هل الفيسبوك خطر على الأدب العربي؟

فريق التحرير26 يونيو 2018آخر تحديث :
أحمد مروان، أحمد رجب

مع انتشار النصوص الأدبية على موقع التواصل الاجتماعي الأشهر ألا وهو الفيسبوك، هناك تغير كبير طال الساحة الأدبية التي فقدت المعايير القيمية للنصوص الأدبية، وانخرط أغلبها في تقييمات مبنية على الانفعال فحسب، لنصوص أفقدت اللغة العربية الكثير من ألقها، لكن مثل هذا الفضاء كذلك فرصة لأصوات أهملتها دور النشر رغم جديتها وجودتها، للانتشار دون الدخول في دوامة النشر الورقي التي قد تنصف الكتاب وقد لا تنصفهم.

يقول الدكتور إبراهيم طارق مستشار اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم المصرية عن هذه الظاهرة “إنني مندهش من انتشار المفردات المستخدمة في شبكات التواصل الاجتماعي واختلاطها بالحياة اليومية للشباب العربي، فهي تهدّد مصير اللغة العربية، وتلقي بظلال سلبية على ثقافة وسلوك الشباب العربي الأدبي والإبداعي وقيمة الكلمة والفكر”.

ويؤكد طارق أن الفيسبوك أضر بالفكر والأدب والإبداع، في ضوء اعتماده على الثقافة الشعبية وتراجع تأثير النخبة وأصحاب الفكر، وهو ما أثّر سلباً على قيمة الفكر والكلمة ومضمونها ودلالاتها. ويضيف طارق “لا يمكن أن نعتبر ما ينشر في مواقع التواصل من كتابات يقال عنها أدبية بأنها إبداع أصيل، ومن الممكن أن تكون مقتبسة أو سرقت من كاتبها الأصلي، ولذلك فالبحوث والدراسات لا يعتبر لها الإنترنت مرجعا، ويجب وضع قيود على النشر على الإنترنت ليرتفع مستواه الأدبي والثقافي”.

ويرى الدكتور عبدالعزيز متولي أستاذ النقد الأدبي بجامعة القاهرة، أن تأثير الفيسبوك وشبكات التواصل الاجتماعي امتدّ إلى جميع مجالات الحياة، وقد شمل هذا التأثير الجانب الثقافي والإبداعي، والذي لحقت به أضرار بعد انتشار تلك المواقع التي تعتمد على ثقافة العامة.

ويؤكد أن الفيسبوك من أكثر التهديدات خطورة على الهوية الثقافية والفكرية للشباب العربي، حيث أهدر قيمة الفكر والإبداع، وغيّر قيمة الكلمة ودلالاتها.

يقول الدكتور فؤاد السعيد الباحث بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية بالقاهرة “اعتماد شبكات التواصل الاجتماعي على الثقافة العامة ونشرها دون وجود رقابة عليها، أثّر سلباً على الثقافة والفكر والإبداع التي تبقى في ذيل اهتمامات تلك المواقع بل وربما يطالها فيه قدر من الإهمال والتهكم، في ضوء تجاهل تام لثقافة النخبة”.

ويوضح السعيد أن الفيسبوك له علاقة قوية باللغة، التي ترتبط بشكل مباشر بالفكر والثقافة والأدب، فبانحدار اللغة تنحدر الثقافة والفكر والأدب والإبداع والعكس صحيح، وبالنظر إلى طبيعة اللغة المستخدمة في الحوار والمشاركة على شبكات التواصل، سيتضح حجم التأثير السلبي لتلك المواقع على مفردات اللغة ومن ثم الإبداع والثقافة، وأن مستوى الأداء اللغوي ضعيف مما يشكّل خطورة على قوة اللغة وحيويتها.

تقول الدكتورة إجلال حلمي أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس “إن لكل ابتكار إيجابيات وسلبيات، فمن أهم مميزات شبكات التواصل الاجتماعي أنها أصبحت أساسية في حياة الشعوب، لكونها تساهم في انتشار الثقافة والمعرفة ونتعلم من خلالها الخبرة في فنون الحياة، كما أنّ شبكات التواصل ليست تطوراً للتكنولوجيا الرقمية فقط، بل هي تطوّر علمي وفكري وثقافي واجتماعي، وتعتبر الإنترنت المسؤول الأول عن القفزة الهائلة في العلم والمعرفة والعلاقات الاجتماعية، فلقد ساعد الفيسبوك وغيره على إنشاء علاقات بين الشباب وتجاوزت لدى بعضهم قاعدة الأصدقاء الفردية والمكان والزمان، فساعدت على انتشار الثقافات المختلفة وانتشار اللغات، ما أدى إلى الاختلاط الثقافي والفكري الموجود على شبكات التواصل وطوّر القدرات الثقافية والإبداعية للشباب، وأثّر بشكل إيجابي على مستوى المعرفة والفكر لديهم”. وترى حلمي أن شبكات التواصل الاجتماعي قامت بدور إيجابي في نشر الفكر والإبداع، وهو ما نراه في وجود صفحات وحسابات لمفكرين وأدباء ومبدعين، يتجمع فيها جمهورهم ويتواصلون معهم، هذا بجانب دور تلك الشبكات في نشر الثقافة والمعرفة وتنمية الوعي لدى الشعوب.

وتشير إجلال حلمي إلى ضرورة أن يطوّر المفكر والمثقف من قدراته حتى يستطيع مواكبة التطور التكنولوجي، ويكون له مكان وتأثير في هذا العالم الجديد الذي فرض نفسه على كافة مجالات ونواحي الحياة، بما فيها الفكر والأدب والإبداع ، ومواقع التواصل الاجتماعي وفّرت مساحات كبيرة من الحرية للرأي والفكر والإبداع، وهو ما جعلها عاملاً مساعداً على تطويره، على الرغم من وجود بعض السلبيات التي تتعلق بالعمل من دون ضوابط أخلاقية أو أدبية.

المصدر العرب اللندنية
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل