الأمراض تنخر مخيم “الركبان”.. وكوادر طبية تطلق نداءات استغاثة عاجلة

فريق التحرير13 يوليو 2018آخر تحديث :
نازحون في مخيم الركبان يجمعون مياه الأمطار – الجزيرة نت

أحمد زكريا – حرية برس

يواجه قاطنو مخيم “الركبان” الواقع على الحدود السورية الأردنية أوضاعاً طبية سيئة جداً، في ظل نقص الكادر الطبي المختص والأدوية اللازمة لعلاج المرضى وخاصة الأطفال، ما دفع بالعاملين في المجال الطبي لتوجيه نداء استغاثة عاجل للعالم محذرين من وقوع كارثة طبية في المخيم.

“التهاب كبد وبائي وحالات اسهال” بين أطفال “الركبان”

طفل مصاب بمرض الحصبة في مخيم الركبان – مصدر طبي لحرية برس

وكانت النقاط الطبية العاملة في مخيم “الركبان”، أطلقت في (11 تموز/ يوليو الحالي)، نداء استغاثة عاجل للمنظمات الإنسانية والإغاثية من أجل إنقاذ عشرات الأطفال الذين يعانون من “إسهال شديد والتهاب الكبد الوبائي(أ)”، مرجعةً السبب إلى ارتفاع درجات الحرارة وشح المواد الغذائية والصحية والمياه الصالحة للشرب في المخيم.

وأكدت تلك النقاط الطبية أن عدد الأطفال المصابين بالإسهال بلغ قرابة 4000 طفل، وعدد الأطفال المصابين بالتهاب الكبد الوبائي (فئة أ) قرابة 900 طفل، بحسب تقديراتهم، مشيرةً في الوقت ذاته إلى عجزها عن تأمين العلاج والوقاية لهذه الأعداد الهائلة من المصابين، في ظل انقطاع الدعم الطبي والمالي لجميع النقاط الطبية في المخيم، وغياب المنظمات الدولية.

وفي السّياق ذاته، طالب “مجلس عشائر تدمر والبادية السورية” في بيان له، المنظمات والجهات الدّولية بوضع حدّ لمآسي الأطفال في مخيم “الركبان” مشيراً إلى انتشار مرض “التهاب الكبد الوبائي” وحالات “الاسهال” بين الأطفال، مؤكدًا في بيانه أعداد الحالات التي تحدثت عنها النقاط الطبية.

بدوره، نقل “تجمع الشرقية الوطني” عبر صفحتهم الرسمية على الفيسبوك، نداء الاستغاثة الذي أطلقته النقاط الطبية في مخيم الركبان، مطالبين “جميع نشطاء الثورة والمؤسسات الثورية، بتسليط الضوء على معاناة قاطني المخيم من هذا الجانب على وجه الخصوص”.

 شحٌّ في الأدوية ومركز طبي كادره من الممرضين فقط

“رُبى الحمصي” مديرة “مركز شام الطبي” في المخيم، قالت في تصريح خاص لحرية برس: إن النقاط الطبية قامت بتوجيه نداء الاستغاثة للعالم أجمع بسبب شحّ الأدوية الشديد والمعدات الطبية البسيطة، بالإضافة لغلاء أسعار الأدوية في الصيدليات الخاصة، وبما أن الأهالي من الطبقة الفقيرة جدًا فإنهم لا يملكون ثمن قوت يومهم كما أنهم لا يملكون القدرة على شراء الأدوية.

وأضافت، أن المراكز الطبية العاملة في المخيم كلها “خاصة” وبالتالي فإن ثمن المعالجة مرتفع جداً ويفوق قدرة الأهالي، لافتةً إلى أن المركز الوحيد المجاني هو “مركز شام الطبي” إلا أنه يفتقر لأبسط أنواع الأدوية والمعدات البسيطة، وبرغم ذلك فإنه يعمل كمستوصف اسعافات أولية ويستقبل يومياً حوالي 120 حالة مرضية، مشيرةً إلى أن المركز يعمل على مدار 24 ساعة بإشراف كادر من الممرضين.

ومن أبرز الأمراض المنتشرة بين الأطفال في المخيم هي “حالات الإسهال الشديد، وسوء التغذية “للأطفال وخاصة للأعمار من ستة أشهر وحتى خمس سنوات، يضاف إلى ذلك الأمراض الجلدية مثل “الحصبة” ومرض “اللشمانيا” أو “حبة السنة” التي بدأت بالانتشار في المخيم منذ نحو شهرين، بحسب “رُبى الحمصي”.

ووفق تقديرات مسؤولة مركز شام الطبي، فقد تم توثيق ما يقارب من 60 حالة إصابة بمرض “اللشمانيا”، مقابل انتشار نحو 100 حالة من أمراض “الجدري، والحصبة”، يضاف إلى ذلك توثيق انتشار أكثر من 1300 حالة مصابة بمرض “التهاب الكبد” أو الخمائر الكبدية المعروفة بمرض “الصفار” أو ما يطلق عليه بالعامية “أبو صفار” وهو مرض يظهر على الطفل البالغ، ومن أعراضه تصبغ الجلد والعيون باللون الأصفر.

كما لفتت “رُبى الحمصي” إلى تسجيل عدد من حالات الإسهال بين الأطفال والشباب وكبار السن، مشيرة إلى مراجعة المركز الطبي ما يقارب من 60 حالة تعاني من الإسهال بين الأطفال والشباب، ونحو 40 حالة يوميًا من كبار السن، مؤكدة في الوقت ذاته أن غالبية الحالات ليست خطرة وإنما بين المعتدلة والمتوسطة.

وفي ردٍّ منها على سؤال حول عدد حالات الوفيات بين الأطفال أو كبار السّن داخل المخيم جراء تردي الواقع الطبي، أجابت “رُبى الحمصي”: الوفيات التي تم توثيقها قليلة ولا يتجاوز عددها خمسة اشخاص، ولكن سجل وفيات الولادات كبيرة للأمهات والخدّج، بسبب عدم استقبال نقطة اليونيسف علـى الحدود الأردنية لهم، وعدم سيطرة الكوادر الطبية الموجودة بالمخيم على تلك الحالات.

وأرجعت مسؤولة المركز الطبي سبب انتشار الأمراض إلى مخالطة المرضى للمصابين بالإضافة إلى قلة النظافة وتلوث الماء، والتغذية غير الصحيحة، والحرارة الزائدة، يضاف إلى ذلك أن طبيعة المنطقة صحراوية.

وسائل علاج تقليدية ومنظمات طبية غائبة

ويعاني القائمون على النقاط الطبية من نقص حاد في الأدوية واللقاحات اللازمة لتطعيم الأطفال والمصابين بها، ما يجعلهم يقفون عاجزين في وجه سوء الحالة الصحية التي تخيم على قاطني المخيم.

وقالت “رُبى الحمصي” إن الأمراض تحتضن الأجسام الهزيلة كونها “فيروسات” تحتضنها تلك الأجسام الضعيفة، مضيفة أنهم ككادر طبي يعملون على معالجة الأعراض فقط لحين انتهاء فترة حضانة الفيروس، بمعنى أنه إذا راجعتهم حالة مصابة بالإسهال أو “الإقياء” فإنه يتم معالجتها بالأدوية المتوافرة لديهم في المركز.

وتابعت: نلجأ في كثير من الأوقات إلى البدائل في توفير العلاج من خلال الحمية الغذائية وتنقية المياه، يضاف إلى ذلك استخدام “مياه الأملاح” المحلية التي يتم تحضيرها بشكل يدوي.

ولفتت الانتباه، إلى وجود كثير من الحالات التي لا تتمكن فيها العائلة من معالجة طفلها المريض كون “ربّ الأُسرة” لا يملك المال الكافي ما يدفعه لترك ابنه مريضاً، خاصة وأن الدواء لا يتوافر إلا في الصيدليات وبأسعار باهظة جداً.

وفيما يتعلق بالدعم المقدم لمركزهم الطبي كونه يقدم خدماته بالمجان لقاطني المخيم، أوضحت مسؤولة المركز أنهم لم يتلقوا أي دعم من أي منظمة طبية مانحة، مبينةً أنهم ومنذ سنتين يطالبون المنظمات بضرورة توفير الأدوية واللقاحات اللازمة لكن من دون أيّ استجابة من قبلها، وقالت: “صراحةً نحنا مللنا من طلب الاستغاثة ولا حياة لمن تنادي”.

ويقطن في “مخيم الركبان” نحو 75 ألف لاجئ، يواجهون إضافة لتردي الواقع الإنساني، وضعف دور المنظمات الدولية والإنسانية، سوء الأحوال الجوية التي تضرب مواقع سكنهم من حرّ الصيف وبرد الشتاء إضافة للعواصف الرملية والغبارية.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل