تشكل الغابات الاستوائية المطيرة في جنوب شرق آسيا موطناً لعدد لا يحصى من النباتات والحيوانات، وعلى متن أشجارها يسكن جنس فريد من النمل يدعى «النمل المتفجر» وسمي بهذا الاسم نسبة إلى سلوكياته الدفاعية الفريدة.
ووفقًا لموقع «نيكست أوبزيرفر» عندما تهدد حشرات غريبة مستعمرات هذا الجنس الفريد، يتدخل عمال المستعمرة، ويهرعون نحو أعدائهم، وينحنون على أنفسهم ضاغطين على عضلات بطنهم بقوة كافية لتمزيق أجسادهم فيموتون لكنهم يطلقون من غددهم الميتة سائلاً لزجا ساماً يودي بحياة الأعداء أو يبعدهم، ويبدي العمال الصغار في مستعمرات النمل المتفجر استعداداً للانفجار دفاعاً عن مستعمرتهم، ويتمتع باقي أفراد المستعمرة بمهارات خاصة، فالعمال الكبار كالحراس مثلاً يمتلكون رؤوساً كالسدادات تمنع الدخلاء من اختراق المستعمرة.
ذُكر هذا السلوك الفريد للمرة الأولى في عام 1916، وسمّى العلماء أجناس النمل التي تظهر تلك السلوكيات بالنمل المتفجر نسبة إلى سلوكياتها الدفاعية، واسمها العلمي هو «كولوبوبسيس سليندركا» ولم تكتشف أنواع تنتمي لهذا الجنس منذ عام 1935، ويرجع هذا إلى نقص الأدلة، واستمر الأمر هكذا حتى عام 2014 عندما تضافرت جهود فريق بحثي متعدد الاختصاصات من النمسا وتايلاند وبروناي، ويقودهم إعجاب شديد بسلوكيات الحشرات الاستثنائية، وأبرزها سلوك «أوتوثوسيس» الذي تضحي فيه الحشرة بحياتها تحقيقاً لهدف محدد، وضم الفريق علماء حشرات وكيمياء ونبات وأحياء دقيقة من متحف التاريخ الطبيعي والجامعة التقنية في فيينا وجامعة الموارد الطبيعية وعلوم الحياة في فيينا وجامعة بروناي دار السلام.
واستطاع الفريق التعرف على 15 نوع ينتمي إلى جنس النمل المتفجر كان أحدها نوعاً جديداً، وذلك وفقاً لمجلة «زو كيز» التي نشر فيها هذا الاكتشاف، وسمي النوع الجديد باسم «كولوبوبسيس إكسوبلودينز» وحمل الاسم المستعار «النمل اللزج الأصفر» نسبة إلى إفرازاته الصفراء القاتلة، ووصف الفريق النوع على أنه «أكثر ميلاً إلى التضحية بذاته عندما يشعر بتهديد مفصليات الأرجل، أو المتطفلين.»
وينظر إلى هذا النمل بصفته نوعاً نموذجياً، ما يعني أنه سيمثل نقطة مرجعية مهمة في الدراسات المقبلة، وصرح الفريق أنهم حالياً بصدد نشر ما توصلوا إليه بشأن سلوكيات هذا النوع، وتركيبه الكيميائي، وتفاصيله المجهرية والتشريحية، ومن المتوقع أن تصدر شروحات أخرى عن باقي الأنواع مستقبلاً.
وخلال بعثتهم في بروناي عام 2015، نجح عضوين من الفريق هما أليكسي كوبشنسكي وأليس لاسيني في مراقبة الملكات والذكور خلال موسم التزاوج، ثم أخذوا العينات الأولى من ذكور هذا النوع، وأنشأ الفريق سجلاً لأنشطة النمل، وأجروا التجارب الأولى على سلوكياته الانفجارية وأنواع طعامه.
لجنس النمل المتفجر دور مهام في الغابات المطيرة، غير أن تكوينه ما زال يكتنف أسراراً كثيرة، وستمهد التجارب الطريق أمام الأبحاث القادمة، وقد تكشف تفاصيل أكثر عن هذه الحشرات الانفجارية الغامضة.
عذراً التعليقات مغلقة