صفقة “كفريا- الفوعة”.. مقدمة صفقة الاستسلام “الدستوري”

ياسر الأطرش20 يوليو 2018آخر تحديث :
صفقة “كفريا- الفوعة”.. مقدمة صفقة الاستسلام “الدستوري”

لن يحظى السيد “نصر الحريري” وفريقه المفاوض، بنصيب أكبر من الذي حظي به مُبرمو صفقة “كفريا والفوعة” المخزية، وتم بموجبه الإفراج عن 1500 معتقل “وهمي” من سجون النظام، أو أن معظمهم هم من الذين تم اعتقالهم مؤخراً بعد فرض تسويات الاستسلام على الغوطة وشمال حمص وغيرهما..

أهالي إدلب انتفضوا بوجه مهندسي الصفقة التي لم تنجح بالإفراج عن أي معتقل من معتقلي الثورة القدامى، أولئك الذين يرسل النظام أوراق وفاتهم للسجلات المدنية تباعا، بعدما قتلهم تعذيبا في سجونه الوحشية، بينما يهمُّ عرَّابو الصفقة بإعلان انتصار “إسلامي” مجيد بتغيير اسمي “الفوعة وكفريا” إلى “الفاروق والصدّيق”، أو هكذا أشيع، لتثبيت أوتاد طائفية متوحشة حرص النظام وحده على زرعها وتغذيتها، وها هم المقنّعون يستقدمونها إلى معسكر الثورة في خروج نهائي وكلي على هويتها وأسس قيامها وشموليتها الوطنية والأخلاقية والإنسانية.

صفقة “كفريا – الفوعة” التي سيكتبها التاريخ في سجلات السواد، تأتي في الوقت التي تترنح فيه إدلب، الحصن الأخير للثورة، تحت وطأة القهر والفوضى وانعدام الأمن وسريان الشائعات المدمرة بقرب انتهاكها من النظام والعدو الروسي، بعدما فرغا من الجنوب وفرضا على مهد الثورة اتفاق استسلام.

وكيف للذي حمى ميليشيات “حزب الله” في “الفوعة وكفريا” أربعة أعوام، أن يكون عوناً للثورة ومقاتليها وحاضنتها في وجه عدو سبق وسيطر على أكثر من مئتي بلدة ومزرعة شرقي المحافظة في غضون أسبوعين؟!.. بينما كان أولئك منشغلين بحروب بينية استمرت أشهرا واستنزفت ما لدى مقاتلي بعض فصائل الجيش الحر من عدة وعتاد، والأهم أنها شغلتهم قسراً عن إمكانية التصدي للعدو شرقي إدلب.

والآن، يأتي توقيت إفراغ القريتين المواليتين من سكانهما، ومن شبيحة النظام و”حزب الله” ليدعم قول من يقول إن ذلك لا يخدم إلا فرضية قرب شن النظام وروسيا عملية مدمرة على إدلب، وبلا رحمة، بعدما صارت المحافظة خالية من المحسوبين على النظام، وصُنفت بأكملها بيئة إرهابية خالصة!.

ولعلَّ من الممكن الربط مباشرة، بين صفقة “الفوعة” وصفقة “الدستور”، فإن حكمت الأولى مصير إدلب، فإن الثانية ستحكم مصير سوريا وثورتها وماضيها ومستقبلها.. وقد ذكَر رئيس هيئة التفاوض “نصر الحريري” بنفسه، عندما ظهر في ريف حلب المحرر، تزامناً مع صفقة “الفوعة”، ليعيد للأذهان الصفقة الأكبر في تاريخ الثورة السورية، والتي يتم الإعداد لها في مطابخ موسكو، برئاسة “الشيف” دي مستورا، وفريق طباخين منهم إلى جانب “نصر الحريري”، المعارضة الفذة ميس كريدي، والمعارض التاريخي قدري جميل، والمعارضة صاحبة الخصر الميال الراقصة “غادة بشور”، وأشباههم من المجرمين بحق الإنسان السوري والإنسانية عامة.

ومع شدة الانتقادات لهيئة الحريري، وصفقة “الدستور”، يصر الرجل على المضي قدماً في خطته، مقدما نفسه كقائد للمرحلة، وهو ما يشي به حديثه عن زيارته لريف حلب المحرر منذ يومين، فتصريحاته أتت وكأنها من قائد يلتقي فئات شعبه ويستمع إلى همومهم، ويقيّم مَن منهم الناضج ومَن العاطفي، ويعد بتلبية ما يمكن من مطالبهم!!

إلا أن حقيقة اللقاء، التقطتها عدسة مراسل “حرية برس” بريف حلب، حيث ظهر الأهالي وهم يحاصرون سيارة الحريري ملوحين بأحذيتهم في وجهه!!

وهكذا هي الثورات المضادة، وهكذا هم عرَّابوها، مقنَّعون لا نعرف أسماءهم يبيعون البلاد والعباد في أسواق سوداء تحت غلالات “مصلحة الأمة”!.. وسياسيون مفلسون وجدوا فجأة رصيداً عظيما يقامرون به، رصيداً لا ينضب من دم أبناء سوريا وعرقهم وغربتهم ونزوحهم وأطرافهم المبتورة وأطفالهم اليتامى وأمهاتهم الثاكلات…

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل