ياسر محمد – حرية برس
تزداد مشاكل إيران الداخلية والخارجية، نتيجة انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وفرض “أقسى عقوبات في التاريخ” على النظام الإيراني، في فترة شهدت أكبر تمدد إيراني خارج الحدود منذ قرون، حيث سيطر النظام الإيراني بشكل شبه كامل على قرارات عدة عواصم عربية، عبر وكلائها “الحوثيين” في اليمن، و”حزب الله” في لبنان، وزمرة “الأسد” في سوريا، وجماعات متطرفة في الخليج العربي..
الاقتصاد الإيراني الهش أساساً، تعرض لنكبات متوالية منذ أزمة الاتفاق النووي، حيث ألغت شركات عالمية عقوداً بمليارت الدولارات، كما تضررت مرافق أساسية في البلاد من إعادة فرض العقوبات، في وقت تتصاعد فيه المطالب الشعبية بعدما وصل وضع المواطن المعيشي إلى الحضيض، جراء سياسات النظام الإيراني الذي يعمد إلى تصدير “الثورة الإسلامية” الطائفية إلى بلدان الشرق الأوسط على حساب قوت شعبه.
وفي الصدد؛ وجهت شركات فرنسية ضربة للاقتصاد الإيراني تمثل بالانسحاب من السوق الإيراني، فقد أعلنت مجموعة “بي إس أيه” (بيجو – ستروين) الفرنسية لصناعة السيارات، أمس الاثنين، أنها تستعد للانسحاب من إيران؛ لتصبح بذلك المجموعة الفرنسية الثانية الكبيرة بعد “توتال” التي تنصاع للضغوط الأمريكية، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية.
وأعلنت المجموعة في بيان أنها “باشرت عملية تعليق نشاطات مشاريعها المشتركة تطبيقًا للقانون الأمريكي من الآن حتى السادس أغسطس 2018”. وتنتج هذه المجموعة سيارات “بيجو” و”سيتروين”، ودخلت في مشاريع مشتركة مع شركات إيرانية (إيران خودرو، سايبا) لتصنيع السيارات.
ومع تصاعد الضغوط الاقتصادية الخارجية، والاحتقان الداخلي، قرر رأس النظام الإيراني الهروب إلى الأمام عبر تهديد العالم بالعودة للعمل بتخصيب اليورانيوم.
فقد وجه المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس الإثنين، بزيادة إنتاج وتخصيب اليورانيوم في 190 ألف جهاز طرد مركزي لصالح وكالة الطاقة الذرية في بلاده.
وأوضح خامنئي أن إيران لن تقبل بالعقوبات الأمريكية والتخلي عن أنشطتها النووية.
ومتابعة لتهديدات خامنئي، قال علي أكبر صالحي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، اليوم الثلاثاء، إن إيران بدأت العمل على البنية التحتية لبناء أجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة “نطنز”.
وفيما يبدو تخفيفاً لنبرة التصعيد وكسب الحلفاء الأوربيين، زعم صالحي في مؤتمر صحفي بطهران أن أنشطة إيران النووية ستبقى ضمن إطار الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع قوى عالمية عام 2015، وذكر أن إيران طورت البنية التحتية لتوليد الكهرباء في “نطنز”.
التصريحات الإيرانية استدعت رداً فورياً من “إسرائيل”، حيث علق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم بالقول إن إعلان إيران عزمها على زيادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم ليس مفاجأة لإسرائيل، مجددا التعهد بمنعها من حيازة أسلحة نووية.
كما تواصل “إسرائيل” الضغط على إيران في سوريا، وفي هذا الصدد نجحت في خلق توتر وخرق في العلاقات الإيرانية الروسية، حيث طلبت روسيا من إيران سحب ميليشياتها من الجنوب السوري، وهو ما رفضته إيران أو حاولت الالتفاف عليه، وما زال اتفاق الجنوب السوري معلقاً بانتظار ابتعاد ميليشيات إيران كلياً عن الحدود الجنوبية للكيان الإسرائيلي.
وتحاول إيران المناورة مع الحلفاء والأعداء في سوريا، لتحقيق مكاسب على جبهات خارجية أخرى، أو في مواقع أخرى من سوريا في صفقات تبادل السيطرة، ووصلت المناورات إلى حد التصادم مع الحليف الروسي الذي طالبها بمغادرة الجنوب السوري مؤخراً.
ورداً على الرسالة الروسية، طالب “حسين شيخ الإسلام” سفير إيران الأسبق في دمشق ومستشار وزير الخارجية الإيراني، موسكو بألّا تتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا.
وقال شيخ الإسلام لموقع “نامة نيوز” حول مواقف روسيا الأخيرة من تواجد القوات الإيرانية بسوريا: “يجب ألّا تتدخل روسيا في الشؤون الداخلية لسوريا، ومن يبقى أو ينسحب من سوريا، هذا جزء من خيارات (الحكومة السورية) فقط، ولا أحد آخر”.
وأضاف شيخ الإسلام: “فيصل مقداد، نائب وزير الخارجية السوري، أكد بعد تصريحات الروس بأن تواجد القوات الإيرانية وحزب الله في سوريا جاء بناء على طلب رسمي من (الحكومة السورية)، وجود هذه القوات سيستمر بسوريا”.
وتعكس التصريحات المتناقضة والحادة للمسؤولين الإيرانيين مدى عمق الهوة التي وقع بها نظام طهران جراء سياساته الطائفية التوسعية في المنطقة، والتي عادت على النظام والشعب بأسوأ محصلة يُتوقع أن تفضي إلى تحجيم إيران ودورها ونفوذها في المنطقة لعقود قادمة، وفق محللين.
عذراً التعليقات مغلقة