عبيدة العمر – حرية برس
أغلقت كل الأبواب في وجه الشعب السوري، فلا مكان يصل إليه الفارون من الحرب والذين تقطعت بهم السبل على طرقات دمرتها طائرات الأسد وبيوت هدمتها قاذفات بوتين.
بعد إغلاق تركيا لمعبر باب الهوى الحدودي قرب مدينة سرمدا قبل عامين وإعادة فتحه وإغلاقه مرات عدة لم يعد بإمكان معظم السوريين الدخول إلى تركيا عن طريق المعبر، ما دفعهم للتوجه إلى الحل الآخر وهو دخول تركيا بطرق غير شرعية عبر طول الحدود مع محافظة إدلب. يحاول كل يوم عشرات السوريين دخول تركيا عبر نقاط التهريب المنتشرة على طول الحدود في محافظة إدلب، حيث يريد قسم منهم دخول تركيا من أجل العمل فيها والقسم الآخر يريد الاستقرار في تركيا والبعض يريدون الهجرة إلى إحدى الدول الأوروبية.
مهند الحسين شاب سوري من ريف حماة الشمالي حاول دخول تركيا قبل فترة، عبر نقطة تهريب موجودة بالقرب من مدينة حارم، تحدث لحرية برس قائلاً: “أريد دخول تركيا كي أجد عملاً، في الداخل السوري العمل قليل والأجور زهيدة، دفعت مبلغ 400 دولار أمريكي إلى المهرب ولكن حرس الحدود التركي أمسك بنا وأعادني إلى سوريا، وعندما ذهبت لاستعادة نقودي أعطاني المهرب 300 دولار وقال أن مئة دولار دفعها للجيش التركي ذهبت سدى“.
حالة مهند هي حال عشرات الشبان التي تتكرر كل يوم، حيث يريد معظمهم دخول تركيا بحثاً عن عمل، ولكن الأمر ليس سهلاً فحرس الحدود التركي ينتشر على طول الحدود ولا يسمح لأحد بالعبور.
وليس بعيداً عن حارم وبالقرب من جسر الشغور توجه عبد الله العيد يحمل حقيبته على كتفه قاصداً مملكة النمسا وهارباً من جحيم الحرب في سوريا علّه يجد أماناً هناك لم يستطع الحصول عليه في إحدى الدول العربية التي أغلقت أبوابها ونوافذها بوجه الشعب السوري. يقول عبد الله: “بعد تفكير طويل قررت الهجرة بحثاً عن المستقبل، وصلت إلى مدينة حارم ومن هناك توجهنا إلى نقطة التهريب باتجاه الغرب، ومع حلول المساء أتى المهرب وقال جهزوا نقودكم ستدخلون الآن، وبالعفل دفعت مبلغ 450 دولار واتفقنا أنه طريق مضمون للعبور إلى القرية التركية المقابلة، ولكن فجأة قال المهرب ادخلوا الآن وكان أمامنا أربع أو خمس بقرات يصدرن صوتاً عالياً، وما هي إلا دقائق حتى بدأ إطلاق الرصاص بالهواء من الجيش التركي، تم قتل الأبقار وأصيب شخصان بجروح في القدم وعدنا جميعاً إلى المهرب الذي وبّخنا وقال “والله النسوان أركض منكن”. دفع عبد الله مبلغ 12 ألف ليرة سورية وعاد إلى منزله بعد أن استرد نقوده ولكنه أكد أن المهرب رفض إعادة كامل المبالغ التي دفعها الأهالي والذين يزيد عددهم عن مئة شخص بينهم أطفال ونساء.
يسيطر المهربون على الوضع الأمني في نقاط التهريب في ظل تراخٍ واضح ومقصود من قبل الفصائل العسكرية التي تلقت عشرات الشكاوي من الأهالي بشأن عمليات اختلاس تعرضوا لها من قبل المهربين هناك، علاوة على أن المهربين يعتمدون في عملهم على أطفال لا يتجاوز عمر أحدهم 14 عاماً ويعرضون حياتهم للخطر دون رداع من أحد.
يبقى المهرّب المتحكم الأول، فهو يتقاضى مبالغ مالية ضخمة لقاء عمليات تهريب كاذبة، ويعرض حياة الناس للخطر من أجل كسب النقود، والتي غالباً ما يكون مالكها قد حصل عليها بشق الأنفس ليتمكن من دخول تركيا وتأمين لقمة العيش لأولاده.
رغم صعوبة دخول تركيا إلا أن البعض من الأهالي تمكن من دخولها عبر نقاط التهريب ولكنهم دفعوا مبالغ طائلة تصل إلى ألف دولار للشخص الواحد، وهو يؤكد أن المهربين هم سادة الموقف فمن يدفع أكثر يدخل أولاً. ووجب التنويه أن “حرية برس” تواصل مع أحد المهربين ورفض رفضاً قاطعاً الإدلاء بأي تصريح.
Sorry Comments are closed