انتقد الكاتب مارك أ تيسين، في مقالة له بصحيفة الواشنطن بوست، إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نيّته الانسحاب من سوريا، محذّراً من “تكرار سيناريو الرئيس السابق، باراك أوباما، الفاشل بالانسحاب من العراق”.
وذَكّر الكاتب الأمريكي بتصريحات لترامب خلال حملته الانتخابية عام 2016، حين انتقد قرار أوباما بالانسحاب من العراق، معتبراً أن “هذا القرار كان سبباً رئيسياً لتأسيس تنظيم الدولة الإسلامية”.
كان ترامب على حقّ -يقول الكاتب- في نقده لأوباما؛ موضحاً: “فقد خلق الانسحاب من العراق فراغاً شغله تنظيم الدولة بسرعة، فلماذا يهدّد ترامب الآن بالانسحاب من سوريا وتكرار خطأ أوباما؟”.
وأضاف أن ترامب أعلن مؤخّراً أنه يريد سحب قوّاته من سوريا، مستعرضاً ما قاله الرئيس الأمريكي حول سبب هذا الانسحاب: “لأننا كنا ناجحين جداً في الحرب على داعش وحان الوقت لترك سوريا للآخرين للاعتناء بالأمر هناك”.
واستطرد الكاتب الأمريكي قائلاً: “هذا هو الأساس المنطقي الذي ساقه أوباما وقتها عندما سحب القوات من العراق. كان المسلّحون قد طُردوا من معاقلهم، وبحسب مدير وكالة المخابرات المركزية آنذاك، جون برينان، لم يكن لديهم سوى ما يقرب من 700 مسلّح، لذا جاء قرار أوباما بالانسحاب”.
وتابع: “قرار الانسحاب من العراق سمح للمسلّحين بتجميع أنفسهم من جديد وتشكيل تنظيم الدولة، هذا ما وصفه ترامب بالخطأ الكارثي”.
وأشار إلى أن “ترامب يكرّر الآن ذات الخطأ. إنه يقول إن تنظيم الدولة تمت هزيمته، لكن الحقيقة أن التنظيم ليس مهزوماً، فقد عاد من جديد، وتحوّل من مجرد تمرّد إلى شبكة إرهابية لها تأثير عالمي”.
وقال: إن “تنظيم داعش ليس هو التهديد الوحيد في سوريا، هناك أيضاً القاعدة، ولها عدة فروع في سوريا، ويُعتقد أنها ستحلّ محلّ تنظيم داعش”.
واستند إلى دراسة لمعهد الحرب قال إنها تفيد بأن “القاعدة أكثر خطورة من داعش، على الرغم من أنهم يتشاركون في نفس الأهداف، ومن ضمن ذلك نية مهاجمة الغرب وتدميره”.
لكن الكاتب يرى أن تنظيم القاعدة أقلّ تركيزاً على تطوير الخلافة من ناحيتها المادية.
ويرى الكاتب أيضاً أن “انسحاب ترامب من سوريا الآن سوف يترك للقاعدة ملاذاً، وأن الانسحاب يمكن أن يعجّل بعودة تنظيم الدولة مرة أخرى”.
مارك أ تيسين أشار إلى أن “إدارة ترامب نجحت في إخراج داعش من معاقله، وذلك بالتعاون مع مليشيات كردية محلية، رأت فيها تركيا تنظيمات إرهابية، ومن ثم فإن الانسحاب الآن سيفتح المجال واسعاً أمام تركيا لملاحقة تلك القوات الكردية؛ ومن ثم السماح لتنظيم الدولة بإعادة تنظيم صفوفه مرة أخرى والعودة إلى معاقله”.
هذا ليس كل شيء، يقول الكاتب، وإنما سيخلق الانسحاب الأمريكي من سوريا الآن فراغاً على غرار ما حصل في العراق، وهو فراغ يمكن أن تملأه إيران وحزب الله وروسيا ونظام بشار الأسد.
وأضاف: “فمن المتوقّع أن تُصعّد دمشق وحلفاؤها من حربهم على المعارضة وارتكاب المزيد من الجرائم الوحشية، ومن ذلك استخدام غاز الكلور، وكل هذه أسباب قد تقود الشباب السنّة في تلك المناطق إلى التطرّف والالتحاق بالقاعدة، وذلك يمكن أن يؤدّي إلى ظهور أزمة لاجئين جديدة”.
وأضاف: إن “الانسحاب على شاكلة ما فعله أوباما بالعراق يمكن أن يسمح لإيران بمزيد من الوجود العسكري الضخم في سوريا، خاصة في مناطق الجنوب الغربي، ما قد يؤدّي إلى إشعال حرب كارثية مع إسرائيل، فما الذي يتوجّب على إدارة ترامب أن تفعله؟”.
يجيب الكاتب عن تساؤله بأنه “يجب الحفاظ على وجود أمريكي في سوريا لتأمين المكاسب التي حقّقتها القوات الأمريكية وحماية الحلفاء الأكراد، ومنع عودة تنظيم داعش، وأيضاً ملاحقة القاعدة، ويجب أيضاً منع إيران من ترسيخ وجودها في سوريا، وتوسيع قاعدتها العسكرية وتهديد إسرائيل”.
وختم قائلاً: إنه “على المدى الطويل يجب العمل على فصل السكان السنّة عن القاعدة من خلال إيجاد شركاء سنة متحالفين مع أمريكا ضد السلفية الجهادية”.
عذراً التعليقات مغلقة