراف على “تبادل محدود” للمعتقلين بين المعارضة والنظام، من دون تحديد أعداد أو آليات أو مدة واضحة، ما يجعل مصير عشرات الآلاف من المعتقلين في سجون النظام مجهولاً ومهدداً وفق منظمة “هيومن رايتس ووتش” التي أكدت أن 60 ألف معتقل عند النظام مهددون بالموت تحت التعذيب، وأيضاً يجعل الاتفاق من النظام والمعارضة طرفين متكافئين في قضية المعتقلين!.
أما تركيا، فحرصت على إثارة ملف الجماعات الكردية الانفصالية، بعدما أبدت قيادات “قسد” استعدادها المشاركة في هجوم مزمع على إدلب، لمحاصرة تركيا وتهديد أمنها القومي من خلال الانتشار على أطول مسافة ممكنة من الحدود المشتركة بينها وبين سوريا، كما رشحت معلومات عن سعي تركي لدمج أكبر فصائل الشمال السوري في جسم واحد، عدا “هيئة تحرير الشام” (التي تشكل جبهة النصرة عمادها)، وذلك لتجنيب إدلب مصيراً مشابهاً للغوطة الشرقية وجنوب سوريا، وقالت مصادر إعلامية إن مشاورات تجرى منذ أيام في العاصمة التركية أنقرة بين قيادات في المعارضة السورية ومسؤولين أتراك، حيث من المتوقع أن ينتج عن المباحثات خلال الأيام المقبلة الإعلان عن التشكيل الجديد.
أما الحدث الأبرز في محطة “سوتشي” فكان غياب المعارضة الثورية، وانقياد وفد المعارضة برئاسة “أحمد طعمة” للرؤى المطروحة من “الضامنين” إلى درجة القول إن توجه روسيا مقبول وإيجابي!..
وفيما شن معارضون وناشطون سوريون هجوماً شديد اللهجة على “طعمة” ووفده، علق الكاتب الصحفي اللبناني “إياد أبو شقرا”، بالقول: “علّمنا تعامل روسيا التآمري مع المحنة السورية منذ أيامها الأولى، في ظل الانكشاف اللاحق لموقف أميركا، وتبلور مشروع إيران الاستيطاني، وصمت إسرائيل، وتضعضع تركيا.. أن السوريين – وبلدهم – كانوا حقاً أيتاماً على مائدة لئام”.
Sorry Comments are closed