بسام عمر ـ دوما ـ حرية برس:
تعاني مدينة دوما في الغوطة الشرقية من عدم وجود أبنية صالحة للسكن تستوعب النازحين إليها من باقي مناطق الغوطة التي سيطرت عليها قوات الأسد خلال حملتها العسكرية على المنطقة.
ويبلغ عدد سكان مدينة دوما نحو 120 ألفاً، فيما يبلغ عدد المهجرين فيها نحو 65 ألف مهجر من بلدات بيت سوى وأوتايا ومسرابا والريحان ومدينة دوما، والذين أجبروا على النزوح إليها إبان الحملة العسكرية الشرسة التي شنتها قوات الأسد وروسيا على الغوطة الشرقية، في ظل حصار خانق تسبب في تدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية.
وقد تسبب الحملة في تدمير أجزاء كبيرة من مدينة دوما مما جعل معظم أبنيتها غير قابلة للسكن، وبالتالي عدم استيعاب هذه الأعداد الكبيرة من المهجرين الذين بحاجة إلى مأوى، حيث اضطر العديد منهم إلى اللجوء إلى ذويهم وأقاربهم الذين أصبحوا يقطنون في الأقبية والملاجئ نتيجة الدمار الهائل الذي حل بالمدينة.
يُشار إلى أن هذه الأقبية يتقاسمها معهم أهالي البلدات الأخرى والذين لا مكان لهم في الأساس داخل المدينة والذين لا يملكون شيء حالياً سوى ملابسهم التي يرتدونها، ما يزيد الوضع سوءاً، بالإضافة إلى أن تلك الأقبية غير مجهزة لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة في ظل غياب الكهرباء والماء والتواصل مع العالم الخارجي، كما لا يتواجد فيها إلا حمام واحد.
وأصبحت هذه الأقبية هي الملجأ الوحيد للمدنيين في ظل القصف، فضلاً عما يعانونه من جوع نتيجة الحصار وعدم القدرة للوصول إلى الأراضي الزراعية لتأمين قوت يومهم نتيجة سيطرة قوات الأسد.
يقول “عمار” -البالغ من العمر 20 عاماً- لحرية برس: استطعت سحب 20 رأس من الغنم من أصل 270 رأس والوصول بهم إلى دوما وقد بعتها كلها في يوم واحد وبسعر بخس لعدم توفر مكان لهم وعدم توفر العلف”.
كما أن السكان المحليين أيضاً ليسوا أكثر حظاً منهم حيث غالبية محالهم ومتاجرهم أصبحت ركاماً، فضلاً عن عدم استطاعة أصحاب المحال بمزاولة أعمالهم الاعتيادية خوفاً من بطش قوات الأسد التي تستهدف المدينة من وقت لآخر بالقذائف الصاروخية، مخلفةً عشرات الشهداء والجرحى.
قلة المواد الغذائية وعدم تحكم المسؤولين بالأسعار
أما عن المواد الغذائية الرئيسية والتي نادراً ما توفرت وبأسعار باهظة، باتت متوفرة في الوقت الحالي بأسعار متقلبة فحيناً تجد السكر ب 4000 وحيناً ب800 ليرة سورية على سبيل المثال، وذلك مع غياب تام لأي هيئة تضبط الأسعار أو تحاسب المتحكمين بالسوق التي أصبحت تشابه السوق السوداء، حيث لا يمكن التنبؤ باستقرارالأسعار ولا حتى معرفة مصدر الارتفاع والهبوط، في الوقت الذي يشهد فيه سعر صرف الدولار استقراراً نسبياً بعد هبوط عنيف، ليعود إلى معدله الطبيعي في حين وصل منذ مدة الى 400 ليرة سورية للدولار الواحد، أما اليوم يتفاوت بين 435-440 مع غياب تام لسوق الذهب وانهيار التجارة الزراعية التي كانت اللبنة الرئيسية للدورة الاقتصادية في الغوطة بشكل عام.
توتر واحتجاج الأهالي حول مصيرهم المجهول
فضلاً عن ذلك كله، ما يعانيه المدنيون في دوما من ضغط نفسي نتيجة انتظار مصيرهم المجهول، في ظل توارد الإشاعات حول استسلام جيش الإسلام أو عدم استسلامه، والمفاوضات مع الروس، والتهديدات التي تطلقها قوات الأسد باللجوء إلى الحل العسكري واقتحام المدينة، في حال عدم خضوع المدينة لشروطها بالاستسلام والتهجير.
الأمر الذي فاقم الوضع و أثار البعض ودفعهم بالخروج في مظاهرة تطالب بإخراج المعتقلين من سجون جيش الإسلام، ووضع الأهالي بصورة ما يجري وما سيكون مصيرهم، لتصل هذه المظاهرة إلى أحد المقرات العسكرية التابعة لجيش الإسلام، و يقوم بعض العناصر باطلاق النار بالرصاص الحي في الهواء لتفريق المظاهرة واعتقال أحد الشباب الذي كان يصور المظاهرة، وعلى خلفية ذلك قام المتظاهرون بالاشتباك بالأيدي مع بعض العناصر للمطالبة بإخراج المصور ومحاسبة مطلق النار على التظاهرة.
في الوقت الذي ادعى فيه عناصر المقر أن الشاب تابع لجيش الإسلام وسيقومون بتحوليه إلى مقره بعد مصادرة الهاتف ومسح ماقام بتصويره، وعقب جدال طويل وصل أحد الشرعيين الذي أطفئ غضب المتظاهرين وقام بمرافقة أمهات وزوجات المعتقلين إلى اصحاب الشأن والبحث في وضعهم، ووعد بإخراج كل من ليس عليه دم أو ذمة لآخرين.
كما طالب المتظاهرون بترشيح 10 شبان للحديث مع القيادة و نقل مطالبهم، وبالفعل رافقه الشبان وتم فض التظاهرة بهدوء.
من جهته أكد مصدر محلي أن جيش الإسلام لا علاقة له بالمفاوضات وأنه متعاون مع لجنة التفاوض بما يتطلب منه الأمر، وأنه على أتم الاستعداد لأي تحرك عسكري إذا تتطلب الأمر، لكن ما يسعى إليه هو عدم تهجير الاهالي والحفاظ على سلامة المدنيين.
وأكد المصدر ذاته أن نظام الأسد يقوم ببث الفتن عبر عملائه من داخل المدينة، وعبر الإعلام بهدف إحباط الأهالي والتضييق عليهم، مضيفاً أن الروس هم من طلبوا تمديد المفاوضات، وأن وقف إطلاق النار قيد التنفيذ طيلة فترة التفاوض، وهو مالم يلتزم به الجانب الروسي، حيث قامت قوات الأسد بقصف الأحياء السكنية.
وبين انتظار قرار المفاوضات وبين خروج دفعات المهجرين من القطاع الجنوبي للغوطة يزيد ضياع أهالي مدينة دوما وحيرتهم ولا توجد على ألسنتهم سوى قصة واحدة ماهو مصيرنا .
Sorry Comments are closed