فورين بوليسي: لهذه الأسباب لن تنسحب إيران من سوريا

فريق التحرير4 يونيو 2018آخر تحديث :
ترجمة إسراء الرفاعي
رجل يرفع العلم الإيراني على قافلة مساعدات قدمتها إيران إلى شرقي دير الزور في 20 سبتمبر 2017 – Getty/AFP

ناقش الصحفي “بورزو داراغاهي” في مقالته في مجلة “فورين بوليسي” مسألة بقاء القوات الإيرانية في سوريا، برغم الضغوط الروسية والإسرائيلية عليها للانسحاب. مُعللاً ذلك برغبة طهران باسترجاع ما خسرته من أموال ودماء في سوريا. وذكر مثالاً على ذلك، “حميد رضائي” الذي قُتل مع مجموعة جنود آخرين في آخر استهداف إسرائيلي لقاعدة تي-4 في حمص. حيث يُضاف رضائي إلى أكثر من 2000 عسكري إيراني قُتلوا في سوريا منذ أن بدأت طهران بضخ أموال وموارد هائلة للدفاع عن نظام الأسد.

وأشار داراغاهي، الذي كان مسؤولاً عن تغطية شؤون الشرق الأوسط على مدى 16 عاماً، إلى أنه في الوقت الذي تضغط فيه إسرائيل على روسيا، وهي صاحبة النفوذ الرئيسية في سوريا، وعلى اللاعبين الدوليين الآخرين لإجبار إيران على مغادرة سوريا، وتهديدها بمزيد من الضربات على المواقع الإيرانية بالقرب من حدودها في مرتفعات الجولان أو في أي مكان داخل البلاد في حال بقائها، حيث أدرج وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” انسحاب إيران من سوريا كواحد من 12 شرطاً مسبقاً لإلغاء العقوبات بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي في الشهر الماضي. إلا أن مسؤولين إيرانيين وخبراء آخرين يقولون أن البلاد استثمرت الكثير من الدماء والثروة، التي وصلت إلى 30 مليار دولار حتى الآن، لتتوافق مع المطالب الدولية، بغض النظر عن الضربات الجوية الإسرائيلية، أو حتى ضغوط موسكو.

واعتبر الصحفي أنه بعد أن حققت إيران بالفعل مثل هذا الاستثمار الضخم، فإنها عازمة على جني المكاسب الاستراتيجية المحتملة على المدى الطويل التي ستقدمها سوريا، حتى لو كانت تأتي على حساب المزيد من الأرواح والمال على المدى القصير.

وقال رئيس تحرير أحد أهم المنصات الإخبارية في طهران، الذي تحدث إلى “فورين بوليسي” بشرط عدم الكشف عن هويته: “لا أعتقد أن إيران مستعدة للتخلي عن وجودها في سوريا، فهي تمنح إيران نفوذاً جيداً ضد إسرائيل. الأرض مهمة جداً، وإيران ماهرة جداً في إدارة الأرض، وهي المنطقة الوحيدة التي يكون حتى الروس فيها ضعفاء. كما أن الشخص الذي يتحكم في الأرض لا يأخذ على محمل الجد أولئك الذين لا يفعلون ذلك”.

واستطرد الصحفي في الحديث عن المواقف الرسمية، قائلاً إن إيران مصرة أن وجودها في سوريا بناءً على طلب دمشق ولن تغادر إلا بطلب منها، وقال “بهرام قاسمي”، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية: “طالما أن الأمر ضروري، وطالما يوجد إرهاب هناك، والحكومة السورية تريد منا القيام بذلك، فإن إيران ستحافظ على وجودها في سوريا وستعرض خدماتها على الحكومة السورية”، وذلك بحسب ما جاء في “بي بي سي”.

ومن جهته، قال الأسد في مقابلة تلفزيونية لقناة “روسيا اليوم” هذا الأسبوع إنه لم يكن هناك قط قوات إيرانية داخل سوريا. وقال: “لدينا ضباط إيرانيون يعملون مع الجيش السوري كمساعدة، لكن ليس لديهم قوات”.

وأشار الصحفي في معرض حديثه إلى تاريخ التدخل الإيراني في سوريا، قائلاً: “تدخلت إيران إلى جانب حليفها اللبناني، حزب الله، أصلاً في سوريا للدفاع عن نظام كان حليفاً مخلصاً لها منذ فترة طويلة في وقت كان فيه الكثير من العالم قد شطب الأسد كضحية أخرى لثورات الربيع العربي. وعلى مدى السنوات السبع الماضية، تصاعد الاستثمار الإيراني في سوريا إلى مليارات الدولارات في مساعي عسكرية واقتصادية متشابكة في بعض الأحيان. وقامت إيران بتجنيد وتدريب المجندين من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وجنوب آسيا المنتشرين في سوريا، ودفعت العديد من القتلى. ووفقاً لحسابات “منصور فارهنج”، وهو باحث مقيم في الولايات المتحدة ودبلوماسي إيراني سابق، فإن إيران أنفقت ما لا يقل عن 30 مليار دولار على سوريا في شكل مساعدات عسكرية واقتصادية. أما تقديرات “نديم شحادي”، وهي عالمة الشرق الأوسط في كلية فليتشر للحقوق والدبلوماسية بجامعة تافتس، فهي أعلى من ذلك، حيث تبلغ 15 مليار دولار سنوياً وحوالي 105 مليار دولار. إن هذا الرقم مثير للجدل سياسياً في لحظة متقلبة عندما يطالب الإيرانيون في الداخل بالمساءلة والحكمة المالية”. مشيراً إلى قول فارهنج: “لقد حققوا الكثير من الاستثمارات الاقتصادية والسياسية، ومن الصعب جداً عليهم حمل حقائبهم والعودة إلى منازلهم”.

وأوضح الصحفي في مقالته توزّع القوات الإيرانية في سوريا، حيث تنفّذ القوات الإيرانية أعمالها حالياً من 11 قاعدة في جميع أنحاء البلاد، فضلاً عن تسع قواعد عسكرية للميليشيات الشيعية المدعومة إيرانياً في محافظات حلب وحمص ودير الزور، بالإضافة إلى حوالي 15 قاعدة ونقطة مراقبة تابعة لحزب الله على طول الحدود اللبنانية، وفي حلب أيضاً. وذلك بحسب نوار أوليفر، وهو باحث عسكري في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، وهو مركز أبحاث في اسطنبول.

وقال محللون عسكريون إن إيران تخضع بالفعل لضغوط روسية لنقل القوات والميليشيات الموجودة الآن في الجنوب السوري إلى دير الزور غرب نهر الفرات. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” حذّر هذا الأسبوع من أن إسرائيل ستقوم بضرب أي محاولة من جانب إيران “لإقامة وجود عسكري في سوريا، ليس فقط في مواجهة مرتفعات الجولان، ولكن في أي مكان في سوريا”. وأكد المبعوث الإسرائيلي السابق للأمم المتحدة “دور غولد”، الذي يعمل الآن مديراً لمركز القدس للأبحاث، بأن نتنياهو لم يبالغ، بل كان يعني البلد بأكمله. ومن وجهة نظر عسكرية واضحة، إسرائيل تريد خروج إيران من سوريا، وهذا يعني أن سوريا داخل حدودها”.

لكن تدخل إيران في سوريا يتجاوز الوجود العسكري التقليدي، وقد بدأ بالفعل في زرع بذور مؤسساته المالية والإيديولوجية الفريدة. حيث تعمل مؤسسة الجهاد الخيرية الإسلامية المدعومة من إيران، إلى جانب نحو 12 منظمة أخرى مرتبطة بإيران، وكانت هذه المنظمة قد مولت ونظمت إعادة إعمار جنوب بيروت بعد حرب صيف عام 2006، تعمل الآن بالفعل على مشاريع كبيرة لإعادة بناء المدارس والطرق. والبنية التحتية الأخرى في حلب وبلدات أخرى، فضلاً عن تقديم المساعدات لعائلات الميليشيات السورية المدعومة من إيران.
المصدر فورين بوليسي
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل