ياسر محمد – حرية برس
حظي شرق سوريا باهتمام متصاعد من قبل قوى دولية وإقليمية، حتى بات ساحة مناكدات سياسية وكذلك ساحة محتملة لوجود قوات تجمع النقائض الدوليين.
المنطقة من منبج في ريف حلب حتى محافظتي الرقة ودير الزور وصولاً إلى الجزيرة، دخلت في دائرة تنافس الحلفاء والأعداء، فطالب نظام الأسد الولايات المتحدة بمغادرة المنطقة وطلب من “قسد” حليف واشنطن تسليم كل مناطق سيطرته شرق سوريا للنظام.
فيما تلقت “قسد” دعماً إضافياً من دولة عربية دخلت مؤخراً على الخط، وهي المملكة العربية السعودية التي زار مستشارون منها مناطق شرق سوريا أكثر من مرة وعرضوا نشر قوات سعودية إماراتية مصرية (وفق تسريبات إعلامية)، لتعويض القوات الأمريكية التي يمكن أن تنسحب وفق رغبة الرئيس ترامب الذي يصر على مغادرة سوريا وإحلال قوات حليفة مكان قواته بحيث تتحقق المصالح الأمريكية بوجود حلفائها.
القوات العربية التي يمكن أن تنتشر في مناطق سيطرة الوحدات الكردية والعشائر العربية شرق سوريا، ستعقد الموقف أكثر كون وجودها موجهاً ضد الوجود التركي والمصالح التركية في المنطقة – وفق محللين- وهو ما يشي بأن شرق سوريا يمكن أن يشهد صراعاً إقليمياً (سنياً- سنياً)، علماً أن الصراعات فيه كانت ذات أبعاد قومية وطائفية لحد الآن.
تركيا؛ من جهتها، تسارع إلى حسم ملف منبج بالسرعة القصوى وقبل دخول قوى جديدة على الخط تعقد الموقف أكثر، وفي هذا الخصوص التقى اليوم وزيرا خارجية تركيا وأمريكا، وقالت الخارجية التركية إن الوزيرين وافقا على “خطة طريق” لإرساء الأمن في منبج، وهو ما يعني خروج الوحدات الكردية من المدينة وخضوعها لسلطة الأمريكان والأتراك وفق ما اقترحه الجانبان في لقاءات سابقة، وبدا الوزير التركي جاويش أوغلو متفائلاً بنتائج لقاء بومبيو حيث وصف اللقاء بأنه كان ناجحاً جداً.
أما نظام الأسد، فيحاول بطلب من روسيا، تعقيد الموقف وضرب الحلفاء بعضهم ببعض، ومن هنا حاول النظام وركز في الآونة الأخيرة على المطالبة باستعادة سيطرته على شرق سوريا وما يعادل 30% من إجمالي مساحة البلد الذي يقع تحت سيطرة “قسد” وبعض العشائر العربية، وداعميهم الأمريكان والأوربيين.
ولأن النظام والروس عاجزون عن القيام بأي عمل عسكري ضد أمريكا وحلفائها المحليين، بل وعاجزون حتى عن الرد في حال تلقي ضربات أمريكية موجعة، كما حصل أكثر من مرة، فقد لجأ النظام إلى لعبة “المقاومة الشعبية” التي تندرج في حرب العصابات ولا تعتبر حرباً رسمية، ما يجعل النظام بمأمن من الانتقام الأمريكي حال تعرض قواتها أو حلفائها لهجمات أو خسائر.
وفي هذا الصدد، أعلنت شخصيات عشائرية عدة تابعة لنظام بشار الأسد في مدينة دير حافر في ريف حلب الشرقي، عن تشكيل ما يسمى “وحدات المقاومة العشائرية الشعبية”، وذلك بهدف “طرد الدخلاء المحتلين” من سوريا، وفق تعبيرها.
جاء ذلك خلال مؤتمر انعقد برعاية النظام السوري في مدينة دير حافر لشخصيات عشائرية، تحت عنوان “العشائر السورية ضد التدخل الأجنبي والأمريكي في الداخل السوري”.
وبهذا يزداد أيضاً انقسام العشائر العربية في المنطقة، والتي تشكل أكثرية لو أنها اتحدت، إلا أن العشائر توزع ولاءاتها بين واشنطن وروسيا وإيران وتركيا ونظام الأسد…، ما جعل القوات الكردية تفرض سيطرتها حتى على المناطق العربية في الجزيرة، جراء ضعف وتشتت المكون العشائري العربي.
عذراً التعليقات مغلقة