فارس أبو شيحة – غزة – حرية برس:
يعاني قطاع غزة من أزمة اقتصادية سيئة لم يسبق لها مثيل من قبل على كافة القطاعات، فيما تشهد أسواق المدينة حركة ضعيفة في شراء الملابس والاحتياجات الأساسية للمواطنين نتيجة العقوبات الاقتصادية التي تفرضها السلطة الفلسطينية وحكومة الوفاق منذ شهر أبريل/نيسان 2017 الماضي، من أجل إعادة تسليم القطاع إلى حكومة الوفاق لممارسة دورها من حركة حماس التي تفرض سيطرتها منذ مايزيد عن عشر سنوات.
وعبر ’’أبو ياسر حنونة‘‘ أحد موظفي السلطة الفلسطينية في حديثه لحرية برس، عن استياءه الشديد من العقوبات التي تفرضها السلطة على قطاع غزة قائلاً: ’’كنت أتقاضى راتبي العام الماضي بالكامل، فجاءت العقوبات التي فرضها رئيس السلطة محمود عباس على القطاع من أجل تسليمه ليصل إلى 70% قبل ثلاثة أشهر واليوم أتقاضى راتبي بنسبة 50% لا تكفي لأيام معدودة‘‘.
وأضاف ’’حنونة‘‘ أن ’’الراتب هو في النهاية ليس لنا كموظفين، إنما لبنك القروض التي أخذناها منه، حيث أنني أستلم من راتبي بعد أن تقاضيتُ 50% من الراتب الأساسي، كما أن خصومات القرض عليه من البنك 300 شيكل فقط‘‘، مبيناً أنه يضطر إلى اللجوء للدين من جديد من أجل تسديد القسط الشهري إلى المؤسسة التي حصل منها على قرضاً لبناء منزله بواقع 130 دولاراً كل شهر، مشيراً أيضاً إلى أن صاحب البقالة يريد منه مبلغاً من الدين، داعياً الطرفين من حركتي فتح وحماس إلى النظر بعين الرحمة والرأفة بالموظف الفقير.
من جانبه، يقول ’’عماد أبو رمضان‘‘ أحد موظفي السلطة الفلسطينية، أن ’’50% التي نتقاضاها من الراتب الشهري ليست لنا، إنما للبنك نفسه من أجل القروض التي أخذناها، حيث أن البنك يخصم من الراتب جزءاً بحيث لا يبقى شيء منه إلا القليل‘‘، موضحاً أنه ذهب إلى البنك لتقاضي راتبه فلم يجد شيء في حسابه سوى بالسالب -700 شيكل بمعنى أن البنك يريد منه بسبب القرض الذي أخذه منه.
من جهته، أفاد مصدر في بنك الإسكان لحرية برس، أن ’’البنك ليس له علاقة بخصومات الرواتب التي يتقاضاها موظفي السلطة الفلسطينية، بحيث أن وزارة المالية في رام الله تقوم بإرسال وتحويل الكشوفات إلى البنوك بواقع 50% من الراتب الأساسي للموظف، ونحن مجبرين لأن البنك عليه قروض والتزامات مالية يجب أن تغطيها‘‘.
وأوضح المصدر أنه ’’نقوم بأخذ جزء من القسط الشهري للقروض على موظفي السلطة راعين الحد الأدنى منه، بمعنى أن موظفاً يتقاضى 1000 شيكل من راتبه الأساسي بواقع 50% بعد الخصومات على الموظف من وزارة المالية في رام الله، ونحن نقوم بخصم 300، بحيث يتبقى في راتبه فقط 700 شيكل، وهذه الآلية تطبق على جميع موظفي السلطة الفلسطينية‘‘.
وفي سياق متصل، قال الخبير الاقتصادي في غزة ’’نهاد نشوان‘‘ لحرية برس، إنه ’’من المعروف أنه بعد 11 عاماً مضت على حصار قطاع غزة، عانت كافة القطاعات الاقتصادية من أزمة أنهكتها، حيث أصبح القطاع خلال السنوات الأخيرة يعتمد على رواتب موظفي السلطة كمحرك أساسي لعجلة السوق والمتمثلة بواقع 53 مليون دولار شهري تحولها السلطة الفلسطينية للبنوك العاملة في غزة بدلاً من الرواتب‘‘.
وأوضح ’’نشوان‘‘ أن الإجراءات العقابية التي نفذتها السلطة الفلسطينية بحق قطاع غزة بتاريخ 4 أبريل/نيسان 2017 العام الماضي، بحجة لإنهاء الانقسام، كانت مؤثرة جداً في شلل مرافق اقتصادية جديدة وذلك بعد خصم 30% من الرواتب المدفوعة لموظفي السلطة.
وأردف ’’نشوان‘‘ قائلاً: ’’إن السلطة الفلسطينية عادت من جديد أخيراً بفرض إجراءات عقابية، وذلك بزيادة نسبة خصم الرواتب إلى 50% مما ساهم بشكل كلي في انهيار المنظومة الاقتصادية في غزة، بما يشمل كافة المرافق التنموية‘‘.
وبيّن ’’نشوان‘‘ في حديثه، أنه إذا استمر فرض العقوبات على قطاع غزة بهذه الوتيرة فان الواقع الاقتصادي سيتجه إلى مرحلة ما بعد الانهيار وهي الفلتان الاقتصادي، وهو توقف المواطنين عن كافة أشكال الالتزام المالي الخاص والعام، إضافة إلى انتهاك حرمات المحال التجارية‘‘.
وناشد ’’نشوان‘‘ الرباعية العربية بإنقاذ غزة من هذه الكارثة، لافتاً أنه ما ورد في موازنة السلطة الفلسطينية للعام 2018 أن التقليص سيكون ثابت حتى نهاية العام الحالي مع زيادة عدد المتقاعدين في صفوف العاملين على كادر السلطة والبالغ عددهم الكلي 58 ألف موظف.
فيما قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية ’’طلال أبو ظريفة‘‘ عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، ’’استمرار الخصومات على الرواتب انتهاك صارخ لحقوق الموظف وإجراءات غير قانونية نرفض هذه السياسة، ونطالب بضرورة احترام قرارات المجلس الوطني الذي طالب بإلغاء جميع الإجراءات العقابية، وإعادة صرف الرواتب خاصةً في ظل معركة الدفاع عن الحقوق الوطنية التي تخوضها غزة، من خلال مسيرات العودة وكسر الحصار عن القطاع‘‘.
يُذكر أن أزمة رواتب الموظفين العمومين في قطاع غزة، بدأت في 4 أبريل/ نيسان العام الماضي، عندما قامت السلطة الفلسطينية وحكومة الوفاق بخصم نسبة 30% إلى 50% من رواتب الموظفين، بالإضافة إلى إحالة بالجملة للتقاعد المبكر من موظفي السلطة، ناهيك عن تقليص التحويلات الطبية للمرضى، من أجل الضغط على حركة حماس لحل اللجنة الإدارية، رغم قيام الحركة بحل اللجنة الإدارية في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلا أن الخصومات والعقوبات الاقتصادية لم تتوقف إلى يومنا هذا.
Sorry Comments are closed