مع استمرار التهجير والنكسات والخيبات التي يتلقاها السوريون الذين ثاروا ضد العصابة الحاكمة في سوريا وطالبوا بالحرية والعدالة والكرامة للمواطن، وفي ظل الصمت المطبق من المجتمع الدولي على جرائم الأسد وكانت أخرها تهجير أهالي الغوطة الشرقية، وكأن لا شيء يحدث، ومع استمرار ارتهان معظم الفصائل المسلحة لأجندات إقليمية ودولية يأتي حديث محمد بن سلمان ولي عهد السعودية على الإعلام الغربي ليعلن بالخط العريض ان بشار الأسد باقٍ ويتمنى أن لا يصبح لعبة في يد الإيرانيين!
وإذا كان “دعاة الواقعية السياسية” يرون في تصريح ولي العهد السعودي إقراراً بالواقع فإنه من وجهة نظر من يعتقد بالمنطق هو دون أدنى شك هزيمة للتفكير السليم، خاصة أن المجازر التي ترتكب بحق السوريين تجري بكل وضوح على يد مليشيات طائفية جلبها الإيرانيون، وحتى الطفل الصغير يدرك أن الأسد لم يكن ليستمر في حكمه وجرائمه وتهجيره للسوريين دون دعم إيراني مباشر، بات يمنح الإيرانيين السيطرة المباشرة على دوائر اتخاذ القرار في نظام الأسد.
وأمام هذا التغير الخطير في الموقف السعودي بات من حق السوريين الذين كانوا يعتبرون السعودية حليفاً للثورة، أن يتساءلوا عن مصير تصريحات وزير خارجية السعودية عادل الجبير أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة بأن الأسد راحل ولو كان بالخيار العسكري!
إدارة السعودية للملف السوري لم تتغير بشكل مفاجئ، فالسعودية سارت مذ أكثر من عام على منهج مغاير تماماً لتصريحات الجبير الشهيرة، ولا أدل على ذلك من خطوة عقد مؤتمر الرياض الأول وتشكيل الهيئة العليا للتفاوض، وجاء مؤتمر الرياض الثاني وإعادة تشكيل هيئة التفاوض ودمج منصات موسكو والقاهرة بالهيئة للتأكيد أن الرياض تتوجه بوضوح لاسترضاء روسيا بذريعة تطويق النفوذ الإيراني في سوريا، دون الاكتراث لشرط موسكو بضمان بقاء الأسد في السلطة.
وإذا كان التغير في الموقف السعودي يشكل ضربة موجعة في ظهر الثورة وقواها وأحرارها، فإنها لن تكون الضربة القاتلة لطموح شعب ضحى بالغالي والنفيس، ورفض طيلة 7 سنوات الاستسلام للأسد والرضوخ له ولحلفائه بأي شكل من الأشكال، فالسوريون الذين تذوقوا طعم الحرية ولو لفترة مؤقتة لن يتخلوا عن مطالبهم مهما كانت الضغوط، وإذا انهزم جيل منهم في معركة اليوم فالأجيال التي ولدت وعاشت الثورة وشاهدت ما تفعله المليشيات الطائفية ومرتزقة إيران وروسيا بالسوريين لن تقبل أن تخسر حرب الحرية والاستقلال.
وأمام هذا الواقع الجديد بات على السوريين بكافة أطيافهم وتشكيلاتهم إعادة ترتيب بيت ثورتنا الداخلي وأن يطردوا كل متخاذل ومتاجر بقضيتهم، ولا سيما أولئك الفاشلين المهزومين داخلياً الذين يتمسكون بمواقعهم في مؤسسات المعارضة وقيادة الفصائل المسلحة، ويأتي في طليعة الخطوات المطلوبة بشدة الآن القيام بكل ما يلزم لإسقاط مؤسسات المعارضة المتخاذلة والعاجزة عن تمثيل أهداف الثورة ولا سيما هيئة التفاوض التي تم اختراقها بشخصيات هي أقرب لنظام الأسد منها للثورة، وبات قادتها عبئاً على الثورة السورية وقضيتها العادلة، وتحولوا إلى مجرد مغردين على تويتر عاجزين عن القيام بأي فعل يدعم ثورة السوريين ويخفف معاناتهم المستمرة منذ 7 سنين.
عذراً التعليقات مغلقة